صور ــ عـلي عطوي
بعد مرور عشرة أشهر على عدوان تموز، تنشط العديد من هيئات المجتمع المدني في إطلاق برامج وحملات توعية تستهدف الدعم النفسي والاجتماعي لمتضرري الحرب، من بينها منتدى صور الثقافي الذي بادر إلى إنشاء مركز طبّي للإعانة النفسيّة، بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث النفسيّة والتحليلية.
منسق نشاطات المنتدى الدكتور محمد بسما أشار إلى أن «الأحداث التي مرّ بها لبنان جعلتنا نتخذ قراراً بضرورة مواكبة التطوّرات، والتحوّل من العمل الثقافي، إلى العمَل الاجتماعي الميداني، وخصوصاً أنّ لدى المنتدى الكثير من الأعضاء ممن هم أطبّاء، يُستعان بهم في تنفيذ المشروع».
وأضاف بسما: «لقد نفّذنا سلسلة لقاءات ومحاضرات حول أساليب الدعم والإعانة النفسيّة بعد الحرب، أمّا الآن فقد تحوّلنا إلى معاينات طبيعيّة، بمساعدة أطبّاء نفسيين واختصاصيين في علم النفس ومساعدين اجتماعيين».
ويصنّف بسما الحالات التي يستقبلها المركز ضمن فئتين «الفئة الأولى تشمل مَنْ كان يعاني مشاكل نفسيّة قبل العدوان، وتضاعفت معه الأمور بعد الحرب، أمّا الفئة الثانية فتشمل مَنْ أصيبَ بصدمات خلال الحرب».
ويعطي أنموذجاً لحالة طفل عايشها أخيراً، «كانَ إذا ما سمِعَ صوتاً قوياً يبدأ بالارتجاف، ويهرب ليختبئ في الزاوية».
أمّا بالنسبة إلى الحالات المستعصية، فيقف المنتدى عاجزاً أمام متابعتها، «نظراً إلى ارتفاع تكلفتها وعدم وجود الإمكانات الكافية، وخاصّةً أنّ المعاينات مجانية، كما أن المنتدى بصدد إعداد دراسة لمساعدة ذوي الحالات المستعصية للحصول على أدوية مجانيّة».
ولا يكتفي المنتدى بزيارة مَنْ يرغب، بل أقام لهذا الشأن اتصالات مع أطبّاء المنطقة، ليُصار إلى إرسال المرضى المراجعين، الذين يتبيّن أنّهم يعانون مشاكل نفسيّة إلى مركز الإعانة لمعالجتهم كما يؤكّد بسما، ويضيف: «نعمل على تجهيز فريق عمَل، لزيارة المدارس واكتشاف الحالات من بين التلاميذ فيها، إضافةً إلى استعدادنا للانطلاق إلى
المناطق».
بدورها تقول فاطمة شريم (مساعدة اجتماعيّة) «إنّ هناك الكثير من الأشخاص الذين يودّون طرح مشاكلهم، لكنّ حاجز الخوف يمنعهم، الأمر الذي يفاقم من المشكلة»، وتضيف: «إنّ التردد إلى عيادة الطبّ النفسي هي حاجة كلّ إنسان»، وتلفت إلى أنّ «الحرب شجّعت الناس، على امتلاك الجرأة والتحدّث بمشاكلهم، أمام الطبيب النفسي».
سناء (44 عاماً) أشارت إلى أنها «بعد الحرب تعرّضت لأزمة نفسيّة، وأصبحت إنسانة أخرى، وبدأ لديّ إحساس بالتوتّر والانفعال الدائم(...) وها أنا بدأت بالعلاج، وقد خضعت حتّى الآن لجلستين، تسمع خلالها الطبيبة لمشاكلي، التي تراكمت مع الزمن وأصبحت تشكّل عامل عدم استقرار لي وتؤرقني».