البقاع ـ عفيف دياب
وجوه معروفة في التيار تعيد حساباتها وتفتح خطوط اتصالات مع قوى في المعارضة

نجحت بعض فاعليات البقاع الأوسط، في الأيام الماضية، في إقناع مجموعة من تيار «المستقبل» تطلق على نفسها اسم «أحرار المستقبل» بسحب بيان كان مقرراً توزيعه يطلبون فيه من النائب سعد الحريري «وضع حد لحال الفوضى المسيطرة على عمل التيار في البقاع». كما يطلب البيان الذي بقي داخل الغرف المغلقة من «الشيخ سعد الحريري» العمل على منع وصول «أشخاص من أتباع الوصاية السورية» الى قيادة التيار في البقاع و«إلا فسيكون لنا موقف بمغادرة صفوف التيار». ويختم البيان بتأكيد ولاء «أحرار المستقبل» للنائب الحريري.
هذا البيان الذي مُنع تداوله وسربت بعضاً من مضمونه قيادات «حريرية» في البقاع الى «الأخبار»، تقف وراءه مجموعة قيادات في «المستقبل» وجدت في المعلومات «المؤكدة» والمتداولة عن قرب الإعلان عن قيادة جديدة للتيار في زحلة والبقاعين الأوسط والغربي «سحباً للبساط من تحت أقدامها وكفّاً ليدها» عن شؤون التيار في المنطقة.
ويقول متابعون لوضع «المستقبل» في البقاع إن التيار يشهد منذ قرابة ستة اشهر تراجعاً كبيراً في أداء دوره في الشارع السني في المنطقة بعد تزايد الخلافات داخل قياداته المحلية حول من له «الأمر»!.
ويوضح المتابعون أنه، إثر المعلومات المتداولة عن قرب إعلان القيادة الجديدة في زحلة والبقاعين الأوسط والغربي «استفحلت الخلافات على المناصب، ورافقتها اتهامات متبادلة عن أعمال غير مشروعة في قضايا مالية وخدماتية»، ما أدى الى تراجع نسبي في تأثير «المستقبل» في الوسط السني، وفتح الباب أمام قوى سياسية معارضة وموالية، على حد سواء، لأخذ زمام المبادرة وتفعيل نشاطها واتصالاتها بعد ارتفاع مستوى البلبلة داخل قواعد التيار جراء أداء قياداته المحلية. اذ ارتفعت بعض الأصوات «المستقبلية» معبرة عن امتعاض كبير من سياسات بعض الرموز في البقاع، حيث بدأت بعض الوجوه المعروفة بإعادة حساباتها عبر الاتصال ببعض القيادات السياسية في المعارضة، ولا سيما بالوزير السابق عبد الرحيم مراد الذي بدأ تياره يفعّل نشاطه في البقاع الغربي ويعقد اجتماعات سياسية وحوارية مع رموز وفاعليات في المنطقة تعدّ مقربةً من «المستقبل» وقوى سياسية وحزبية موالية.
ويقول مطّلعون من داخل التيار المستقبل في البقاع إن إعلان القيادة الجديدة للبقاعين الأوسط والغربي كان مقرراً الأسبوع الماضي، ولا سيما أن مقر القيادة الجديد سينقل من مبنى بنك «البحر المتوسط» الى منزل قديم للنائب السابق محمد علي الميس في شتورا، حيث شارفت أعمال الترميم على الانتهاء. ويوضحون أن الأسماء المتداولة لتولي القيادة الجديدة انحصرت في الوقت الراهن بكل من: العميد السابق عمر العبدوني في البقاع الغربي، وجميل الميس (نجل النائب السابق محمد علي الميس) في البقاع الاوسط، والمحافظ السابق نقولا سابا في زحلة على أن يكون المحامي زياد القادري في القيادة المركزية للتيار ويتولى متابعة أمور البقاع. وأشار المتابعون الى أن هذه الأسماء، التي بدأت تنشط أخيراً، لن تعلن بشكل رسمي في الوقت الراهن جراء استفحال الخلافات بين قيادات التيار في البقاع، ولا سيما بين الذين تولّوا إدارته منذ الانتخابات النيابية السابقة. اذ يقف هؤلاء حجر عثرة أمام تنشيط التيار سياسياً وتنظيمياً في المنطقة بعدما شعروا بأن «أيامهم في التيار انتهت»، على حد تعبير أحد القياديين الذي أصبح مقرباً جداً من القيادة المركزية لـ «المستقبل» في بيروت، ويتولّى حالياً بلورة «مشهد» إعلان القيادة الجديدة. ويوضح القيادي الذي زار مكتب «الأخبار» في شتورا أن «كف يد بعض الأشخاص في قريطم عن التدخل في وضع التيار في البقاع، انعكس إيجاباً وترك ارتياحاً لدى القواعد الشعبية، ولا سيما أنهم كانوا قد وضعوا فريقاً موالياً لهم في البقاع أساء الى التيار وعمله السياسي والشعبي».
وعن البيان الذي كان سيوزع باسم «أحرار المستقبل» في البقاع أكد أنه «سُحب في اللحظة الأخيرة بعد تمنيات من قيادات مركزية في التيار حتى لا تتعكر الأجواء ويتفاقم الخلاف»، رافضاً الإفصاح عما إذا كان البيان قد وصل الى النائب الحريري ما دفعه الى تأجيل اعلان القيادة الجديدة. لكنه أشار الى أن «رسائل عدة أرسلت عبر الفاكس من البقاع الى قصر قريطم ترفض الاعتراف بالقيادة الجديدة او العمل معها».
ويتابع القيادي الذي بدأ بالظهور أخيراً في البقاع بالقول: «إن من كان يتولى قيادة التيار في البقاعين الأوسط والغربي أساء كثيراً إلى القواعد الشعبية التي تململت وارتفع صوتها مطالبة بقيادة جديدة تعيد الاعتبار الى تيار المستقبل في المنطقة، وقد لاقت هذه الأصوات رداً إيجابياً من النائب الحريري الذي يتابع بدقة ما يجري هنا، ويملك تقارير مفصّلة وموثّقة عن عمل القيادة منذ الانتخابات النيابية السابقة حتى الأمس القريب، وبالتالي لا أحد يستطيع أن يؤثر في قرارات الشيخ سعد الذي يملك أدق التفاصيل ويعرف دقة الموقف في البقاع». ويختم القيادي قائلاً: «ليس بإمكان تيار المستقبل أن ينجح سياسياً وتنظيمياً في البقاع من دون محاسبة (...) ووضع الأمور في نصابها الصحيح. ومن هنا لا بد من إعادة حتى لا تبقى الفوضى هي القوة المسيطرة».