عزت مصادر دبلوماسية غربية الموقف الروسي «المحايد» من الأزمة اللبنانية الى شعور لدى موسكو بأن دورها في لبنان والمنطقة، لا ينبغي أن يكون في مواجهة المشروع الاميركي في الشرق الاوسط، بل في محاولة تهدئة الصراعات والنزاعات، وأداء دور الوسيط في العديد من القضايا، مثلما فعلت إبّان عدوان تموز على لبنان، ومثلما تفعل في الموضوع الفلسطيني حالياً.وتؤكد المصادر أن موسكو تؤيد، من حيث المبدأ، المحكمة ذات الطابع الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلا أنها «مع التوافق اللبناني ليس فقط على مبدأها، بل على نظامها وحق التعديل فيه، وضد استخدامها لغايات سياسية مثلما جرى في العديد من تجارب المحاكم الدولية في العالم»، كما «أن لها مصلحة في عدم جر الامور الى الانفجار في لبنان»، لذلك «تشدد على التوافق اللبناني على هذه القضية، لئلا يُعدّ إقرارها في مجلس الأمن انتصاراً لطرف على آخر».
ولفتت المصادر الى «أن المرحلة الحالية مهمة جداً ويجب ترقب سير الأحداث في انتظار انتهاء العقد العادي لمجلس النواب اللبناني نهاية الشهر الجاري، والذي سيحسم بعده موضوع المحكمة. وفي انتظار ذلك، فإن الاحتمالات لا تزال مفتوحة وقابلة للتفاوض». الا أنها رأت أن موسكو، «عندما يصل الامر الى مجلس الامن، لن تتحدى الشرعية الدولية، ولن تخوض معركة عن اللبنانيين، ولن تستخدم حق النقض في وجه إقرار المحكمة تحت الفصل السابع، وأقصى ما تستطيعه الامتناع عن التصويت».
وعزت المصادر نفسها ابتعاد السفير الروسي سيرغي بوكين عن الأضواء الإعلامية والسياسية الى أن أي «لقاء له مع مسؤولين من طرف لبناني قد يضعه في وجه الطرف الآخر، وهو ما قد يزيد من حال التشنج»، غامزة من قناة حركة بعض السفراء التي تتعارض مع الأعراف الدبلوماسية.
وأعادت امتناع موسكو عن تقديم مساعدات اقتصادية للبنان على رغم مشاركتها في مؤتمرات للدول المانحة، الى أنها «تحتاج الى ضمانات مؤكدة لكيفية صرف هذه الاموال، وألا تحسب لطرف دون آخر، وما يعرقل المساعدة الآن هو عدم توحيد السياسة اللبنانية الداخلية، وهذا يعني توحيد المطالب». وعزت عدم المشاركة الروسية ضمن القوات الدولية الموجودة في الجنوب الى «غياب الإجماع اللبناني أولاً، ولأن مهمات هذه القوات في لبنان غير واضحة الأهداف والأجندة»، مشيرة الى «أن التطور السريع للأحداث في لبنان والاهتمام الدولي المتعاظم به قد يجعلان من هذه القوات غلبة لطرف على آخر».
(الأخبار)