الشوف ــ أميمة زهر الدين
تدخل شمعرين فتظنها خالية، خمسة منازل وكنيسة. يلاقيك نباح كلب يحمي الديار يرافقه بضع دجاجات تسرح بطمأنينة. تطل عليك سيدة في العقد الرابع من عمرها لتخبرنا أنها وحدها وأمها المريضة في شمعرين أما الباقون فيأتون في عطلة الأسبوع.
تقع بلدة شمعرين في وادي بلدة دير القمر الشوفية متّكيةً على كتف الجبل. وتتألف منطقة وادي الدير من عدة قرى صغيرة منها بنويتي، وادي بنحليه، سرجبال وشمعرين حيث لقبت المنطقة بالودايا.
شمعرين قرية شوفية صغيرة مساحتها حوالى 200 ألف متر ولا يتعدى عدد منازلها خمسة منازل، إضافة الى كنيسة مار شليط التي أعادت إعمارها البعثة البابوية حيث تم تدشينها عام 2003.
حسب معجم معاني القرى والمدن، فشمعرين تعني أعالي وسفوح المغاور. تدخلها وكأنك تدخل العصور القديمة فلا كهرباء ولا آبار مياه ولا طرقات. تربطها ببلدة بنويتي طريق ترابية وعرة تزيد مسافتها على الكيلومترالتقينا بأسعد رشيد القزي من بلدة شمعرين فأفادنا أنه منذ مدة طويلة تتجاوز 150 سنة أتى أجدادهم الى هذه الأرض وأقاموا فيها وكانوا أربعة، واليوم يقطنها أولادهم وأحفادهم وهم أربع عشرة عائلة من بيت القزي، ثماني عائلات من بيت هاشم وأربع عائلات من بيت أبو رجيلي. واليوم هناك فقط ديب القزي وأمه وأخته يعيشون فيها بشكل دائم، أما الباقون فيأتون في العطل الأسبوعية.
طالب أهالي شمعرين المراجع المعنية عدة مرات بتزفيت الطريق التي شقت جمعية كاريتاس مسافة منها، من الطريق العام الى النهر، أما المسافة بين النهر وشمعرين فشقتها البعثة البابوية بمساعدة الأهالي. كما ساهمت البعثة البابوية أيضاً في إقامة جسر فوق النهر بين بنويتي وشمعرين، وشراء مولد كهرباء عام 2000، وترميم كنيسة مار شليط التي تم تدشينها في قداس احتفالي عام في تشرين الأول عام 2003.
على الرغم من إقامة هذه العائلات في بلدة شمعرين فهم لا يملكون الأرض التي بنوا عليها منازلهم منذ أكثر من مئتي سنة فالأجداد أتوا ووضعوا يدهم على تلك الأراضي. بنوا منازلهم وأقاموا فيها ليأتي أبناؤهم من بعدهم فيكملوا الطريق. كل منزل من منازلها يسكنه ثلاث أو أربع عائلات. يأتون إليها في العطل هرباً من ضجيج المدينة على الرغم من عدم تأهيل طريقها وحرمانها من الكهرباء أبسط شروط الحضارة المدنية، فالهواء الذي تتنشقه في شمعرين لا يعرفونه في المدن.
ولكن هل من المسموح أن تصم الدولة آذانها عن مطالبة أهاليها بأبسط حقوقهم المدنية من توافر الكهرباء وتأهيل الطرقات؟