إبراهيم عوض
استغربت مصادر نيابية في «حزب الله» مسارعة البعض إلى اعتبار كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري عن «سيره خلف البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير في الملف الرئاسي»، إشارة إلى وجود خلاف داخل صفوف المعارضة حول موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، واعتراضاً غير مباشر على اسم مرشحها الذي يجري التداول به، وإن لم يعلن عنه رسمياً.
وفيما أكدت هذه المصادر أن ما يقوم به الرئيس بري «مدروس بعناية وغير مفاجئ نتيجة التنسيق القائم بين قيادتي الحزب وحركة أمل الذي يتعزز يوماً بعد يوم، وخصوصاً في المرحلة الراهنة»، لفتت إلى أن ما قام به رئيس البرلمان أدى إلى انتزاع موقف واضح من البطريرك صفير في شأن تمسكه بنصاب الثلثين لجلسة انتخاب الرئيس، الأمر الذي أحرج فريق الأكثرية وجعله يكشف عن عينة من الخلافات الدائرة في صفوفه تحت عنوان «الاتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية». كما أن إعلانه عن تأييده لمن يسميه البطريرك لرئاسة الجمهورية أتاح له وللمعارضة مساحة واسعة للتحرك والمناورة في هذا الإطار لعلمه أن البطريرك لن يفعل ذلك، وهذا ما صرح به في حديثه للصحافيين بعد لقائه الرئيس إميل لحود في قصر بعبدا أمس».
ورأت المصادر نفسها أن من مصلحة المعارضة ألا تستبق الأكثرية في الكشف عن اسم مرشحها، مذكرة بأن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، ولدى سؤاله عن مرشح الحزب في المقابلة التلفزيونية التي أُجريت معه مساء الأحد الماضي، اعتمد في جوابه على التلميح من دون التصريح.
كذلك توقفت المصادر النيابية في «حزب الله» عند التفسيرات التي أُعطيت لاتجاه الوزراء الشيعة المستقيلين إلى تصريف الأعمال، وقالت «إن الهدف من وراء ذلك التعامل مع مسألة الاستقالة التي لم تبت حتى الساعة، والحرص على تسيير شؤون الناس واسترداد المواقع الوزارية والإدارية التي استولت عليها قوى 14 آذار، من دون أن يعني هذا التدبير العودة إلى جلسات مجلس الوزراء أو التعاطي مع الرئيس فؤاد السنيورة، على أن يجري تصريف الأعمال من المنازل ويتم في حدوده الدنيا». وذكّرت هذه الأوساط بما أعلنه الرئيس بري أكثر من مرة عن عدم شرعية هذه الحكومة ودستوريتها وامتناعه عن عقد جلسات نيابية بحضورها.
من جهته رأى نائب رئيس حركة «أمل» النائب أيوب حميد أن «ما يقوم به الرئيس بري يهدف إلى إيجاد نقطة تلاقٍ بين اللبنانيين، وخصوصاً في ما يتعلق بالملف الرئاسي، وهو أعرب دائماً عن تقديره واحترامه لموقع البطريرك صفير المتقدم ولما يمثله على الصعيدين الوطني والروحي. ومن هنا جاءت استجابته لرغبة سيد بكركي بأن يعتمد مشروع قانون الانتخابات النيابية المقبل القضاء دائرة انتخابية، فيما توجه حركة «أمل» معروف، وهو جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة وإذا تعذر ذلك فالأوسع والأوسع».
ويرى حميد أن «البطريرك بدوره لاقى الرئيس بري في تمسكه بتوافر أكثرية الثلثين لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية»، مشدداً على «أن هذا الطرح الذي لن يتنازل عنه بري مهما كلف الأمر يمليه الدستور والقانون والعرف».
ونوه حميد بما صدر عن النائب بطرس حرب أول من أمس بعد لقائه البطريرك صفير وإعلانه أنه لن يترشح لرئاسة الجمهورية إذا ما استمر الخلاف في شأن النصاب الخاص لالتئام جلسة انتخاب الرئيس، لإدراكه أن مجيء رئيس للجمهورية في هذا الجو من التصادم يعني أنه سيمضي ولايته في الدفاع عن شرعيته، لا في حل مشكلة البلاد.
ولفت حميد إلى أنه «رغم المكابرة التي يعتمدها فريق 14 آذار ومحاولته الظهور على أنه فريق متجانس وموحّد، فإن ما نطق به حرب هو إشارة واضحة على المناخ المتوتر السائد داخل صفوفه».
وفيما ينفي حميد بشدة ما يتردد عن ظهور خلاف، وإن في مراحله الأولى، بين حركة «أمل» من جهة و«حزب الله» وسائر أطياف المعارضة من جهة أخرى، يوضح أن «التطابق في وجهات النظر لا يمنع أن تكون لدى هذا الفريق أو ذاك داخل الصف الواحد خصوصية في النظرة إلى بعض الأمور والمسائل، إلا أن ذلك لا يفسد للود قضية».