الكورة ــ فريد بو فرنسيس
في ظل التغير المناخي الذي ظهر بوضوح في لبنان والمنطقة هذا العام تعود مشكلة مرض عين الطاووس لتبرز مجدداً من ضمن المشاكل التي يعانيها قطاع زراعة الزيتون في لبنان عامة، وفي قضاء الكورة خاصة، حيث تستفحل بشكل كبير هذا العام. هذه المشكلة القديمة الجديدة تتجدد كل عام من دون أن يفلح المعنيون بها في حل هذه المعضلة بشكل تام، وبالتالي القضاء على هذا المرض بشكل كامل. ويصيب هذا المرض بشكل أساسي أشجار الزيتون التي تفقد مخزونها الغذائي وقدرتها على تكوين البراعم الزهرية، وتنهمك في تكوين البراعم الخضرية، وبالتالي يقضى على معظم الموسم، كما يهاجم الفطر العناقيد الزهرية وأعناق الثمار الباقية، مؤدياً إلى سقوطها. ولدى تكرر الإصابة لعدة سنوات تظهر الأغصان الجافة على الأشجار التي تصبح عديمة القيمة الاقتصادية وعرضة لمهاجمة الحشرات والمرض. وتظهر عوارض المرض بوضوح، على الأوراق التي يتكون على سطحها العلوي بقع داكنة اللون، وتتحول بسرعة إلى بقع مستديرة، ذات لون رمادي أو بني، فيما يبهت لون نسيج الورقة تدريجاً في مراكز البقع، فيصبح أصفر اللون، وفي حالات الإصابة الشديدة، يظهر العديد من البقع على الورقة الواحدة، وتشبه البقع الدائرية ريش ذيل الطاووس، ومن هنا جاءت التسمية. كما أن المرض يؤدي إلى سقوط الأوراق، وتعري الأشجار منها جزئياً، ومن ثم كلياً.
رئيس الفرع الزراعي في الاتحاد الوطني العام للجمعيات التعاونية اللبنانية جورج قسطنطين العيناتي شرح لـ«الأخبار» أن أفضل الأوقات لانتشار هذا المرض الفطري وبدء حدوث الإصابات، هي عادة خلال أشهر الخريف وأوائل الربيع. أما الحرارة المثالية لانتشاره فهي بين 12 و 18 درجة (الخريف والربيع). ويتوقف الفطر عن النمو، ويكون في طور السكون، لدى تدني الحرارة إلى ما دون 8 درجات، ليعاود نموه من جديد وتكاثره عند توافر الحرارة المعتدلة». وأشار العيناتي إلى «أن تراجع عمليات الخدمة الزراعية كالتقليم والتسميد ومكافحة الأعشاب، هي من العوامل المساعدة على انتشار المرض»، مشيراً «إلى أن هذا المرض هو من أكثر الأمراض ضرراً من الناحية الاقتصادية، وهو مرض متخصص يصيب شجرة الزيتون. ويوجد بشكل رئيسي في المناطق الرطبة كالوديان ومناطق الندى الشديد وفي البساتين الكثيفة الأشجار» وتحدث العيناتي عن برنامج المكافحة المتكاملة لهذا المرض الذي أُعلن عنه في النشرة الإرشادية التي أصدرها تنفيذاً للبند الأول من الخطة الخمسية لمكافحة مرض عين الطاووس التي أطلقها الفرع الزراعي في الاتحاد الوطني، فقال: «إن إجراء ثلاث عمليات فلاحة يؤدي إلى القضاء على الأعشاب، وتأمين تخزين مياه الأمطار داخل التربة، ودفن الأوراق المصابة. وإن عمليات التقليم الجيد تساعد على دخول الهواء ونور الشمس وتقليل الرطوبة داخل الأشجار. أضف إلى ذلك عمليات التسميد المتوازن الذي يهدف إلى تقوية نمو الشجرة ورفع درجة تحملها للإصابة والتحكم بالنمو الخضري لعدم خلق مناخ رطب ملائم لانتشار المرض، فضلاً عن إزالة الأشجار الحرجية التي تنمو إلى جانب أشجار الزيتون في بعض البساتين نتيجة الإهمال، وعدم زراعة الحبوب وسائر المزروعات داخل بساتين الزيتون لضمان تقديم الخدمات الزراعية والتدخل بالمكافحة في الوقت المناسب، وتخفيف البساتين من الأشجار الكثيفة من أجل تعريض الأشجار الباقية لنور الشمس والهواء».
ولفت العيناتي «إلى أن تطبيق برنامج المكافحة المتكاملة النموذجية، قد بدا في الكورة، المنطقة الأشد إصابة بهذا المرض في العالم، عبر اعتماد مناطق وحقول مكافحة نموذجية، بدءاً من رش المبيدات الفعالة التي تفتك بهذا المرض.
ويؤدي مرض عين الطاووس الفطري إلى خسارة مواسم مليون شجرة زيتون بالكامل في منطقتي الكورة الوسطى والوديان الكورانية، كما أدى إلى القضاء على مئات آلاف الأشجار النادرة، ما يشكل تهديداً خطيراً بالقضاء على أكبر غابة زيتون باقية في لبنان.