راجانا حميّة
علّق طلّاب كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة والإداريّة في الجامعة اللبنانيّة تحرّكهم التصعيدي ضد قرار إلغاء المواد الشفهيّة، وصدر الحلّ شبه الرسمي بعد «تراجع» رئاسة
الجامعة عنه. وتضمّن الحل الإبقاء على مادّة شفهيّة واحدة وتحويل المواد الباقيّة، أيّاً كان عددها، إلى خطّية، ما عدا مادتين في السنة الثالثة ـ علوم سياسيّة


انتهى القرار... وانتصر «أصحاب القضيّة» في معركتهم ضدّ «أصحاب القرار»، فبعد كرٍّ وفرٍّ داما أكثر من أسبوعين ناضل فيهما طلّاب «الحقوق» في سبيل قضيّتهم، نجحوا أخيراً في خرق اتّفاق «الرؤوس النوويّة ورئيس أركانهم» وإنهاء مبارزتهم عند حلٍّ مبدئي، لم تعلن «شرعيّته» بعد. وفيما بارك رئيس الجامعة اللبنانيّة الدكتور زهير شكر القرار الجديد، ينتظر الطلّاب إقراره من مجلس الوحدة الذي يجتمع الأسبوع المقبل.
ولفت شكر إلى أنّ «الخطوة أقرب إلى الموضوعيّة، ولا أجد مانعاً لدى مجلس الوحدة في التصديق عليه»، غير أنّه يرى أنّ القرار الجديد رهن التجربة، هذا العام، على أن يُعتَمد بالشكل الرسمي عقب صدور النتائج.
وكان ممثّلو الفروع المعارضة قد نفّذوا اعتصاماً أمام الإدارة المركزيّة للجامعة اللبنانيّة، أكّدوا خلاله تصميمهم على استكمال الخطوات التصعيديّة، ما لم تتراجع «الرؤس النوويّة الستة ورئيس أركانهم عن قراراتهم الخاطئة». وتوّجوا اعتصامهم في «الإدارة» بلقاء مع رئيسها، خرجوا منه كما دخلوا إليه. فالرئيس لم يعد لديه ما يعطيه للطلّاب، نَفَدت وعوده التي واجهها الطلّاب بالرفض القاطع... وبات القرار رسميّاً. وخلال الاجتماع، طرح الطلّاب بعض الحلول على الرئيس علّه يعود عن قراره، من مثل تعيين لجنة فاحصة مشتركة من الفروع كافّة، فلم يلق طرحهم تجاوباً لديه، مصرّاً على أنّ القرار انتهى. وحاول بعضهم الضغط على الرئيس بالمادّة 33 من قانون الجامعة التي تنصّ في بعض أجزائها على أنّ القرار يجب أن يصدر خلال شهر شباط، فما كان من الرئيس إلاّ أن قال لهم، كما أشاروا: «إيه مين عم بطبّق القانون بالجامعة؟». حاولوا مراراً وتكراراً وضع المسؤوليّة برسم بعض المدراء، فعادوا إلى الجواب نفسه «هناك بعض المدراء غير مؤهّلين للإدارة ولا يملكون الخبرة في تعاملهم مع الطلّاب». أمّا رئيس الجامعة، فبدا أكثر هدوءاً... وثباتاً في قراره، وطالبهم بمتابعة الدراسة «قبل فوات الأوان، ومن ثمّ بارزوني بمقاطعة الامتحان». لكن شكر الذي نصح الطلّاب بالمتابعة والمقاطعة في آن، لمّح إلى «أنّ من يترك الامتحان يعدّ راسباً، لذلك لا داعي لمضيعة الوقت». كما أشار، تعليقاً على اتّهامات بعض الطلّاب بأنّ المجلس متآمر على الجامعة وأبنائها، إلى «أنّه إذا كان هناك شخص متآمر على الكلّية، لا ينطبق على الكلّ وبالتالي لا يلغي شرعيّة القرار». وكشف الرئيس عن اتّصالاتٍ أجراها مع عمداء الكلّيات دعاهم فيها إلى التساهل مع الطلّاب في امتحاناتهم بسبب الأوضاع التي مرّوا بها. وختم بأنّ للطلّاب الحق بإبقاء الفاصل الزمني بين المواد كما كانت في المنهج القديم، مكرّراً وعوده بأنّ «الأمتحانات لن تكون صعبة». وتطرّق الرئيس إلى موضوع إلغاء النشاط السياسي، فأشار إلى أنّ «النشاط معلّق، وليس ملغىً، ريثما يخبو التشنّج داخل الكلّيات»، مشدّداً على أنّ الجامعة ليست مكاناً للتثقيف السياسي والحزبي.
وبعد فشل المفاوضات، أصدر الطلّاب بياناً، نشروا فيها «اعترافات» الرئيس خلال الاجتماع، ومنها «أنّ رئيسنا أكّد أنّ القرار أتى متأخّراً، وأنّ هناك مديرين لا يملكون الأهلية ليحتلّوا المراكز التي هم فيها ولا خبرة لديهم تخوّلهم التعامل مع الطلّاب». كما انتقد البيان خرق المادّة 33 من قانون الجامعة، داعياً الطلّاب إلى وعي الهدف الحقيقي من وراء القرار. وناشد الرئيس البدء بإصلاح الإدارة والكادر التعليمي، قبل «الانتقام» من الطلّاب وتهديد مصيرهم.
وبعيداً عن أجواء الاجتماعات الرسميّة، واصل طلّاب الفرع الخامس اعتصامهم الرافض لقرار إلغاء المواد الشفهية، على وقع الأناشيد الوطنية الصاخبة. وأفادت مراسلة «الأخبار» سوزان هاشم بأنّ طلّاب المجلس أقاموا حاجزاً بشرياً على المدخل الذي يؤدي إلى قاعات الدراسة. وتخلّل الاعتصام كلمة باسم الطلّاب ألقاها حسين دقّة، الذي شدّد على أنّ العمل جارٍ لوقف مفعول القرار «ولو كان ذلك على حساب دمنا وحياتنا». واعتبر دقّة «أنّ الاستسلام، اليوم، يعني الموافقة على بيع الجامعة غداً، فهم يريدون تفريغ الجامعة اللبنانية من طلّابها تمهيداً لخصخصتها حتى لا يبقى للفقراء في هذا الوطن من ملاذٍ لتحصيل علمهم». ولم تغب «الهيصة» عن أجواء الاعتصام، فحوّل الطلّاب باحة كلّيتهم إلى حلقات دبكة.