بنت جبيل ــ داني الأمين
لم يكن بعض أهالي بيت ليف (قضاء بنت جبيل) يعتقدون أنهم سيلجأون مجدداً بعد الحرب للسكن في المدارس الرسمية، كما اضطرّوا سابقاً الى ذلك أثناء العدوان. فوقف الأعمال العدوانية أعادهم الى بلدتهم ولكنه لم يُعِدهم الى منازلهم التي تهدّمت، فاضطر هؤلاء بغياب البديل الى السكن في مدرسة البلدة القديمة التي سلمت من القصف. وعلى رغم ذلك، كانوا يأملون أن يُعمل سريعاً على إعادة بناء منازلهم، أو الإسراع في دفع التعويضات لكي يقوموا بذلك بأنفسهم. عود على بدء، المشكلة تبقى هي عينها، إذ تسكن خمس عائلات الخيم تحت المطر في بلدة مركبا وهي قد انتظرت وما زالت تنتظر الإسراع في دفع التعويضات، وخمس عائلات أخرى في بيت ليف وجدت في المدرسة الحلّ، لكن في الحالين الحلّ لم يكن موقتاً. تقول غادة عقيل «أسكن أنا وزوجي وأولادي الأربعة في صف واحد، يحتاج إلى الترميم، فالمطر يتسرّب الى الداخل، أما الحمامات فهي على بعد أمتار في ملعب المدرسة وتحتاج الى الكثير لتفي بالغرض، وأضطر وأولادي إلى الذهاب إليها وتحت المطر أحياناً».
أولاد غادة عقيل يعانون الإعاقة، ويشعرون بالخوف عند سماع الأصوات العالية. ويشكو ناصر مصطفى من قلة الاهتمام بحالهم بعدما فقد عمله الوحيد بسبب الحرب، فهو كان يعمل في تربية المواشي، لكن الحرب قضت على مصدر رزقه هذا بعدما قُتلت المواشي التي يملكها، ويقول «لم نجد منزلاً للإيجار فاضطررنا إلى الإقامة، هنا، في أحد صفوف المدرسة الذي كان المجلس البلدي قد اعتمده مقرّاً له وهو الآن من دون مقرّ». ويؤكد مصطفى أنه والعائلات الخمس التي تسكن المدرسة «كانوا يقيمون في الجامعة اللبنانية أثناء الحرب، وأنهم لم يتوقعوا ملاقاة هذا المصير بعد ذلك». لكن على رغم ذلك فأولاد هذه الأسر فرحون بباحة المدرسة التي أصبحت ملعباً كبيراً لهم، إذ يقول الطفل هادي عقيل «أنا أحب السكن هنا، فالملعب كبير ورفاقي كثر». حال هذه العائلات لا تختلف كثيراً عن حال بقية عائلات بيت ليف، فهذه البلدة تهدّم فيها أكثر من 250 منزلاً، إضافة إلى 500 منزل تحتاج إلى الترميم، وتعتمد على الزراعة وتربية الماشية التي فُقد أغلبها أثناء الحرب، وفرص العمل قليلة جداً، كما يقول ناصر مصطفى، «لا يوجد عمل هنا إلاّ في عمليات نزع الألغام والبحث عن القنابل العنقودية».