للأسبوع الثاني على التوالي، اجتمع علماء الآثار في قاعة المحاضرات في «المركز الثقافي الفرنسي» نهار الأربعاء الماضي للاطلاع على آخر الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع في لبنان، والتي تقدّم ضمن سلسلة محاضرات تحت عنوان «Les Doctoriales» أو «رسالات الدراسات العليا». المحاضرة الأولى كانت لعلياء فارس، طالبة آثار في جامعة كولون في ألمانيا التي تحضّر أطروحة دكتوراه عن «معبدي عين عكرين» الرومانيين، اللذين لم يدرسا حتى الآن. فارس أشارت إلى أهمية وفرادة هذا الموقع المشيّد على هضبة تشرف على سهل الكورة، متحدّثة أيضاً عن صعوبة دراسته. فتوضح أنه لكلّ من المعبدين مدخل من الناحية الشرقية زُيّنت جدرانه بالمنحوتات، وكان معبد «إله الشمس ـــ هيلوس» قد استعمل مركزاً عسكرياً خلال الحرب الأهلية الأخيرة، وبني «متراس» يرتفع عدة أمتار داخل جدرانه، ما يحول دون دراسته حالياً.
أما المعــــــبد الثــاني، الذي رمم قليلاً في الستينات والســـــــــبيعــــــــــــنات من القرن الماضي، فدراسته صعبة لعدم وجود إشــــــــارة إلى الإله الــــــــــذي شيّد له أو حتى سبب بنائه في هـذه النقطة. الدراسة لا تزال في بدايتها، والمــــصاعب والتـــــــــساؤلات العلمية حول هذا المكان كبيرة.
أما المحاضرة الثانية، فهي تقدّم نظرة جديدة إلى مدينة بعلبك التي تحوّلت معابدها الرومانية الدينية إلى «قلعة» محصّنة مع مرور الزمن. ويدرس خالد الرفاعي، مهندس يعمل مع المديرية العامة للآثار، تحصينات القلعة في العصور الوسطى، وقد اكتشف من خلال زياراته للمعابد الرومانية في بعلبك كتابات نصّها الملوك والسلاطين لتخليد تحصيناتهم على هذه المعابد. فالشبابيك تحوّلت إلى مرمى النبال، وشيّد جامع بين المعبدين وبنيت الأبراج وأضيفت إلى الجدران الخارجية مقاذف لصبّ السوائل المحرقة.
بعلبك كانت في الفترات الإسلامية، كما في الرومانية، مدينة استراتيجية، حتى إن الصليبيين حاولوا احتلالها. وترتكز دراسة الرفاعي إلى النصوص التاريخية التي تصف، ابتداءً من القرن الثالث عشر، المدينة بأنها محصّنة، فيها قلعة تتميز بأعمدتها علماً بأن كـــــــــلمة «قلـــــعة» أطلقت منذ مئات السنين على المعابد.
ينظم هذا اللقاء الأسبوعي مكتب الآثار في المركز الفرنسي للدراسات في الشرق الأوسط، وهو يهدف إلى إفساح المجال أمام المختصين الجدد بتقديم دراساتهم عن مواقع مختلفة من لبنان.
***

الموعد الثالث والأخير هذه السنة لـ Doctoriales هو نهار الأربعاء المقبل الواقع فيه 16 أيار 2007، عند الساعة السادسة مساءً في قاعة المحاضرات في المركز الثقافي الفرنسي. وستكون المحاضرة الأولى تحت عنوان «دراسة أثرية لدير مار شعيا في برمانا» يلقيها رافي جيورجيان، أما المحاضرة الثانية فهي عن «المكان والهوية في بيروت في الفترة الهلنستية» وتقدمها نادين بقصماتي.