«سأتخذ قراراً أقل سوءاً من أن تؤدي حكومة غير شرعية دور الرئيس»
أعلن رئيس الجمهورية إميل لحود أن من مصلحة الجميع تشكيل حكومة وحدة وطنية، منبّهاً الى انه إذا وصلنا إلى الاستحقاق الرئاسي ولم يتم اختيار الرئيس، سيتخذ قراراً أقل سوءاً من أن تبقى لدينا حكومة غير شرعية تؤدي دور رئيس الجمهورية.
مواقف لحود جاءت خلال مقابلة مع محطة تلفزيون «FRANCE 24» الفرنسية، وتمنى في مستهلها على رئيس جمهورية فرنسا نيكولا ساركوزي، «أن يقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين على غرار جميع أسلافه باستثناء الرئيس جاك شيراك»، وانتقد الأخير بشدة لافتاً إلى أن شيراك «أعطى طابعاً شخصياً لعلاقاته مع لبنان، وعندما يحكم الطابع الشخصي العلاقة تصبح عاجزة عن خدمة كل لبنان». وقال: «ما زال حتى قبل أيام من نهاية ولايته، يوفد مبعوثين إلى الأمم المتحدة لإقرار المحكمة ذات الطابع الدولي التي ستنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تحت الفصل السابع. لو أراد الرئيس شيراك حقاً الخير لجميع اللبنانيين، لتركهم يتفقون في ما بينهم»، معتبراً «أن الرئيس شيراك ظن أن لبنان محمية خاصة، فبات في الأمم المتحدة يتدخل في الشاردة والواردة في الملفات المتعلقة بلبنان».
وأشار لحود الى أن «علاقة الرئيس شيراك برئيس الجمهورية اللبنانية كانت تحكمها علاقاته الشخصية بالرئيس الشهيد الحريري، وعندما كانت علاقتي جيدة مع الرئيس الشهيد كان الرئيس شيراك يقف إلى جانبي، وعندما كنا نختلف، يدعم الرئيس شيراك الرئيس الحريري. وعندما اغتيل الرئيس الحريري أتى الرئيس شيراك إلى لبنان ولم يزرني»، وقال: «مباشرة بعد الاغتيال اعتبر الرئيس شيراك أن المسألة للثأر والانتقام، وهو تصرف من هذا المنطلق، وأول ما قام به كان الطلب من زعماء الدول الأوروبية مقاطعتي، والأمر نفسه فعله في القمة الفرنكوفونية عندما طلب من رئيس رومانيا عدم دعوتي لحضور القمة، لكن ذلك لم يؤثر فيّ».
ورداً على سؤال عما إذا كان يرغب في أن يعيد الرئيس ساركوزي توطيد علاقاته بسوريا، أبدى لحود أمله «أن يوطد علاقاته مع كل بلدان المتوسط، كما أعلن هو بنفسه، وفي ألا تحكم علاقاته الطابع الشخصي».
أضاف: «لديّ انطباع أن الرئيس ساركوزي رجل ديناميكي يريد الخير لفرنسا، وفي جعبته أفكار جديدة لمساعدة الجيل الجديد».
وتمنى لحود «أن يعمل اللبنانيون في غضون ذلك لكل لبنان، حتى لا يخسروا الوطن»، معتبراً «أن الحل في لبنان لا يمكن أن ينبع إلا من اللبنانيين أنفسهم، لأن ما من وسيلة لفرض الإرادة الخارجية على اللبنانيين».
وإذ رأى أن من مصلحة الجميع أن تشكل حكومة وحدة وطنية، لفت الى أنه «إذا وصلنا إلى الاستحقاق وعجزوا عن اختيار الرئيس، سأضطر إلى اتخاذ قرار، هو الأقل سوءاً بدلاً من أن تبقى لدينا حكومة غير شرعية تؤدي دور رئيس الجمهورية، فعندها أخشى أن يقع ما هو سيء للبنانيين».
وشدد على «أننا نحن من يطالب بالعدالة في قضية اغتيال الرئيس الحريري، ولكن لا بد من مراعاة القوانين الدولية، لا أن تقر المحكمة تحت الفصل السابع، لأنه وفقاً للقوانين الدولية يجب أن يكون هناك إبادة جماعية في لبنان، وألا يكون هناك قضاء، كما كان الوضع في يوغوسلافيا، حتى تقر المحكمة تحت الفصل السابع، وهذه الحال لا تنطبق علينا».
ولفت إلى «أن الملاحظات القانونية والدستورية التي أبداها على النظام المقترح للمحكمة الدولية ظلّت من دون جواب، ونحن نريد محكمة من أجل العدالة لا محكمة مسيّسة».
وأكد أنه «كان يجب ترسيم الحدود اللبنانية ــ السورية منذ وقت بعيد، بدءاً من الشمال، وذلك لأنهم يريدون وضع شبعا تحت عهدة الأمم المتحدة، وهذا ما نريده نحن أيضاً، ولكن من دون مقابل. أما هم فيريدون القيام بذلك على أن ينزعوا سلاح حزب الله في المقابل، لكن هذا لا يمكن ان يحصل، لأن المياه ستبقى في إسرائيل كما هي الحال الآن، حيث تذهب المياه اللبنانية إلى اسرائيل لأن الارض محتلة، وتنزع من أيدينا كل قوة لاستعادة مياهنا، وفي الوقت عينه يجري توطين الفلسطينيين في لبنان حين نفقد كل قوة بين أيدينا».
وعن نوع العلاقة التي تربطه بالرئيس السوري بشار الاسد، أوضح لحود «أنها أفضل العلاقات بين ندّين، مع احترام سيادة كل من لبنان وسوريا»، مؤكداً «أن لبنان يبقى مزدهراً ومستقراً حين يكون على علاقة جيدة مع جارته سوريا، لأن ما يحدّ لبنان من الجهات الأخرى هو اسرائيل والبحر، فهل نوطّد علاقاتنا مع عدونا ؟»، وأكد «أن هذه العلاقة ستعود إلى ما كانت عليه، وهذا ما حصل عام 1982 مع غزو إسرائيل للبنان».
وشدد على أن نزع سلاح حزب الله غير وارد قبل إرساء سلام شامل في المنطقة، «لأن لبنان يجب أن يحصل على حقوقه قبل نزع سلاح مقاومته، ومن هذه الحقوق عدم توطين الفلسطينيين على أرضه، واستعادة مياهه. وسلاح المقاومة يجب أن يبقى لأنه مصدر قوة لبنان، وذلك حتى تحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة».
وأكد لحود «أن لبنان يعتمد النظام الديموقراطي التوافقي، وهذا أمر فريد في العالم لأنه نموذج خاص بلبنان، لذلك لا بد من أن يشارك الجميع في الداخل في القرارات. لذا عندما تنسحب طائفة أساسية هي الطائفة الشيعية من الحكومة، لا يبقى للتوافق من مكان، وهذا ما أفقد حكومة الرئيس السنيورة شرعيتها، ولهذا السبب طالبنا بتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون الأكثرية فيها لفريق السنيورة، لكن تكون أيضاً للأفرقاء الآخرين كلمتهم».
(وطنية)