إبراهيم عوض
تحرص أوساط سورية متابعة على عدم إعطاء الاجتماع الذي عقد في شرم الشيخ يوم الخميس الماضي بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيرته الأميركية كوندوليزا رايس على هامش المؤتمر الدولي لدعم العراق، أكبر من حجمه وكذلك عدم التقليل من أهميته. وهي في هذا المجال ترفض تصوير جلوس رايس مع المعلم «كأن البدر طلع علينا»، ومعه طويت مرحلة من التوتر في العلاقات بين البلدين مضى عليها أكثر من عامين وأدت إلى قطيعة دبلوماسية وسحب سفراء.
كذلك لا تحبذ هذه الأوساط المبالغة في وصف ما جرى في شرم الشيخ على أنه إقرار من الجانب الأميركي بالمأزق الذي يعيشه في العراق جراء احتلاله له، وتؤثر عليه ما عبر عنه المعلم نفسه حين رأى أن اللقاء مع رايس «يعكس اعترافاً أميركياً بأهمية دمشق وبأنها جزء من الحل في المنطة، سواء في تحقيق الأمن والاستقرار في العراق أو تحقيق الوفاق الوطني اللبناني».
وهذا ما عاد وأكد عليه نائب وزير الخارجية السوري الدكتور فيصل المقداد في محاضرة ألقاها في دمشق أول من أمس عرض خلالها «مواقف سوريا الرافضة لكل مشاريع الهيمنة والسيطرة على المنطقة وقدراتها وثرواتها»، مشيراً إلى أن «جميع محاولات العزل وفرض الضغوط على سوريا قد فشلت بفضل وحدتها الداخلية وحكمة مواقفها بقيادة الرئيس بشار الأسد».
وتنفي الأوساط السورية المتابعة ما أشاعته جهات لبنانية من قوى 14 آذار ووسائل إعلام تابعة لها من أن الوزير المعلم حاول إثارة الموضوع اللبناني في محادثاته مع رايس، لكنه أخفق في ذلك نتيجة إصرار الأخيرة على حصر المباحثات في الشأن العراقي، وتؤكد أن رئيسة الدبلوماسية الأميركية، خلافاً لما كان متوقعاً، لم تأت على ذكر لبنان من قريب أو بعيد، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الملف اللبناني لم يعد من الأولويات على «الأجندة» الأميركية. وأملت الأوساط نفسها أن يتوقف فريق السلطة والأكثرية في لبنان عند هذا الموقف «الذي قد يحمل في طياته مؤشراً على بداية تحول في التعاطي الأميركي معه من منطلق أن مصلحة الدولة فوق أي مصلحة أخرى، والمصلحة الأميركية هنا تكمن في كيفية الخروج من الرمال العراقية المتحركة».
هذا وكان كل من المعلم ورايس قد أوضح أن اجتماعهما الذي استمر أكثر من ثلاثين دقيقة تركز على الوضع في العراق وكيفية إحلال الأمن والاستقرار في ربوعه، فيما لفت وزير الخارجية السوري رئيسة الدبلوماسية الأميركية إلى أن دعوتها دمشق للتعاون في هذا المجال «مرتبطة أيضاً بمسار العلاقات الثنائية بين البلدين»، مع التأكيد على «حرص سوريا على سلامة ووحدة العراق وقيامها بكل ما يلزم «للتخفيف من معاناة الأخوة العراقيين».
وكشفت الأوساط السورية المتابعة عن أن الموضوع اللبناني، وإن غاب ذكره في اجتماع رايس والمعلم (كما غابت كاميرات التصوير أيضاً)، إلا أنه حضر بقوة في اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية السوري مع عدد من رؤساء الوفود الأوروبية ومن بينهم وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما، والمنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي أعرب عن قلقه لما آلت إليه الأمور في لبنان، وقال إنه «لم يعد هناك متسع من الوقت من أجل مساعدة اللبنانيين على الخروج من أزمتهم»، متمنياً على سوريا المساعدة في هذا المجال، وقد رد المعلم على محدثه مشيراً إلى أنه يشاطره التخوف نفسه، محملاً التدخلات الأجنبية مسؤولية تردي الأوضاع في لبنان، حاثاً الاتحاد الأوروبي على «القيام بدور محايد على الساحة اللبنانية، وألا يكون منحازاً إلى طرف على حساب آخر».
وأعلن المعلم أن سوريا «لن تتردد لحظة واحدة في القيام بما يطلب منها لتحقيق الوفاق بين اللبنانيين»، مكرراً القول إن بلاده «تدعم كل ما يتفق عليه اللبنانيون».