الهرمل ـــ رامي بليبل
مشهد يستدعي وقفة تأمل، بؤرة نفايات تتوسط معلمين مهمين هما قاموع الهرمل الأثري ومستشفى الهرمل الحكومي. المساحات الشاسعة من الأرض تسمح للمكب بالتمدد والمساهمة في تلوث الهواء والتربة وانتشار الأمراض والأوبئة

تنتشر في مدينة الهرمل وغيرها من مدن البقاع الشمالي وقراه وبلداته، مكبات النفايات بطريقة بدائية وفوضوية وتبعث بسمومها في سماء المنطقة، فتهدد سلامة الصحة العامة.
وعلى الرغم من أن محاولات بلدية الهرمل العديدة لإيجاد حل جذري لهذه المشكلة البيئية باءت بالفشل فإن الحل الأخير كان بعيداً عن المنطق ويفتقر لأدنى مستويات تحمل المسؤولية، لغياب الخطط البيئية الشاملة لديها ولدى الإدارات والوزارات المعنية التي لم تعر اهتماماً خاصاً للوضع البيئي لا سيما أن الهرمل من مناطق السياحة البيئية المهمة في لبنان لوجود مصادر المياه والأحراج فيها، مع أن معظم الأقضية اللبنانية حصلت على قروض من البنك الدولي في السنوات الثلاث الماضية لمعالجة هذا الملف بإنشاء مطامر صحية.
ولم تجد بلدية الهرمل حلاًّ سوى جمع النفايات في مكب يتربع على مساحة نحو كيلو مترين مربعين يبعد نحو 171 كلم فقط عن المدينة غرباً ولا يبعد سوى أمتار عن مستشفى الهرمل الحكومي الذي افتتح حديثاً والذي يعاني حالياً نتائج المكب لجهة تجمع الذباب طيلة النهار واجتياح الأدخنة الناتجة من حرق المكب لأقسامه ليلاً.
نائب رئيس بلدية الهرمل يوسف محفوظ رأى أن مشكلة النفايات مشكلة عامة تعانيها جميع البلديات لجهة عدم توافر الإمكانات الضرورية لإنشاء مطامر صحية حيث كانت تصطدم كل المحاولات بمعوقات جمّة، و«لم يكن أمامنا للتخلص من النفايات سوى جمعها في مكان واحد بعيد عن المدينة وحرقها».
وأضاف «تجمع البلدية نحو 22 طناً من النفايات كل يوم وهي مخلفات نحو /6500/ وحدة سكنية منتشرة في المدينة ومحيطها وتنقلها إلى منطقة غرب المدينة حيث تحرق للتخلص منها. ولأن هذه المعالجة بدائية لا تزال البلدية تبحث عن حل للمشكلة، وقد استدرجت عروضاً لاستملاك مئة دونم، من أجل إنشاء مشروع لفرز النفايات وتخميرها، لكن حتى الآن لم تتم عملية الشراء، فإذا أنجز هذا المشروع ستعمل البلدية على توفير التمويل اللازم لإنشاء مطمر صحي ومحطة لمعالجة مياه الصرف الصحي».
ويقول الناشط البيئي حسين علوه: «إن هناك خطراً على صحة المواطنين ولا سيما الأطفال، جراء حرق النفايات لأن دخان الحرائق وروائحها الكريهة ينتشران في محيط المكبّ، ومن شأن هذا أن يسبب أمراضاً في الجلد والصدر، لذلك لا بدّ من إيجاد حل جذري لهذه المشكلة». ويرى أن المحاولات المنفردة لن تنجح ولا بد من تحرك إدارات الدولة المعنية لمساعدة البلدية، والحل الوحيد هو إنشاء مطمر صحي يشتمل على معمل للفرز والتخمير.
الخبير البيئي الدكتور نزار دندش شرح «مساوئ مكبات النفايات، فالمواد العضوية المتعفنة تصدر روائح كريهة وتسبب تكاثر الميكروبات والحشرات والقوارض، وإذا تعرضت النفايات العضوية لمياه الأمطار أو مياه النفايات نفسها، فإنها توسع رقعة انتشارها وتعرّض مياه السواقي والأنهار لخطر التلوث، وقد ينسحب هذا الخطر على المياه الجوفية ولا سيما أن المياه الجوفية تكون قريبة من سطح الأرض في بعض المناطق».
وعلمت «الأخبار» أن الوزير والنائب السابق عاصم قانصوه تبرع بمئة دونم من الأرض للبلدية كي تقيم عليها مكب النفايات، وذلك على الحدود اللبنانية ـــ السورية وبعيداً عن المستشفى، مركز الصحة، والقاموع، مقصد السياح. علماً أن وزارات البيئة والصحة والداخلية لم تحرك ساكناً بالرغم من الكتب التي أرسلتها لجنة المتابعة الهندسية لها شارحة الأزمة، واكتفت بالتوقيع على الكتب.