أكد رئيس مجلس الدوما الروسي ألكسندر تورشين أنه لا مشكلة في تأليف حكومة وحدة وطنية في لبنان وكرر رفض بلاده التدخلات الخارجية في الشؤون اللبنانية، مؤكداً أنه «من دون حل المشاكل مع الجوار لن يتمكن لبنان من حلّ مشاكله الداخلية».تابع تورشين جولته أمس على المسؤولين اللبنانيين فالتقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بحضور وزير الخارجية بالوكالة طارق متري والسفير الروسي في لبنان سيرغي بوكين والمستشارين محمد شطح ورولا نور الدين. وتركز البحث خلال الاجتماع على التطورات على الساحة المحلية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية. والتقى المسؤول الروسي الرئيس عمر كرامي ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط.
وأوضح تورشين في تصريحات له «أن الهدف الأساسي لزيارتنا لبنان هو تنظيم لقاءات مع الطرفين: الأكثرية البرلمانية والمعارضة، ومناقشة مواضيع مختلفة مرتبطة بالوضع في لبنان ومشاكله السياسية، ونأخذ في الاعتبار كل المعلومات التي نتزودها من كلا الطرفين»، مشيراً الى أن «دور لبنان ووضعه مهم جداً بالنسبة إلى كل منطقة الشرق الأوسط».
ورداً على سؤال عن عدم حسم الموقف الروسي من المحكمة الدولية، قال: «لا أفهم لماذا فهمتم أنه ليس هناك موقف لروسيا الاتحادية في هذا الصدد. إن الديبلوماسيين والخبراء الروس يجتمعون في أعمال ترتبط بتأسيس المحكمة الدولية، وهذا عمل يتطلب وقتاً طويلاً ويجب أن يكون دقيقاً، لأنه أهم شيء بالنسبة إلينا ألا تصدر عن المحكمة أحكام في المستقبل كثيرة الشكوك، نحن موافقون مع مواقف أغلبية السياسيين اللبنانيين، الذين خلال لقاءاتنا لم يقل أحد منهم إنه ضد المحكمة الدولية، ونحن نؤيد فكرة تأسيس المحكمة الدولية في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولكن في الوقت نفسه نقول إن آلية المحكمة يجب أن تكون مدروسة وتحتاج الى عمل دقيق في هذا الصدد كي لا تكون أية شكوك في أعمالها».
ووضع تورشين لقاءه مع العماد عون الذي حضره مسؤول الاتصالات السياسية في «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ومسؤول الاتصالات الدبلوماسية ميشال دو شدارفيان، في إطار تفعيل العلاقات بين روسيا الاتحادية ولبنان، ووصفه «بالمفيد وبأنه يسمح بالاطلاع عن كثب على ما يحدث في لبنان».
واعتبر أن الوسيلة الأولى لحل الأزمة اللبنانية هي تأسيس حكومة قوية توحد اللبنانيين وقال: «التجربة الروسية خير دليل على ذلك، فبعدما أسسنا حكومة وحدة تمكّنّا من حلّ كل مشاكلنا». أما الوسيلة الثانية للحل التي طرحها تورشين فتتعلق بتفعيل العلاقات بدول الجوار وقال: «من دون حل المشاكل مع الجوار لن يتمكن لبنان من حلّ مشاكله الداخلية ومن توفير استقراره»، وأضاف مستشهداً بمثل أوكراني: «تجادل ثلاث مرات مع زوجتك بدلاً من مرة واحدة مع جارك». واعتبر أنه «لا توجد عوائق أمام تأسيس حكومة وحدة وطنية وأن لبنان صاحب التقاليد الديموقراطية العريقة سيتمكن من تخطي كل مشاكله»، وأضاف: «اجتمعت مع عدد كبير من السياسيين اللبنانيين ولمست نيتهم التوصل إلى حل، ولكن المشكلة الوحيدة هي انعدام الصبر لديهم».
وأكد تورشين رفض روسيا أي تدخّل خارجي في الشؤون اللبنانية مهما كان مبررها. وعما إذا كان هذا الموقف يعكس فتوراً ما ظهر خلال لقاء الرئيس الروسي بوتين ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أكد أن العلاقات الروسية الأميركية تتصف بالتعاون واحترام وجهات النظر المختلفة.
من جهته، رأى الرئيس كرامي أن الحركة الديبلوماسية الأميركية والروسية في لبنان هي بسبب قيمته في المنطقة والعالم، لافتاً الى أن «كل الوفود الأجنبية تأتي وتقول إن على اللبنانيين أن يحلّوا قضيتهم بأنفسهم، ولكننا نحن نشعر أنه لو ترك اللبنانيون لوحدهم لحلوا مشكلتهم منذ زمن، ولكن التدخلات والإملاءات الخارجية التي شهدناها على شاشات التلفزيون من خلال الكلام الذي قاله المستر (مساعد وزيرة الخارجية الأميركية دايفيد) ولش والذي يؤكد هذه التدخلات، ويؤكد أن كل المبادرات السابقة سواء كانت عربية أو دولية أو من الجامعة العربية، كلها عُطّلت بسبب هذه التدخلات والإملاءات».
ورداً على سؤال، أمل أن «يدرك الجميع خلال الفترة المتبقية للاستحقاق الرئاسي أنه لا مصلحة في هذا الانقسام الذي إذا كرس، لا سمح الله، برئيسين وحكومتين، العوض بسلامتكم بلبنان، لذلك على الجميع أن يدرك هذه المسؤولية ويتنازل عن هذه المنهجيات وهذه الطروحات التي لا توصل إلا الى التحدي والفتنة».
ولفت الى أن المسؤول الروسي استفسر «عن أسباب الأزمة اللبنانية وآلية انتخاب الرئيس وكيفية حصول حكومتين، وما هو النصاب وما هي الأحكام الدستورية في هذا الشأن، فشرحنا له هذه الأمور».
وأكد كرامي أن «المعارضة على مواقفها بالنسبة الى المحكمة»، موضحاً أنه إذا صدرت «كما وردت في المسودة من دون التعديلات التي توفر الضمانات، لكي لا تكون مسيسة وأداة للانتقام السياسي، المعارضة ستتعاطى معها وكأنها لم تكن»، وأشار الى ان المعارضة «تتمنى أن نصل الى الاتفاق على رئيس قوي ونظيف يستطيع بالفعل أن يصلح هذه الدولة وأن يرضي كل اللبنانيين»، لافتاً الى ان المعارضة «ترى في العماد عون المرشح الذي يحقق هذه الأهداف، وعندما تقول المعارضة برئيس توافقي تعني بذلك العماد عون». وتمنى ألا نصل الى رئيس وحكومتين.
(الأخبار، وطنية)