strong> بسام القنطار
بتاريخ 26 كانون الأول 2006 كان الجمهور السويسري على موعد مع عرض القناة السويسرية الثانية لفيلم «عودة إلى بلاد حزب الله» الذي أدّت فيه سهى بشارة دوراً رئيسياً من خلال الانتقال مع فريق التصوير إلى مناطق الضاحية الجنوبية والقرى الجنوبية ليروي بالصورة ما خلفه عدوان تموز من دمار.
وإثر عرض الفيلم، تقدم اليميني السويسري المتطرف آلان جان ـــ ماريه إضافة إلى 26 شخصاً آخرين، من بينهم المستشار الوطني أوسكار فرايزينغر، ونائب في المجلس الأعلى في جنيف ـــ بشكوى إلى «السلطة المستقلة لدراسة الشكاوى» على المحطة بتهمة أن البرنامج كان متحيزاً لحزب الله وغير متوازن ويتعارض مع مبادئ الصدقية والشفافية ويشهد على نقص في العمل الصحافي، وأن سهى بشارة هي «إرهابية سابقة غير نادمة»، وشككوا بشهادتها ليس فقط عن حرب تموز بل عن حقيقة الوضع في لبنان إبان الاحتلال الإسرائيلي والتعذيب الذي تعرضت له خلال فترة اعتقالها لفترة تزيد على عشر سنين في معتقل الخيام.
وفي اتصال هاتفي بـ«الأخبار»، أعلنت بشارة أن المحكمة الفدرالية في بيرن أصدرت قراراً بالإجماع بالسماح للتلفزيون السويسري ببث الفيلم في نقض للقرار المبدئي للهيئة المستقلة للتحكيم في جنيف التي قررت سابقاً حجز الفيلم ومنع عرضه.
وكانت الشكوى قد طالبت بوقف بث الحلقة على الموقع الالكتروني للمحطة، إضافة إلى مطالبة القناة ببث فيلم مناهض للإسلام، وهو ما دفع بشارة نفسها إلى رفع دعوى على شخص آلان جان ـــ ماريه وباقي الأشخاص الذين تقدموا بالشكوى. التلفزيون السويسري من جهته، رأى أن اختيار سهى بشارة شخصيةً محورية للفيلم فكرة مهمة ونجحت إعلامياً، وهم يصرّون على أنهم طبقوا المبادئ الأساسية للعمل الصحافي.
وشجبت بشارة في الدعوى وصفها بـ«الإرهابية اللبنانية السابقة» التي «حُكمت بعشرة أعوام سجناً». ورداً على ما جاء في الشكوى حول أن البرنامج أظهر إسرائيل مجرد محتل من دون ذكر الأسباب التي دفعتها إلى الاحتلال، تقول بشارة: «إن 285000 شخص هُجّروا من بيوتهم جراء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978 بحسب تقارير الصليب الأحمر»، قبل أن تشرح كيفية انضمامها إلى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي. وأشارت بشارة إلى أنها نالت جائزة «امرأة منفية، امرأة محاربة» عام 2006 في جنيف، مؤكدة أن «هذا ينفي نفياً قطعاً كونها إرهابية».
وأضافت بشارة «لقد ادخل الفيلم إلى البيوت السويسرية صوراً من معاناة لم تألفها عيون الناس هناك، وقصصاً تتحدث عن الموت الذي ألّف جزءاً من حياة أهل الجنوب في الحرب. وترى سهى أن حقيقة الحملة على الفيلم وعليها شخصياً تتمثّل في كونه نقل صورة لرجال حزب الله مغايرة تماماً للصورة النمطية التي ينقلها الإعلام الأوروبي، خصوصاً مشاهد دفع تعويضات مالية لأصحاب البيوت المتضررة من جراء القصف، والعمل المنظم والسريع في رفع الأنقاض في الضاحية والجنوب، ثم الإعداد لمهرجان النصر في 22 أيلول 2006.
سهى بشارة إذاً، تخوض حرباً قانونية أمام المحاكم السويسرية بالإضافة إلى نضالها اليومي في جنيف دعماً للشعب الفلسطيني من خلال مجموعة «طوارئ من اجل فلسطين» التي تتظاهر كل جمعة وعلى مدار العام ومنذ ما يزيد على 8 سنوات في منطقة «بليير» في شارع يعج بالمارة للمطالبة بإنهاء الاحتلال في العراق وفلسطين وضرورة المقاطعة الشعبية والرسمية لإسرائيل. وكانت سهى قد تحركت منذ اليوم الأول لعدوان تموز للبحث عن وسائل أداء دور سياسي وإعلامي وجماهيري يستجيب للتحديات الخطيرة التي تواجه لبنان، وساهمت في تنظيم تحركات ميدانية واسعة من بينها اعتصام مفتوح في ساحة مولون بجنيف شدّ اهتمام الرأي العام السويسري.
وترى سهى «أن معركتها القانونية ليست من اجل إثبات براءتها من تهمة الإرهاب بل من اجل إنصاف شهداء معتقل الخيام وأسراه، والذي ليس من قبيل الصدفة أن يدمر خلال عدوان تموز، بل من اجل إلغاء الذاكرة الجماعية».
وكان آلان جان ـــ ماريه قد أعلن في تقرير بثته قناة الجزيرة، أنه «من غير المعقول أن تصور سهى بشارة نفسها على أنها تتبنى أفكار المهاتما غاندي (...) لقد وجهت رصاصتين إلى جنرال في الجيش اللبناني، وهي قضت من اجل ذلك عشر سنين في السجن». وتنوي سهى الاستفادة من تصاريح كهذه لتعيد تسليط الضوء على حيثيات الدعوى التي رفضتها محكمة جنيف واعتبرت سهى بشارة إرهابية بالاستناد إلى التعريف القانوني للإرهاب الذي يتبناه القضاء السويسري. غير أن ذلك لم يثن سهى بشارة عن الإعداد لملف استئناف الدعوى والاستفادة من كل المواد القانونية لقبول الدعوى «خصوصاً أن مسألة تعيين العميل أنطوان لحد في منصبه من جانب وزير الدفاع الإسرائيلي مثبتة قانونياً، إضافة إلى أن معتقل الخيام هو مثال تاريخي للمعتقلات التي يجري فيها الاحتجاز خلافاً للقانون، حيث من يدخله مفقود ومن يخرج منه مولود، باعتراف كل منظمات حقوق الإنسان وبشهادة مندوبي الصليب الأحمر الدولي».