إبراهيم عوض
لجنــة قانونيــة تــدرس القضيــة «وحــزب اللــه» في صــدد بلــورة فكرتــه عنهــا أحدث إعلان الرئيس عمر كرامي مباشرته إعداد مذكرة ستقدم إلى مجلس الأمن لضم جريمة اغتيال شقيقه الرئيس رشيد كرامي إلى الجرائم التي ستنظر فيها المحكمة الدولية هزة سياسية لدى فريق 14 آذار وأحرج عدداً من قادته بشكل خاص. «الأخبار» سألت نواباً من الأكثرية والمعارضة رأيها في الموضوع

ما إن اعلن الرئيس عمر كرامي عزمه على إعداد مذكرة لرفعها إلى مجلس الأمن يطلب فيها ضم جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي إلى الجرائم التي ستنظر فيها المحكمة الدولية حتى أثيرت حفيظة عدد من قادة 14 آذار الذين راحوا يتساءلون عن كيفية قبول المعارضة بمثل هذا الطرح، في وقت تتحدث عن وجود مخاوف لديها من أن يتسع عمل المحكمة ليشمل حوادث وقعت قبل جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وكان وزير الإعلام غازي العريضي أول من علّق على الموضوع في حديث إذاعي حيث قال بأنه «لا يمكن فتح باب المحكمة الدولية، على أي موضوع آخر. فالذين يطالبون بإدخال بعض الجرائم إلى عمل المحكمة قبل محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة قد يدخلون المحكمة في هذا النفق وفي الاتجاه الذي يثير مخاوف وهواجس عند الآخرين. ولسنا نحن من فعل ذلك، بل في نص المحكمة ودورها المحصور في هذه الجرائم»، لافتاً إلى أنه «في فترة الحوار مع الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله كنّا أوّل من أصرّ على هذه المسألة».
كيف سيتعاطى فريق الأكثرية مع مطلب كرامي في حال مضيّه فيه إلى أروقة الأمم المتحدة؟ وما هو ردّ المعارضة على من غمز من قناتها في هذه المسألة؟
«الأخبار» استطلعت رأي نواب من الفريقين، وجاءت الحصيلة كالآتي:
النائب سمير الجسر يرى «أن القصد من وراء موقف كرامي سياسي»، مستغرباً طرحه هذا الموضوع «بعد أن صدر حكم مبرم في جريمة اغتيال شقيقه الرئيس رشيد كرامي، وبات يعلم من كان وراءها. ومن هنا يبدو أن الرئيس كرامي وكأنه يناقض نفسه». وأوضح الجسر أنه يكتفي بهذا الرد المقتضب «ريثما يتبيّن له ما سيطرحه كرامي».
بدوره، لم يشأ النائب عمار الحوري الإفاضة في الحديث عن هذه القضية باعتبار أن الرئيس كرامي «لم يقل كلمته الأخيرة بعد». إلا أنه لفت إلى وجود عنوانين أساسيين. الأول: انه «ما من أحد يعارض الوصول الى الحقيقة في أي أمر كان». والثاني أن «العودة الى الوراء ونبش الماضي يعنيان الدخول في اتفاق الطائف الذي طوى صفحة الحرب. كما إن الرئيس كرامي نفسه قال إنه يدرس القضية بعمق لعلمه بأنها ليست بهذه البساطة».
النائب فؤاد السعد أكد أن الرئيس الشهيد رشيد كرامي «شخصية وطنية كبيرة وهو شهيد لبنان، وكلنا يعرف كيف استشهد ومن حق شقيقه الرئيس عمر كرامي أن يطلب ما يريد. إلا أن على الأمم المتحدة أن تقرر كيفية التعامل مع هذا الطلب».
وفيما أشار السعد الى أن قضية الرئيس رشيد كرامي «مثلها مثل قضية الرئيسين رينيه معوض وبشير الجميل والزعيم كمال جنبلاط وغيرهم»، أوضح أن «توجه الرئيس كرامي لإحالة قضية شقيقه على المحكمة الدولية يحملنا على فتح الباب واسعاً أمام العديد من جرائم الاغتيالات التي حصلت في الماضي بدءاً باغتيال الصحافي سليم اللوزي».
النائب الياس عطا الله تساءل «كيف تقبل المعارضة السير بهذا الاتجاه في وقت تبدي فيه تخوفها من أن تعمد المحكمة الى فتح ملفات سابقة؟». كما استغرب «ما طلع به كرامي خصوصاً أن محاكمة جرت في قضية اغتيال شقيقه وصدرت فيها أحكام عبّر يومها عن رضاه عنها»، مشيراً الى «أن المجلس النيابي هو الذي قام بعد ذلك بالعفو عن الدكتور سمير جعجع».
وذكر عطا الله أن «ما يسعى إليه كرامي يتطلب إجراءات وأسساً، عليه اعتمادها» متمنياً «ألّا يتم استغلال مسائل بهذا الحجم على قدسيّتها لأغراض سياسية»، منتقداً «من يحذّر من تسييس في وقت لا ينفك فيه عن إطلاق الأفكار التي تفوح منها رائحة السياسة». وسأل «ما إذا كان ذلك يرضي «حزب الله» ويجعل أبواب المجلس النيابي مشرّعة لتشمل مناقشاته مثل هذه الأفكار والقضايا».
النائب حسين الحاج حسن أوضح أن «حزب الله» في صدد بلورة فكرته عن الموضوع. وردّ على مزاعم الأكثرية بوجود مخاوف لديه من العودة الى ملفات قديمة بالقول «نحن لا نخاف من شيء».
واعتبر النائب علي خريس أن «من حق الرئيس كرامي أن يثير قضية شقيقه الذي اغتيل وهو رئيس حكومة كل لبنان»، معتبراً أن «الكلام عن مخاوف وغيرها لا معنى له ما دام الرئيس عمر كرامي قد حصر القضية بجريمة الاغتيال وحدها».
وتمنى النائب مروان فارس على الرئيس عمر كرامي «المضيّ في مطلبه حتى النهاية، خصوصاً أن الهدف منه إظهار الحقيقة ومعاقبة المجرمين، علماً بأن الحقيقة ظاهرة في جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي، وهي تتطلب الاقتصاص من المجرم». وقال فارس: «إذا كانت جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد هزت لبنان، فإن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي قد فعلت الشيء نفسه ووضعت سمير جعجع في السجن طوال أحد عشر عاماً». ورأى أن طرح قضية الشهيد كرامي على المحكمة الدولية «يعني تبنّياً لهذه المحكمة»، مطالباً الأخيرة «برفع لواء العدالة ومحاسبة المجرمين بحق لبنان وهم كثر».
وترى أوساط سياسية متابعة أن الرئيس كرامي الذي كلف لجنة قانونية لدراسة الموضوع، «تمكّن من تحقيق اختراق سياسي في صفوف الأكثرية التي عملت على احتكار الشهادة وتصنيف الشهداء إلى درجة جعلت من مرتكب الجريمة «نجماً واعظاً» ترفع له شارة النصر على باب البرلمان».