وفاء عواد
الموالاة تدافع عن السنيورة والمحكمة «الآتية»... والمعارضة تردّ الضيم عن عين التينة والضاحية

الاستحقاق الرئاسي، المؤتمر الأخير لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة، والمحكمة ذات الطابع الدولي: ثلاثة عناوين رئيسيّة شكّلت محور «المبارزة السياسيّة» التي شهدها مجلس النوّاب، أمس، بين نوّاب «الأكثرية» في جولتهم الثامنة ونوّاب المعارضة.
وإذا كان المشهد النيابي، من حيث الشكل، لم يحمل أي جديد في ظلّ تكرار الخطوات نفسها: حضور 33 نائباً موالياً، في مقابل 21 نائباً معارضاً، فإنه، من حيث المضمون، اتّسم بطابع «الهجوم والدفاع» على محاور الرئاسات الثلاث.
ففيما تولّى الموالون مهمة الدفاع عن الثالثة والهجوم على الأولى، حرص المعارضون على تحصين الرئاسة الثانية، بتجديد الإشارة الى مواقف الرئيس نبيه برّي «المتمسّك بالثوابت الوطنية»، وردّ كرة اتهامه بتعطيل المجلس الى ملعب الحكومة «المستبدّة والمستلبة لمقدرات الوطن»، وفق ما جاء على لسان عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب أيّوب حميّد.
وإذا كانت «الأبواب المقفلة» ظاهرة اعتادها النواب الموالون، على مدى ثمانية أسابيع، وتحديداً أبواب القاعة العامة «الخط الأحمر»، فإن ما فاجأهم هو «التبريد المعطّل»، لأسباب تقنية طارئة، إلى حدّ دفع بالوزير مروان حمادة الذي تكلّم باسم نوّاب «الأكثرية» إلى تفسير الأمر على أنه «تعطيل للتبريد، كعنوان للمرحلة، من جانب بعض المعارضة».
وتحت شعار «الابتعاد عن التصعيد وعن الردّ على الإهانات»، خصّص حمادة كلمته لتوجيه نداءات، أحدها إلى «الشركاء في الوطن»، من أجل التجاوب مع دعوة الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي، و«إقرار هدنة رحمة بالناس»، خاصّاً بري بالجزء الأكبر من النداءات لمطالبته بـ«الدعوة إلى عقد جلسة لإقرار المحكمة، لا لمناسبة التحرير فقط»، و«أن يخصّص جزءاً من جلسة الخامس والعشرين لانتخاب أعضاء المجلس الدستوري»، و«أن يجتمع المجلس لدرس طلب محاكمة رئيس الجمهورية الذي خالف الدستور في امتناعه عن توقيع مرسوم إجراء انتخابات فرعية في المتن»، إضافة إلى ضرورة البحث في القوانين الملحّة، ولا سيما منها ما يختصّ بـ«موازنتي عامي 2006 و2007، والقوانين التي يجب أن تواكب باريس ـــ 3، رحمة بالعباد والاقتصاد».
ومضمّناً نداءاته إلى برّي المطالبة بـ«تحرير المحكمة الدولية من القيود في لبنان»، أشار حمادة إلى أن هذه المحكمة «آتية من الأمم المتحدة، إذا نحن أغفلنا القضية وتقاعسنا عنها». وإذ لفت إلى أن «المحكمة ليست مهرّبة»، رأى أن «من يهرب منها أو يهرّبها هو من يستمر في حماية المجرم، لا لغاية في نفسه بل لغاية في نفس يعقوب المعروف».
في المقابل، تولّى حميّد مهمّة الردّ المعارض على «المصرّين على تغطية الوقائع وتعميتها، والممعنين في القفز فوق الآليات الدستورية والقانون والميثاق الوطني»، محمّلاً الحكومة الحالية مسؤولية الاستمرار في «سلب السلطة ومقدرات البلد، وتسخير هذه المقدرات في ما يتعلق بالمآرب السياسية التي باتت معروفة».
ومجدّداً التأكيد على أن صيغة الحلّ تكمن في «التوازي بين إقرار المحكمة الدولية وفق الآلية الدستورية اللبنانية، وقيام حكومة وحدة وطنية»، ذكّر حميد بأن برّي «لن يحيد عن الدستور، إن لجهة فتح جلسات، أو لجهة الاستحقاق الرئاسي».
وفي معرض ردّه على السنيورة الذي «صمت دهراً ونطق كفراً»، تساءل حميّد: «ألم يكن ممكناً تجاوز الآليات البيروقراطية؟ أليس في لبنان سوى مؤسسة خطيب وعلمي؟ أو هل كان بالإمكان التعاقد مع أكثر من شركة استشارية لكي يكون هناك تعجيل لعملية المسح للأضرار والمباني المهدمة؟»، منتقداً «المهازل التي تتكرر في ما يتعلق بمعالجة المشاكل الداخلية والحساسيات السياسية».
وفي شأن ما يشاع عن إمكان عودة الوزراء المستقيلين لتصريف الأعمال في وزاراتهم، قال حميّد: «عملياً، نحن ندرس هذه الفكرة، وسيكون لنا موقف موحّد مع الإخوة في حزب الله، ومع الوزير يعقوب الصرّاف، ولا يزال الموضوع قيد الدرس، لكي يبنى على الشيء مقتضاه».
وبعيداً عن المنبر، قارب نائب محايد ما يحصل في المجلس النيابي من زاوية استذكاره تفاصيل لعبة كان وأصدقاؤه يتلهّون بها: «كنا نعصّب عيني أحد الأولاد، ثم نسير وراءه صفاً واحداً وهو ينادي: دلّوني على بيت الحجّة.. فنردّ عليه جميعاً: بعدو قريب.. بعدو بعيد»، مكتفياً بالقول: «للأسف، يبدو أن المشهد يبشّر بأن بيت الحجّة سيبقى بعيداً الى أجل غير مسمّى».
وبانتظار ما سيفصح عنه «الأكثريون» خلال الأسابيع الثلاثة الباقية أمام تحركهم، اختصر نائب معارض مشهد النواب الموالين على طريقته، قائلاً: «ربما هم يتقاضون راتباً من الصحف ليملأوا أعمدتها، أو من مخرج روائي ليمثّلوا مهزلة ذات فصول لا تنتهي».




عمّار يحيّي الضاحية: لن نُستدرج إلى فخاخ الفتنة
لم ينتظر عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب علي عمّار إعلان الموالاة موقفها «الثلاثائي»، فاعتلى منصّة المجلس للاعتذار من الرأي العام اللبناني عن مستوى «الهزال» الذي بلغته الحياة السياسية في لبنان بفعل «مجموعة الموبقات السياسية والدستورية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية»، ليطلّ على ما أعلنه الرئيس فؤاد السنيورة «مغتصب السلطة» في مؤتمره الأخير.
ومنتقداً إمعان السنيورة في «قصف شرفاء وأطهار الوطن وكرمائه بشتّى أنواع الشتائم والسباب، خصوصاً للضاحية الشمّاء، بنسائها وشيوخها وأطفالها ومجاهديها ومقاوميها وأسراها وأحجارها التي تشظّت من خلال العدوان الأميركي ـــ الإسرائيلي الأخير»، فيما «كان لفريق الموبقات في الداخل اللبناني دور أساسي في التماهي مع العدوان، وفي توطئة كل المناخات والظروف والأسباب ليأخذ هذا العدوان مداه في التقتيل والتهجير والتذبيح والتجذير»، تساءل عمّار: «هل تريدون منا أن ننسى تلك الموبقات التي تحدث عنها ومارسها هذا الفريق منذ عام 1992؟ هل تريدون أن ننسى إعدام الاقتصاد الإنتاجي في لبنان؟ هل تريدون أن ننسى إعدام المسلكية الفردية واغتصاب حقوق المالكين في بيروت من خلال المرسوم 117؟ هل تريدون منا أن ننسى استباحة الدم اللبناني على مدار الحروب الأهلية التي قادها رؤوس هذه الميليشيات وأمراؤها؟».
وفي مقابل ما تعرّضت له الضاحية من «اتهامات وسباب وشتائم»، توجّه إليها وهي التي «تختزن لبنان كله» بالقول: «لا تهني ولا تحزني وأنت تستمعين الى الأوبرا التي أطلقها أمس رأس الحقد المستتر من السرايا عليك وعلى أبنائك وحقوقك، فهو (السنيورة) وفريقه المحظيون أميركياً وغربياً لم يستطيعوا أن ينالوا من بسالة الضاحية ونزاهتها وحرمتها وكرامتها وأهلها».
ومستنداً الى أن «خير الكلام ما قلّ ودلّ»، ختم عمّار كلمته بالتأكيد: «لن تستطيعوا أن تستدرجونا الى ما يحاول أعداء هذا الوطن استدراجنا إليه. لن نستدرج الى فخاخ الفتنة والشقاق الوطني»، محيياً أبناء الضاحية على صبرهم وتحمّلهم من خلال «ما أبدوه من حسن ولائهم للوطن، وترجموه بلغة الدم التي هي أزكى اللغات».




فتّوش: الإصرار على نصاب الثلثين مؤامرة على الرئاسة
مستبقاً انتهاء الاجتماع التقليدي لنوّاب «الأكثرية»، أدلى النائب نقولا فتّوش محاضرة قانونية ودستورية مطوّلة، تحت عنوانين رئيسيين: شرعية الحكومة، وشرعية انعقاد جلسة انتخابية بالأكثرية المطلقة، في ضوء «مغالطات» رئيس الجمهورية.
في العنوان الأول، أشار الى أن المجلس النيابي هو وحده صاحب الحق في نزع الثقة عن الحكومة، و«لا يحق لأحد مهما علا شأنه أن يتكلم على عدم دستورية الحكومة إلا المجلس النيابي مجتمعاً ووحده»، معتبراً أنه «لا صفة لرئيس الجمهورية بالقول إن الحكومة غير دستورية وغير شرعية».
وبلغة القانون الإداري والدستوري، رأى أن الحديث عن تأليف حكومة أخرى رغم وجود الحكومة الحالية «القائمة والحائزة ثقة المجلس» هو «عمل منعدم، يشكّل خرقاً للدستور واستهتاراً بالمجلس النيابي، وتعطيلاً لقواعد النظام الديموقراطي».
وفي العنوان الثاني، رأى فتّوش أن القول بنصاب الثلثين لانتخاب رئيس للجمهورية «مخالف لمنطوق المادة 49 من الدستور»، وأن الإصرار على هذا الأمر في كل جلسات الاقتراع «مؤامرة على مركز الرئاسة ومحوها من الدستور، وتسليم الحكم نهائياً الى مجلس الوزراء»، مستشرفاً إمكان «الانقضاض» لاحقاً على مجلس الوزراء، الأمر الذي «يدفع بالوطن والبلاد والعباد الى المصير المجهول».
وفي هذا الصدد، حمّل كل قائل بنصاب الثلثين مسؤولية «الإصرار على عدم حضور جلسات الاقتراع، وتعطيلها بأي نصاب كان».
ومشيراً الى أن الرئيس إميل لحود «أدلى في أكثر من مناسبة بأنه لن يسلّم مقاليد الحكم إلى الحكومة الحالية لأنها غير دستورية وغير شرعية»، رأى فتوش أن كل قول أو عمل أو تصميم على عدم تسليم السلطة عند انتهاء ولاية الرئيس في 23/11/2007 يوقع رئيس الجمهورية تحت أحكام المادة 306 من قانون العقوبات الجنائية التي تنص على: «يعاقب بالاعتقال المؤقت، سبع سنوات على الأقل، من اغتصب سلطة سياسية أو مدنية، ومن احتفظ خلافاً لأمر الحكومة بسلطة مدنية أو قيادة عسكرية».