strong> ثائر غندور
يطول النقاش في مجمّع الحدث الجامعي. لا يزال صوت طلاب المسرح المعترض على الأحكام المسبقة التي تصنفهم في خانة «الفاسقين» يعلو في فضاء المجمّع. يقول أحد الأساتذة السابقين في معهد الفنون الجميلة في حلقة تلفزيونية «الجامعة اللبنانية عبارة عن شبكات دعارة وتجارة مخدرات». لا يرضي الموقف طلاب المسرح لكونه صادراً عن أستاذ سابق في المعهد، يُذكّرهم بكلّ ما تعوّدوا أن يسمعوه عن أنهم «حشّاشون» وأن صبايا المسرح «عاهرات» وشبابه «شاذون جنسياً». تعلو الصرخة فيقول أحدهم: «إذا ما بدهم قسم مسرح فليقولوا لنا.
بالقرب من معهد الفنون الجميلة، يجلس شاب وصبية، يحافظان على المسافة الشرعية، وبجوارهما اثنان التصقت أيديهما. «إنه التنوّع»، يقول أحد طلاب المعهد ويصرخ لزملائه: «في صوت موسيقى بالعلوم، خلونا نشوف شو عم بيصير».
تنبعث الموسيقى أمام كافتيتريا كلية العلوم. «شبيبة جورج حاوي من أجل الاستقلال والعدالة (شجاع)»، فرفاق رافي ماديان قرروا الرقص على أنغام «لا ازرعلك بستان ورود» وغيرها من الأغاني اللبنانية والأجنبية في «اليوم المفتوح» الذي سعى إلى إخراج الطلاب من الضغط قبل بداية الامتحانات. فأتوا بالدراجات الهوائية، ونظموا المسابقات التي تشبه تلك التي تقيمها المحطات الإذاعية الفنية في المتاجر والمحال الكبيرة. فجأة يصل أحد الشبّان، فيعبّر عن اعتراضه على نوع الموسيقى في جامعة «الشهداء». شبيبة «شجاع» يردون بالرقص والدبكة، يتدخل رئيس مجلس طلاب الفرع فضل الموسوي ليوفّق بين الاثنين، «رجاءً أخفضوا صوت الموسيقى، ولماذا لا تكون الأغاني عربية فقط فأنتم أصيلون، وأغاني السيدة فيروز لا تشكو من شيء». انتهت جولة النقاش هنا. صوت الموسيقى ينخفض ثم يرتفع مجدداً. عددٌ من الطلاب رقص حتى التعب.
على بعد أمتارٍ من احتفال «شجاع»، أقامت جمعية المبرّات الخيرية وعدد من طلاب كلية العلوم، معرضاً للكتب يستمر حتى يوم الجمعة المقبل. يأسف أحد المنظمين لعدم قدرتهم على التنويع في الكتب التي كانت دينية بمعظمها، بسبب ضيق الوقت، ورأى أنّ معرض المعارف الاسلامية للكتب في الضاحية الجنوبية لم يؤثر «إذ لم يذهب كل الطلاب إلىه»، كما أن معرضي حزب الله والحزب الشيوعي اللذين نظما في الجامعة لم يؤثراً أيضاً، «فلكل معرض جمهوره».
بدا مجمّع الحدث أمس متنوعاً. تمتزج الموسيقى بالكتب الدينية، والطلاب ينتقلون من هنا إلى هناك. وبين المحطتين يقرأون، ورقة على جدار المكتبة: «نرجو من الطلاب الالتزام بالآداب والأخلاقيات العامة»، تذيلها: «تحت طائلة المسؤولية» والإمضاء للإدارة ومجلس طلاب الفرع. لم يلاحظ كل الطلاب هذه الورقة، وقلّة اعتبروها «مهينة» لأنها تصوّر الطلاب وكأنهم «من دون أخلاق». يقول الموسوي إنّ الإدارة علّقت هذه الورقة، بعد حصول «تجاوزات أخلاقية في الملعب من طلاب الكلية والكليات الأخرى في المجمّع الجامعي وآخرين من خارج المجمّع». هو يملك تبريراً لوضع الورقة، لكنّه يؤكّد عدم التعميم في هذه الحالة. في المقابل ينفي مدير الكلية الدكتور علي كنج علاقة الإدارة بالورقة، ويلفت إلى أنّه طلب من المجلس إزالته، وأنه سيقوم بجولة نهار غد (اليوم) للتأكد من ذلك. لا ينسى المدير الإشارة إلى تصرفات «لا أخلاقية» يقوم بها البعض، وأغلبهم من خارج كلية العلوم، وإن كان يشدد على احترام الحريات الشخصية. القضية لا يجوز أن تُحمّل أكثر مما تحمل، يقول الموسوي. النقاش حول القضية لا ينتهي، فهي تحمل آراء مختلفة بالنسبة إلى الموسوي وهو يحاول أن يوفّق بين «الذوق العام في الكلية التي لا يجوز أن نشبّهها بباقي الكليات» وبعض التصرفات.
انتهى يوم أمس، كما ينتهي أي يوم عادي. ذهب كل طالبٍ إلى منزله، وسيعود اليوم... وهكذا تجري دورة الحياة، في مجمّع يضم أطيافاً متنوعة فكرياً وثقافياً وسياسياً. يحدث نقاش واختلافات توحي بأن ثمة حياة جامعية في هذا المجمّع.