المنية ـ نزيه الصديق
تجاوزت المنية قطوعا أمنياً ــــ سياسياً أمس بعدما مرّ إلقاء عضو مجلس أمناء «تجمع العلماء المسلمين في لبنان» الشيخ مصطفى ملص خطبة صلاة الجمعة في مسجد المنية الكبير، من دون وقوع أيّ حادث، بسبب الانتشار الأمني الكثيف الذي نفّذه عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وفرقة مكافحة الشغب، التي انتشرت في محيط المسجد وعند مدخله الرئيسي، ما ساهم في ضبط وتخفيف جوّ الاحتقان والتوتر الذي ساد المنطقة منذ مساء أول من أمس.
وكانت الاتصالات قد تكثفت في الساعات التي سبقت إلقاء ملص لخطبته، بعضها داعم، وبعضها الآخر جاء محذّراً ومنبّهاً من انفلات الأمور من عقالها؛ وقد هدفت الاتصالات التي أجراها أكثر من طرف من المنية وخارجها، إلى تبريد الأجواء، واستيعاب أيّ تطور سلبي قد يحصل، إضافة إلى محاولات، فشلت منذ البداية، جرت لثني ملص عن قراره إمامة المصلين وإلقاء خطبة الجمعة، ردّاً على القرار الأخير لدائرة أوقاف طرابلس في 8/5/2007، القاضي بإيقافه عن إمامة المصلين في المسجد المذكور، بحجّة أنّ الخطيب (عيّن الشيخ مصطفى إبراهيم من طرابلس بدلاً من ملص خطيباً منذ نحو 5 أشهر) هو الذي يؤمّ الناس، وهو قرار جاء بعد إيقاف مفتي الجمهورية الشيخ محمّد رشيد قباني لملص عن الخطابة، مطلع شهر كانون الأول الماضي.
ووسط هذه الأجواء تقاطر مئات المصلين إلى المسجد الذي ازدحم بشكل غير مسبوق، وبقي قسم كبير منهم خارجه، حيث صفق بعضهم لملص أكثر من مرة عندما كان يلقي خطبته التي وجه فيها اتهاماً الى دار الفتوى ودائرة الأوقاف «بخيانة مسؤولياتهما، إذ وضعا نفسيهما في خدمة جهات سياسية في ما يخالف أمر الله وأمانة الدين، التي تنصّ على تحريم إلحاق الظلم بأحد، فكيف بمن يحملون أمانة العلم ومسؤولية التبليغ؟».
ورأى ملص أنّ القرارات التي صدرت بحقه، وهي الإيقاف عن الخطابة والإمامة، إنّما هي «قرارات سياسية، ولا مسوّغ لها من شريعة أو قانون أو دين»، طارحاً مبادرة «لحلّ الإشكال الناجم عن القرارات الجائرة من قبل الجهات الدينية، تتمثل في دعوة العقلاء والحكماء ووجهاء العائلات والعلماء في المنية، إلى تحمّل مسؤولية القرار في ما يتعلق بإمامة مسجد المنية الكبير»، واضعاً نفسه «بتصرف لجنة من هؤلاء، تجتمع وتقرر ما إذا كنت مناسباً لهذه الأمانة»، ومعرباً عن استعداده «للالتزام بما يصدر عن هذه اللجنة»، ومعلناً أنّه «مستعد للمحاسبة من قبل هذه اللجنة، على الأعوام الـ15 السابقة التي عمل بها إماماً وخطيباً في المنية»، ولافتاً إلى أنّه يرضى أن يكون «خاضعاً لقاعدة عامة تحكم عمل الخطباء والأئمة في كل لبنان؛ أمّا أن يكون الأمر استنسابياً ومسيّساً، فهذا أمر بعيد عن العقل والمنطق والعدل، ولا يقبله أحد».