صيدا ـــ خالد الغربي
سيطرت أجواء الخوف على الشارع الفلسطيني في مخيم عين الحلوة بانتظار ما ستفضي اليه الاتصالات خلال مهلة 72 ساعة (القابلة للتمديد) التي حددتها حركة فتح لتسليم قتلة عنصريها اللذين لم تدفن جثتاهما أمس. وفيما تواصلت الاجتماعات على أكثر من مستوى، كان لافتاً الاجتماع العام الذي عقد في ممثلية منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت وحضره معظم قادة فتح السياسيين والعسكريين لاتخاذ الخطوات اللازمة.
مخيم عين الحلوة في دائرة الضوء مجدّداً، ولست بحاجة الى كثير من العناء لتدرك حالة القلق التي تنتاب سكانه، فعلى غير العادة كانت الحركة بداخله خجولة ولازم التلامذة منازلهم بعدما أقفلت مدارس الأنروا أبوابها، وفي الشارع الرئيسي الذي يطلقون عليه «ثورياً» اسم الشهيد محمد الدرة «باستطاعة جرافة أن تتمشى عليه» على حد قول أبو عباس صاحب محل خضرة، أما سوق الخضر الذي عادة ما يستقطب حركة الوافدين من صيدا ومنطقتها لتبضع الخضر والفواكه واللحوم، وأضعافهم من الفلسطينين، اختلف مشهده أمس فحضر نذر قليل للتسوق.
مقاتلو، فتح على الرغم من انتشارهم الكثيف في شوارع عين الحلوة وأزقّتها، كانوا في حالة استرخاء وهدوء تام لا في أوضاع قتالية، وبعضهم آثر وضع سلاحه جانباً لارتشاف القهوة داعياً الإعلاميين الى الاستراحة معهم وتبادل أطراف الحديث والرأي، «بكير بعد»، الخميس آت، يقول أحدهم، لكن رفيقاً له لا يشاطره الرأي «من الأساس كان علينا التعاطي بشكل مختلف وبحزم مع هذه الزمرة القاتلة ودفنها في مهدها قبل أن تنمو مثل الفطر، وعاتباً على قيادة الحركة التي لم تتركنا ننقضّ على المجرمين بعد حادث الإثنين»، وسيّر الكفاح المسلح الفلسطيني دوريات له في شوارع المخيم.
مسلحو جند الشام ووفقاً لشهود عيان، كانوا يتنقلون ليلاً في «الربع الخالي» من السيطرة الأمنية في التعمير من دون التحدث مع أحد، وقال مواطن لبناني إنهم كانوا في حالة استنفار حيث تموضعوا قبالة الشارع الفوقاني للمخيم لكنهم في الصباح غادروا.
غير أن اللافت كان صدور تشكيلات عسكرية واسعة داخل حركة فتح بعد اجتماعها العام في بيروت ولم تعرف ما إذا كانت هذه الإجراءات احترازية أم أن لها علاقة بالتطورات في المخيم، وعلمت «الأخبار» أن التشكيلات قضت بترؤّس جاسر يغموط للقوات العسكرية وكل من «أبو عرب» و«اللينو» وإبراهيم «الطاووس» (شقيق منير المقدح) وخالد الشايب قادة كتائب عسكرية، وعين محمد علي قائداً للتدريب وأبو نضال الأسمر عضو قيادة أركان، وفيما رأى البعض أن الخطوة هي لتأكيد الإمساك بالوضع الفلسطيني وعدم التساهل مع المخلّين بالأمن، وهي خطوة سابقة وغير مرتبطة بما جرى أخيراً في عين الحلوة، لكن الأمر وفي هذا الوقت يطرح أكثر من تساؤل عن المعنى والهدف.