غسان سعود
تتعدد سيناريوهات المعارضة والموالاة حول الاستحقاق الرئاسي المقبل، وتكثر الأقاويل وسط القواعد المؤيدة للفريقين، على رغم تجنب «القيادات» الإشارة بصراحة إلى خطتهما في هذا السياق.
الموالاة تجد، بحسب أحد نواب كتلة «القوات اللبنانية»، أنها انتصرت في معركتي إقرار المحكمة الدولية واستمرار الحكومة الحالية. ويفترض، الآن، بالموالاة وفقاً للنائب نفسه، أن تقارب موضوع الاستحقاق الرئاسي بالأسلوب عينه الذي اعتمد في قضيتي المحكمة والحكومة، وهو الأسلوب الذي يدافع عنه بشراسة النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» سمير جعجع.
ويرى النائب القواتي أن «حزب الله وحلفاءه يستغلون طموح العماد ميشال عون للوصول إلى الرئاسة الأولى لتحويله إلى مستنسخ عن الرئيس إميل لحود في البصم واتخاذ المواقف. فيما هدف الرئيس وفق مخطط حزب الله، سيقتصر على عرقلة عمل المحكمة الدولية». ويراهن النائب الشمالي على رفض تكتل «التغيير والإصلاح»، بفعل ضغوط البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير، تعطيل نصاب الثلثين في انتخاب الرئيس، «وعدم مجاراته لحلفائه في مغامراتهم حتى النهاية». علماً بأن النائب السابق إدمون رزق، المقرّب في هذه الأيام من قيادة «القوات اللبنانية»، يرى أن المرجع، في حال وجود التباس حول عدد النواب في جلسة انتخاب الرئيس، هو المجلس النيابي، معتبراً أن النواب «ملزمون أخلاقياً بالاجتماع ضمن مهلة الشهرين التي تسبق انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بدعوة من رئيس المجلس. أما تعمّد التعطيل فيوجب البحث عن البدائل».
ويستشهد النائب القواتي بوجود رزق في مناقشات الطائف للتأكيد أن الدستور، وفقاً لرزق، لم يحدد نصاب جلسة الانتخاب بالثلثين، بل أوجب الحصول على الثلثين للفوز بالدورة الأولى وبالأكثرية المطلقة أي النصف زائداً واحداً في الدورات التي تليها، من منطلق الحرص على عدم الوقوع في فخ الفراغ. ويؤكد رزق في هذا السياق أنه «ليس المهم أن تعترف بالرئيس، بل المهم ألا تفرغ الرئاسة».
من جهته، يقول النائب السابق مخايل الضاهر إن انتهاء ولاية الرئيس لحود من دون انتخاب رئيس جديد يحتّم انتقال السلطة إلى الحكومة الموجودة حالياً التي تمارس صلاحياتها على رغم اعتبارها من قبل كثيرين فاقدة للشرعية. ويوضح الضاهر أن إقالة الحكومة من قبل رئيس الجمهورية «كانت أمراً ممكناً قبل اتفاق الطائف. لكن اليوم، لا يستطيع الرئيس أن يقوم بأية خطوة، وحتى توقيعه مرسوم إقالة الحكومة يعتبر مخالفاً للدستور». فيما يشير عضو المجلس الدستوري سليم جريصاتي إلى أن مرور الوقت وتسارع الأحداث يبين أن ثمة «أسباباً كانت خفية تقف خلف قرار الأكثرية النيابية تعطيل المجلس الدستوري وفي مقدمها منعه من النظر في قانون المحكمة الدولية إذا طُعن فيه، وبتّ شرعية انتخاب رئيس الجمهورية إذا طعن ثلثا أعضاء المجلس النيابي فيه أيضاً». ويوضح جريصاتي أن رئيس الجمهورية لا يعتبر شرعياً قبل نيل مباركة المجلس الدستوري، إذا قُدّم طعن في شرعية الانتخاب خلال الـ24 ساعة التي تلي الانتخاب.
المعارضة من جهتها تبدو حذرة في التحضير للاستحقاق الرئاسي، ويتخوف أحد أركانها من أن يتم التعاطي مع هذا الموضوع بالفوضى نفسها التي واكبت السعي لتوسيع الحكومة وإدخال تعديلات على نظام المحكمة الدولية. وفي وقت يتجنب فيه معظم قياديي «حزب الله» وحركة «أمل» الكشف عمّا يفكرون فيه تجاه هذا الملف، تشير إحدى القيادات البيروتية المعارضة إلى ضرورة الدعوة الى اجتماع موسع يضم قادة المعارضة ومستشاريهم لبحث كل تفاصيل هذا الموضوع. فيما يقول القيادي في التيار الوطني الحر ألان عون «إن ثمة توازناً سلبياً اليوم في معظم مؤسسات الدولة يمنع أي فريق من الحسم. واستمرار أزمة الحكم عشية انتخاب رئيس الجمهورية تزيد حاجة الفريقين إلى تفاهم لمنع الوصول إلى الفراغ، وخصوصاً أن الوصول إلى هذه المرحلة في ظل اللاتوازن داخل السلطة التنفيذية سيؤدي إلى حالة فوضى، وكل الخيارات اللادستورية التي قد يتبنّاها الفريق الحاكم لن تؤدي إلا إلى مزيد من اللااستقرار». ويعتبر عون أن المطلوب عشية انتخابات الرئاسة «أن تقتنع كل الأطراف بأن المشاركة هي الحل، وألا يسعى البعض لتكرار خطأ التحالف الرباعي، فتبنى سلطة مهمِّشة لإرادة فريق سياسي كبير من دون الاتفاق على تفاهم سياسي، الأمر الذي سيورث العهد الجديد كل أخطاء العهد الماضي ومشاكله». ويحذر من أن الفراغ إذا حصل «لن يكون كالعام 1988 حين كان الانقسام طائفياً وجغرافياً، بل سيكون هذه المرة أفقياً وعمودياً وأشبه بالانتحار».