نيويورك ــ نزار عبود
«نزع سلاح الميليشيات من خلال عملية سياسية... والسنيورة طلب إنشاء المحكمة في مجلس الأمن»

أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بعث برسالة في العاشر من الشهر الماضي يطلب فيها إقرار المحكمة الدولية في مجلس الأمن الدولي من دون تلكؤ، وأكد أن نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية يجب أن يكون من خلال عملية سياسية تعتمد بالدرجة الأولى على حل للأزمة السياسية الحالية، لافتاً في المقابل إلى تقارير تتحدث عن سباق تسلح بين الأطراف اللبنانيين، من دون أن يسمي هؤلاء الأطراف.
جاء ذلك في التقرير الخامس عن تنفيذ القرار 1559 الذي أعده ناظر القرار تيري رود لارسن وقدمه بان إلى مجلس الأمن، وهو مؤلف من 66 فقرة موزعة على 13صفحة، وقد تأخر عدة أسابيع بسبب زيارتَي بان للمنطقة.
واستعرض التقرير التطورات التي حدثت منذ تقديم تقريره السابق أواخر العام الماضي، بما في ذلك المواجهة السياسية الميدانية الحاصلة بين الموالاة والمعارضة، وتحدث عن تلقيه عريضتين من نواب الموالاة تطالبان بإقرار المحكمة الخاصة، لافتاً إلى أن البرلمان لم ينعقد منذ انتهاء فترة الخريف من العام الماضي. وأضاف بان أنه نتيجة لتعطيل البرلمان، «بعث لي الرئيس السنيورة بخطاب في العاشر من نيسان الماضي يطلب فيه، بناء على «الشلل» في البرلمان اللبناني، أن ينظر مجلس الأمن في إيجاد سبل بديلة ووسائل من شأنها تأسيس المحكمة الخاصة بلبنان من دون تلكؤ، لأنها ضرورية لصون الحريات ولمنع المزيد من الاغتيالات».
وأشار إلى مسألة التمديد لرئيس الجمهورية إميل لحود، ورأى أنه «مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس تصبح هذه المسألة محلولة شرط أن يتم الانتخاب من دون تدخل خارجي»، لكنه رأى «أن الأزمة الحالية في لبنان والتطبيق العام لجميع بنود القرار 1559 ليست مجرد مسائل داخلية، بل إن مصير لبنان يبقى مرتبطاً بالتوجهات الإقليمية العامة وهمومها»، مشيراً بشكل خاص إلى تأثير الصراع العربي الإسرائيلي والجهود المبذولة لتحقيق حل شامل ودائم لجميع شعوب المنطقة. ولفت إلى أن القرارات الدولية 1680 الصادر في 2006 و1701 الصادر في 2006 وحتى القرار 1747 المتعلق بالعقوبات على إيران ومنع تصدير السلاح الإيراني إلى أي كان، كلها ذات صلة بالحل اللبناني.
ورأى التقرير أن القرار ما زال ينتظر التطبيق في عدة بنود حساسة منه، مطالباً بنزع سلاح المقاومة والفصائل الفلسطينية لأنها تهدد سيادة الحكومة اللبنانية واستقلال لبنان، مشيراً في المقابل إلى تقارير تتحدث عن سباق تسلح بين الأطراف اللبنانيين، مشيراً إلى أن هذا الأمر مثار قلق بالغ. وأعرب عن خوفه الشديد من أن تتعمق الأزمة السياسية في لبنان وتتفاقم جراء مثل هذه التكهنات بحيث يحدث سباق تسلح بين المجموعات السياسية بما يعيد الأمور إلى تاريخ لبنان الأسود. وشدد على ضرورة ألا يحدث ذلك.
وتحدث بان عن وجود تهريب سري للسلاح من سوريا إلى لبنان، معرباً عن قلقه من استمرار ذلك، داعياً السلطتين السورية والإيرانية إلى التطبيق الكامل للقرار 1559 و1701. واستند التقرير في معلوماته عن تدفق الأسلحة إلى لبنان إلى بيان قوى 14 آذار في 16 كانون الثاني الذي «أكد أن هناك «قوى مرتبطة بشكل مباشر بالمخابرات السورية تقوم بجلب شحنات جديدة من الأسلحة وتقوم بتوزيعها في مناطق حساسة في لبنان، وخاصةً في البقاع الغربي وراشيا وعدد من مناطق جبل لبنان»، ولفت إلى أن البيان «يستمر في «لفت نظر جامعة الدول العربية والأمم المتحدة لهذه الأفعال المستمرة من النظام السوري في لبنان».
وإذ أشار التقرير إلى أن الحكومة السورية «أنكرت بشكل متكرر تورطها في تهريب السلاح أو أية نشاطات استخباراتية في لبنان، وأشارت إلى التزامها الكامل تنفيذ حظر الأسلحة المفروض بموجب قرار مجلس الأمن 1701(2006)»، نقل بان عن الرئيس بشار الأسد خلال لقائهما في دمشق في 24 نيسان قوله «إن سوريا مستعدة للعمل مع الأمم المتحدة بشأن جميع المواضيع المرتبطة بالأمن والسلم في المنطقة، بالإضافة إلى تأكيد التزام سوريا بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701 والتشاور مع الأمم المتحدة في هذا المجال».
وعن العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسوريا، أسف التقرير لعدم «تحقيق التوقعات بشأن الانطلاقة المبكرة للعملية» المستندة إلى خطة عمل متفق عليها، ستقود إلى إنشاء علاقات دبلوماسية كاملة.
ولفت بان إلى أنه حث الأسد «على إنشاء علاقات دبلوماسية مع لبنان، وهو أكد استعداده من حيث المبدأ لإنشاء علاقات مع لبنان»، لافتاً إلى أن سوريا قامت بإعادة «تأكيد موقفها بأن إنشاء تمثيل دبلوماسي ثنائي هو مسألة ثنائية»، لكن التقرير رأى «أن إنشاء علاقات دبلوماسية رسمية يبقى عنصراً هاماً لتأكيد الالتزام الصارم بسيادة لبنان، ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي». وكما تم الإعراب عنه في التقرير النصف سنوي الأخير عن تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1559 في تشرين الأول 2006، فإن خطوات باتجاه إقامة علاقات دبلوماسية بين سوريا ولبنان ستسهم بشكل ملحوظ في استقرار المنطقة».
ورأى التقرير «أن تأكيد سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي مرتبط بترسيم الحدود المشتركة مع سوريا»، كما أن الخطوات باتجاه ترسيم الحدود بشكل كامل بين البلدين «سيسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة»، مشيراً إلى رسالة وجهتها الحكومة السورية إلى الأمين العام بتاريخ 20/3/2007 أعادت فيها تأكيد موقفها بأن موضوع تحديد الحدود بين سوريا ولبنان هو موضوع ثنائي وأنه يتعلق بسيادة الدولة وأنه يجب الاتفاق عليه بين الحكومتين السورية واللبنانية.
وبعدما نقل عن الأسد استئناف اجتماعات لجنة الحدود السورية ـــ اللبنانية والموافقة على بدء عملية الترسيم من الشمال إلى الجنوب، وبعدما رحب بان بموافقة الأسد على تفعيل لجنة الحدود أكد أن «ترسيم وتحديد الحدود اللبنانية ـــ السورية هو موضوع ثنائي، ويمكن حله فقط من خلال اتفاق ثنائي بين الطرفين»، مشيراً إلى أنه «في ما يتعلق بأغلبية الحدود اللبنانية السورية، فإنه ليس هناك أية عوائق للبدء مبكراً في مثل هذه العملية»، وأعرب عن تطلعه «إلى الاجتماع المبكر للجنة الحدود الثنائية، كما التزم الرئيس الأسد وكما هي نتائج اتفاق الحدود، والذي سيؤكد مجدداً أنها وسيلة هامة وفعّالة للرد على المشاغل التي تم الإعراب عنها من قبل أعضاء مجلس الأمن بشأن الاتهامات والتقارير حول نقل أسلحة غير مشروع عبر الحدود في خرقٍ لسيادة لبنان وكذلك لقرارات مجلس الأمن 1559 و 1701».
وفي ما يتعلق بمزارع شبعا، أوضح بان أن سوريا رأت في رسالتها المؤرخة 20/3/2007 أن «انسحاب إسرائيل من المنطقة مهم، ما تم فهمه أن الحدود سيتم ترسيمها بعد الانسحاب الكامل لإسرائيل من الجولان السوري المحتل»، قائلاً إن سوريا «أشارت سابقاً إلى موافقتها ـــ بالتوافق مع البيانات الصادرة عن العديد من موظفيها الرفيعي المستوى بأن مزارع شبعا هي لبنانية ـــ على خطة النقاط السبع اللبنانية التي رأت وضع مزارع شبعا تحت وصاية الأمم المتحدة لحين الترسيم الدائم للحدود وتحقيق السيادة اللبنانية الكاملة عليها».
وأكد أنه منذ آخر تقرير عن تنفيذ القرار 1559 تاريخ 19 تشرين الأول 2006، «تم تحقيق تقدم أكبر في إطار الترتيبات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن 1701(2006)، التي زودت بإطار عمل قابل للتحقيق لاستقرار لبنان ولعودته إلى الطريق المؤدي إلى إعادة تأكيد سيادته، ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي الذي كانت البلاد تسعى إليه قبل حرب الصيف الماضي، لكن إلى الآن فإن القرار 1559 (2004) لم يتم تنفيذه بشكل كامل».
ورأى «أن الأزمة السياسية الممتدة التي قامت باستهداف لبنان على مر الشهور الماضية تشرح بأن فقرات القرار 1559 تبقى أساسية كما كانت عندما تم اعتماد هذا القرار في وقته» مشيراً إلى أنه «منذ أيلول 2004 فإن لبنان كان يمر بلحظات توتر. والأكثر أهمية أن البلاد قامت بانتخاب حكومة تستمر في شرعية ديموقراطية حصلت عليها من خلال عملية انتخابية برلمانية عادلة وحرة تحت إشراف مراقبين دوليين، لكن الانتقال لم يكتمل بعد، وبالتأكيد فقد عانى من إخفاقات كبيرة».
ورأى أن «تحمّل الإخفاقات يبيّن أيضاً أن لبنان بحاجة إلى إطار سياسي شامل، والأكثر أهمية إجماع سياسي كما تم الإعراب عنه خلال اتفاق الطائف»، موضحاً أن «هذا الاتفاق بحاجة إلى تجديد الدعم وانخراط جميع الأطراف الخارجيين والداعمين للبنان. وبدون نهاية هذه الأزمة العالقة، فإن لبنان لن يستطيع أن يتقدم أكثر باتجاه تأكيد سيادته ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي، كما لن يستطع الحفاظ على مثل هذا التقدم على المدى الطويل». وقال بان: «لقد سجلت ملاحظات إيجابية بشأن التأكيد الذي حصلت عليه من الرئيس الأسد والعديد من المسؤولين السوريين الرفيعي المستوى خلال المحادثات التي كانت في دمشق يوم 24 نيسان، وأنا أتطلع قدماً إلى تنفيذها عملياً»، لافتاً إلى أنه «لا الأزمة السياسية الحالية في لبنان ولا التنفيذ الكامل لجميع فقرات القرار 1559 هو موضوع داخلي بحت. وكما كانت القضية دائماً، فإن مصير لبنان يبقى مرتبطاً بأهواء واهتمامات إقليمية على الحدود. على أحد المستويات فإن هذا يرتبط بالصراع العربي ـــ الإسرائيلي والجهود الرامية لتحقيق سلام عادل وشامل لجميع الشعوب في المنطقة. وعلى مستوى آخر فإن هذا يرتبط بالتنفيذ الكامل ليس فقط للقرار 1559(2004) ولكن للقرارات 1680(2006) و1701 (2006) بالإضافة إلى ما يتعلق من القرار 1747 (2007)».
ورأى أن «الأمر الأكثر أهمية هو موضوع الاتهامات بالقيام بتهريب غير مشروع للسلاح بشكل سري بين سوريا ولبنان وترسيم الحدود اللبنانية ـــ السورية، وهي إجراءات جوهرية لتأكيد الاحترام الكامل لسيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي وليتمكن من التنفيذ الكامل لجميع فقرات القرار 1559» متوقعاً «أن سوريا ولبنان، وفي سياق الأزمة السياسية الحالية في لبنان، سيقومان بتحقيق تقدم باتجاه اتفاق ثنائي على هذه العناصر». أما في ما يتعلق بمزارع شبعا فقد أكد بان أنه يقوم بمتابعة عمله بالفحص الجغرافي للمنطقة، داعياً سوريا ولبنان «من خلال اتصالاتهم الثنائية إلى معالجة موضوع السجناء اللبنانيين لدى سوريا».
وأفرد التقرير فقرة تتعلق بضرورة نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، وخلص إلى أن «أسلحة حزب الله تستمر في فرض تحدٍّ لقيام الحكومة ببسط سيادتها الشرعية على استخدام القوة وعلى جميع الجهود لتأكيد سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي»، مجدداً اقتناعه «بأن نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية يجب أن يكون من خلال عملية سياسية تعتمد بالدرجة الأولى على حل للأزمة السياسية الحالية وعلى خلق حوار وإجماع على عدد من المواضيع الضاغطة. وفي الوقت نفسه، فإن التنفيذ الكامل لحظر الأسلحة المفروض بموجب قرار مجلس الأمن 1701 (2006) هو عنصر لا غنى عنه لتقليل التوتر والصراع المحتمل الموجود حالياً في لبنان، ومما يمهد الطريق لنزع سلاح وتفكيك جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية».
ورأى أنه «يجب على جميع الأطراف الإقليمية المهتمة، وبالتحديد سوريا، تقديم دعمها لهذه العملية»، مسجلاً بشكل إيجابي في هذا الإطار محادثاته مع الرئيس الأسد بشأن المواضيع ذات الصلة.