شمسطار ـــ رامح حمية
بفكر علمي وإرادة صلبة لم يراودها اليأس يحضن أحمد أبي رعد براءات اختراعه، مصراً على الابتكار والإبداع في ظل التجاهل اللبناني والعربي لاختراعاته الثلاثة عشر، وليبقى الاهتمام بها حكراً فقط على الدول الأجنبية.
أحمد أبي رعد مهندس صناعي (إلكترو ــــــ ميكانيك) ابن بلدة شمسطار في غربي بعلبك، ولد عام 1950 وتميز منذ نعومة أظفاره بشغفه للعلم، وللمواد العلمية خاصة، ونجح في أيلول 1974 بالحصول على أول براءة اختراع لـ«عداد كهربائي» يعطي كمية الكهرباء المستهلكة وقيمتها المادية. ويشير المهندس أبي رعد إلى أن هذا العمل هو باكورة اختراعاته المسجلة، وقد نُفِّذ في العراق، بعد أن اشترته المنشأة العامة للصناعات الكهربائية. أما «طباخ القهوة المرّة المعلّلة»، فكان الاختراع الثاني، واشتراه العراق أيضاً ونفّذه. كرّت سبحة الاختراعات عنده وتوالت، ففي عام 1986 أنجز جهاز إنذار متكاملاً ثم جهاز كمبيوتر زراعي يعمل على تنظيم عمليات الري بحسب حاجة النباتات والأشجار، وهو يساعد ــــــ إذا ما استعمُل ــــــ على ترشيد استخدام المياه دون هدرها.
عام 1999 اخترع أبي رعد «ستور أباجور» للشبابيك، وهو عبارة عن برداية وأباجور مقوى للطوابق الأرضية، بحيث لا يمكن خلعه أو كسره، وهو متحرك أيضاً فيمكن التحكم بمقدار دخول الهواء وأشعة الشمس. أما اختراعه السادس فكان عبارة عن آلة لصنع الألبان والأجبان، والسابع هو نظام للتمديدات الكهربائية، في حين أن الثامن والتاسع كانا آلات لصنع البنية التحتية للأسقف المستعارة، وتصاميم ماكينات لتصنيع الأسقف المستعارة من جفصين وبلاستيك.
اختراعات المهندس أبي رعد تعدّت الأمور المدنية لتصل إلى العسكرية التي يعتبر أنها «تمت تجربتها وأعطت نتائج إيجابية وبدرجة جيدة جداً»، لكنه اعتذر عن البوح بها وبماهيتها. أما اليوم فيقول: «أنا أعمل على اختراعين جديدين، الأول عن «التصنيع الغذائي من دون حاجة إلى مواد حافظة» والثاني «إنتاج الطاقة باستغلال الرياح والطاقة الشمسية» وهو ما يراه الأهم الذي سيشكل ثورة فيما لو حلّ مشكلة الكهرباء المستعصية في لبنان». ويتابع أبي رعد: «أعمل أيضاً على تنفيذ دراسات فنية للتطوير التكنولوجي للإنتاج، وجداوى اقتصادية من أجل إنشاء مؤسسات وشركات، بالإضافة إلى تصميم بعض المكتبات الصناعية، كما ألفت العديد من الكتب العلمية في الكهرباء والميكانيك والإلكتروميكانيك، التي لاقت رواجاً في الدول العربية».
وعن المشاكل التي تواجه المخترع في لبنان يقول أبي رعد: «القانون اللبناني لا توجد فيه الشفافية التي تحمي المخترعين، وبراءات اختراعاتهم، فكل الدول العربية بما فيها سوريا والعراق لديها مديريات للرعاية العلمية، إذ يهتمون بكل التفاصيل الخاصة بالمخترعين (النماذج الصناعية والمصاريف الخاصة بالتجارب...). وأوضح أن عدد براءات الاختراع المسجلة في لبنان كفيلة بالمساعدة في سد العجز، وأن أي اختراع يعطي للدولة أرباحاً لا تقل عن المليون دولار. وأشار إلى أن «المشكلة الأساس هي في عدم وجود أي جمعية تعنى بأمور المخترعين، وأن وزارة الاقتصاد الوطني تمنّعت عن المساعدة في إنشاء الجمعية، إذ لم توفر أسماء سبعة مخترعين مسجّلين لديها في مكتب حفظ الملكية، وهو العدد المطلوب لإنشائها».
ابي رعد أكد أن اليأس لن يدخل قلبه وإرادته، وأنه عندما اخترع لم يفكر بالأمور المادية بل بالمنفعة العامة، واعترف بأنه رفض أخيراً عرضاً أميركياً سخياً يقضي بشراء جميع اختراعاته، لقناعته الثابتة والراسخة بأحقية العرب بهذه الاختراعات.
يرى أبي رعد أن «لبنان هو الأجمل والأرقى بين دول العالم، وأرفض الخروج باختراعاتي من دائرة العالم العربي حتى لو بقيت حبراً على ورق. فهل ينصف لبنان والعالم العربي هذا الإبداع البقاعي ـــــــ اللبناني؟!».