كانت الساعة تشير إلى العاشرة من صباح يوم الجمعة 5ـــ7ـــ1975 عندما خرج شاب مفعم بالحيوية بسيارته «الفولكس فاغن»، وهو يحمل ثلاجة معبأة بـ35 كلغ من المتفجرات، تركها في موقع مكتظ بالمستوطنين الإسرائيليين في ميدان صهيون بمدينة حيفا حيث لم تلبث أن انفجرت موقعة 91 قتيلاً وجريحاً.وتدور الأيام ويشاء القدر لـ أحمد جبارة (أبو السكر) أن يقبع في الأسر أكثر من 27 عاماً، ليكون عند تحرره عام 2003 أقدم وأكبر أسير فلسطيني محرر، حتى استحق عن جدارة لقب «مانديلا فلسطين».
أبو السكر، الرحالة الذي جال قارات العالم، قبل الاعتقال وبعده، حط أمس في بيروت في زيارة عائلية خاصة ليتعرف إلى خطيب ابنته الشاب اللبناني عماد شاهين، وليسترجع مع عشرات الأسرى اللبنانيين المحررين مسيرة طويلة من الحياة المشتركة، كان فيها بمثابة الأب الذي أفنى أجمل سني عمره برفقه أبنائه.
المحطة الأولى مع أنور ياسين، الذي أمضى مع أبو السكر قرابة سبع سنوات في عسقلان. اختار أبو السكر أن يمضي مع أنور سهرة في أحد مطاعم بيروت، استرجع فيها ذكريات الأسر بحلوها ومرها. أما أنور فيقول انه «يقدر كثيراً أبو السكر ويعدّه نموذجاً في التواضع والنضال، فلقد اختار أن يأتي إلى لبنان بدون ضجيج إعلامي وأراد أن يلتقي بمن أحب بعيداً عن المهرجانات والخطابات الرنانة والاستقبالات الرسمية رغم انه يحمل جواز سفر دبلوماسياً ويشغل منصب مستشار الرئيس محمود عباس لشؤون الأسرى».
المحطة الثانية لأحمد جبارة كانت أمس في الجمعية اللبنانية للأسرى المحررين، حيث التقى مسؤول الوحدة الاجتماعية في حزب الله الشيخ عبد الكريم عبيد في حضور رئيس الجمعية اللبنانية للأسرى والمحررين عطا الله إبراهيم وممثلين عن المؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى وعدد من الأسرى المحررين في السجون الإسرائيلية وعوائل الأسرى المعتقلين. لحظة عناق طويلة جمعت أبو السكر مع الأسير مصطفى حمود، عناق لم يخل من دموع انهمرت على خد أبو السكر الذي يشتعل رأسه بالشيب وتسكن مقلته ضحكة جميلة لا تشبه سني أسره بشيء.
اللقاء تناول شجون الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية وشجونهم، والممارسات الصهيونية التعسفية التي تمارسها إدارة السجون في حق الأسرى والمعتقلين.
أبو السكر أثنى على الجهود الجبارة التي يبذلها حزب الله تجاه الأسرى والمعتقلين، مثمّناً الدور الريادي للسيد حسن نصر الله ومطالباً إياه بشمول المفاوضات بشأن الأسيرين الإسرائيليين أسرى فلسطينيين وعرباً.
من جهته، حمّل الشيخ عبيد أبو السكر سلام المجاهدين في لبنان إلى كل المناضلين في فلسطين المحتلة. وتطرق الشيخ عبيد إلى ضرورة «تحصين الساحة الفلسطينية مندداً بالاقتتال الداخلي بين الإخوة والذي لا يخدم إلاّ تطلعات العدو الصهيوني الذي يسعى بكل ما أوتي لتأجيج الفتنة الداخلية التي من شأنها أن تقطع طريق النضال والمقاومة».
(الأخبار)