اتسمت خطب الجمعة التي ألقيت من على منابر المساجد أمس بإطلاق التحذيرات في أكثر من اتجاه، انطلاقاً من واقع لبنان المنقسم بين «فريقين، لا ثقة بينهما»، ابتداءً بوسائل الإعلام التي يتحكّم بها «دعاة السوء والعصبية والتحدّي»، ومروراً بـ«التراشق بالخضوع للوصاية»، وصولاً إلى «قتل» الدستور وجعله «ألعوبة» في أيدي البعض.وأشارت بعض الخطب إلى ضرورة الحوار بين المسؤولين للوصول إلى حكومة وحدة وطنية ومحكمة ذات طابع دولي «غير سياسية»، انطلاقاً من أن الوحدة الوطنية هي المدخل الأساسي لعودة لبنان «وطناً موحّداً لبنيه، لا للقوى الخارجية القريبة أو البعيدة».
فقد ثمّن العلامة السيد محمد حسين فضل الله المواقف التي تلت حادث اغتيال الشهيدين زياد قبلان وزياد غندور، وتحديداً منها ما صدر عن القيادات والأحزاب والطوائف التي «ارتفعت إلى مستوى المسؤولية في رفض السير مع مثيري الفتنة التي، إذا انفتحت على الحرب الأهلية، ستحرق الأخضر واليابس، ولن توفر قيادة أو حزباً أو طائفة، وسيسقط الهيكل على رؤوس الجميع».
وحذّر فضل الله من كون المشكلة في لبنان «أصبحت في موقع الخطورة بحيث لا تحتاج إلى حادث جديد في حركة المأساة وفي مناخ الفتنة»، مشيراً إلى أن «البلد منقسم إلى فريقين، لا يملك أحدهما الثقة بالآخر»، في ظل «التراشق بالخضوع للوصاية، على مستوى الواقع الإقليمي للبعض، وعلى مستوى الواقع الدولي للبعض الآخر».
وإذ دعا القائمين على شؤون البلد الرسمية والسياسية إلى «أن يدرسوا المرحلة الصعبة التي يمر بها الوطن، وأن يستنفدوا الوسائل السياسية في اللقاء العملي على أساس إعادة الحوار، من خلال الخطة التي تؤدي إلى حكومة وحدة وطنية لا تزرع الألغام في داخلها، وإلى محكمة ذات طابع دولي لا ترتكز على عناوين سياسية داخلية أو خارجية»، أكّد فضل الله أن الوحدة الوطنية هي المدخل لعودة لبنان «وطناً موحّداً لبنيه، لا للقوى الخارجية القريبة أو البعيدة التي تتحرك لخدمة مصالحها التي قد لا تكون في مصلحة لبنان». وفي المشهد الإسرائيلي، دعا فضل الله الجميع إلى دراسة تقرير «فينوغراد» وتأثيره في اهتزاز الواقع السياسي والعسكري لدى العدو، من أجل «معرفة قيمة المقاومة في إثبات العزة الوطنية والقومية والإسلامية، واعتبارها قاعدة للانتصار وليست مشكلة للواقع الوطني في الداخل والواقع العربي في الدول العربية».
بدوره، توجّه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان إلى «أصوات النشاز التي توجّه التهم إلى المراجع»، بالقول: «لا يمكن بأي صورة من الصور أن يكون المرجع عميلاً لدولة أجنبية أو موظفاً في دولة لا تحكم بالعدل والإنصاف»، مطالباً المشرفين على وسائل الإعلام بـ«إخراج دعاة السوء والعصبية والتحدي من هذه الوسائل، لتبقى بعيدة عن العصبية».
وحذّر مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس من «قتل الدستور بجعله ألعوبة في أيدي أصحاب الأحلام النرجسية للوصول إلى تحقيق أهدافهم الشخصية»، مشيراً إلى أن طرح تعديل الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب «مزحة غير مهضومة»، في «البازار الذي قد يطالب بالمداورة في مواقع الرئاسات». ورداً على إعلان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله احترامه لديموقراطية العدو الصهيوني، تساءل الميس: «لماذا لا تقوم عندنا لجان لتقويم حرب تموز والنصر الإلهي الذي تحقق، ووضع سجل ذلك في ميزان الربح والخسارة بتجرّد؟».
من جهته، رأى مفتي صور ومنطقتها الشيخ محمد دالي بلطة أن الوضع في لبنان «بات شديد الحساسية والدقة والخطورة، على كل الصعد والمستويات»، داعياً كل القيادات السياسية في لبنان إلى ضرورة «العمل على إخراج البلاد والعباد من المأزق الذي تتخبط فيه».
(الأخبار، وطنية)