البقاع ــ نيبال الحايك
تراجعت نسبياً أعمال «مشاحر» الفحم في سهل البقاع. فالهيئات والجمعيات البيئية والاهلية استطاعت إيجاد حال من «الرأي العام» الرافض لعبث البعض في الثروة الحرجية وقطع الاشجار وتحويلها الى «فحم» تجاري.
هذا التراجع والرفض الأهلي والمراقبة الرسمية، وان كانت دون المستوى المطلوب، كلها أمور ألزمت بعض تجار «الفحم» البحث عن بدائل لاستمرار تجارتهم التي تلقى رواجاً وتؤمّن «كسباً» مادياً مرتفعاً. فكان لا بد من التوجه الى الخارج لاستيراد مختلف انواع «الفحم» الذي بدأت سوقه نتشط أخيراً بعدما استطاع تجار محليون استيراد الفحم الطبيعي والاصطناعي من افريقيا وبعض دول الخليج العربي. ويوضح عدد من اصحاب المطاعم والمقاهي في البقاع، أن «الفحم» المنتج في لبنان لا يكفي الاستهلاك المحلي، إضافة إلى أن أسعاره مرتفعة مقارنة بأسعار الفحم المستورد.
ويقول ابو احمد الذي استغنى عن الفحم المحلي و«صناعته» من سنديان البقاع الغربي بالاستيراد من الخارج، إنه وجد نوعية الفحم في بعض الدول الافريقية مميزة عن «الفحم» المحلي و«أصبح استيراد الفحم منتشراً اليوم في البقاع، وبدأنا بالابتعاد عن التصنيع المحلي واقامة المشاحر، فالدولة تمنعنا من قطع الاشجار او تشحيلها لصنع الفحم».
استهلاك الفحم في لبنان «مرتفع جداً»، يقول ابو احمد الذي عاد أخيراً من الامارات العربية بعدما أبرم «صفقة» استيراد فحم «صومالي» الى لبنان، ويوضح أن معظم تجار الفحم في لبنان يتجهون اليوم نحو الامارات العربية المتحدة، والسعودية، والصومال ودول افريقية اخرى، وماليزيا، وإندونيسيا، لاستيراد الفحم. ويوضح ان سعر طن الفحم اللبناني (سنديان) يبلغ نحو الف دولار اميركي فيما سعر طن الفحم الصومالي (أيضاً سنديان) لا يتجاوز 600 دولار، والماليزي 600 دولار، والسوداني 800 دولار.
ويشير الى أن الفحم الطبيعي يبقى افضل من الفحم المعاد تصنيعه بفعل التحكم بجودته، حيث إن الفحم الطبيعي المحلي «اقوى واثقل من الفحم الصناعي المستورد»، ويوضح أبو احمد أن «الفحم الصومالي الذي بدأنا باستيراده أثبت جودته لأنه طبيعي، وهو أقوى وأثقل من الفحم الصناعي الذي يستورد من دول أخرى، ويضاهي الفحم اللبناني، فعملية اشتعال الفحم الصومالي طويلة نسبياً مقارنة بالفحم المستورد او حتى المصنّع محلياً، وبالتالي فإن الفحم الصومالي من اغلى الأنواع وأجودها، ولكن تبقى اسعاره في السوق المحلية مقبولة جداً».
نجاح لبنانيين في استيراد الفحم من الخارج، وانعكاس ذلك على «حماية» الثروة الحرجية الوطنية يتطلب اجراءات رسمية لتشجيع الاستيراد ووقف «القضاء» على الثروة الحرجية حتى لا تتحول جبالنا وأراضينا الزراعية الى «صحراء» قاحلة و«هواء نظيف مسروق من الأجيال القادمة». ويطالب بعض التجار، ومنهم ابو احمد، وزارة البيئة والهيئات البيئية بالعمل على خفض الرسوم الجمركية على استيراد الفحم الطبيعي وحتى الصناعي من الخارج، فـ«اذا خفضنا الرسوم الجمركية ينفتح باب الاستيراد واسعاً، وبالتالي تتدنى الاسعار ويقلّ الطلب على الفحم اللبناني، لأن الفحم المستورد من الخارج جيد ومقبول، وهكذا نكون قد وفّرنا حماية للبيئة». ويوضح ابو احمد أن رسوم استيراد طن الفحم من الخارج هي 10% لضريبة القيمة المضافة، و5% للاستيراد الجمركي، وعلى كل طن 10% ضريبة مضافة أيضاً، لكن كل هذه المبالغ لم تؤثر على تجارة ابو احمد والتي يراها تجارة مربحة.