strong>عارضوا، هدّدوا، فاعتصموا... نالوا مطلبهم بعودة الانتخابات إلى كلياتهم. ثم خفتت أصواتهم وتقاعسوا عن ممارسة حقهم الديموقراطي. فطلاب الجامعة اللبنانية لم ينجحوا في إجراء انتخاباتهم في معظم الفروع الأولى وبعض الفروع الثانية، «مثقلين» بعبء السياسيين في الخارج ومشاغلهم الأكاديمية في الداخل
أرخت مقاطعة قوى 14 آذار الطلابية لانتخابات مجالس طلاب الفروع الأولى بظلالها على الاستحقاق الانتخابي في مجمع الحدث. ففيما تحسم بعض أطراف قوى المعارضة خيارها باستبعاد «الموالاة» عن تحالفاتها، ترى في الوقت نفسه أنّ خوض الانتخابات في غيابها ينسف التوازن والحريات الطلابية. وفي ظل استمرار المقاطعة، تبدو صورة الانتخابات ضبابيّة في كلّية العلوم الاقتصاديّة وإدارة الأعمال، إذ لم يحسم مجلس الطلّاب خياره بعد. وبين التأجيل أو التنفيذ، يفضّل رئيس المجلس محمّد الموسوي، خلال هذه الفترة، متابعة المشاكل الأكاديميّة للطلّاب. وإن كان لم ينفِ إمكان إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الدراسي «وخصوصاً أنّ الفترة كافية للتحضير، فالامتحانات في الكلية تجري عادة في تمّوز». أمّا مسؤول شعبة حركة أمل في الكلّية سليمان عطوي فيلفت إلى أنّ إجراء أي انتخابات في ظل الواقع السياسي المأزوم قد يؤدّي إلى مشاكل «وبلبلة» بين الطلّاب. وتنسحب أجواء إدارة الأعمال إلى كلّية الصحّة العامّة، فيشير رئيس مجلس الطلّاب حسام ياسين إلى «أنّ تحديد موعد الانتخابات مرتبط بالأجواء السياسيّة في الخارج ووضع المجمّع».
وتتّجه كلّية الحقوق والعلوم السياسيّة والإداريّة إلى تأجيل انتخابات مجلس طلاب الفرع حتّى بداية العام الدراسي المقبل. وبانتظار الإعلان الرسمي للتأجيل، يلمّح رئيس المجلس وسيم كوثراني إلى أنّ «الانتخابات لن تحصل هذا العام»، عازياً السبب إلى سلسلة الإضرابات التي نفّذها الطلّاب الأسبوع الماضي وإلى اقتراب موعد الامتحانات النهائية. من جهته، يلفت مندوب التعبئة التربويّة في الكلّية حسين قشاقش إلى «أنّ الطلّاب لن يحتملوا جولاتٍ جديدة من إضاعة الوقت قبل الامتحانات، ولم يبق لهم سوى الفترة التحضيرية التي ينتظر أن تبدأ بعد أسبوعين». أمّا مندوب تيّار المستقبل في الكلّية خالد مزبودي فيشير إلى أنّه في حال حصول الانتخابات، فإنّ قوى 14 آذار لن تعود عن قرار المقاطعة الفي المجمع الجامعي في الحدث. إلاّ أنّه، رغم قرار القيادة الصارم، يمرّر مزبودي رسالة إلى قوى المعارضة، معرباً عن استعداد القوى المقاطِعة لإعادة النظر بالقرار «إذا بادرت قوى 8 آذار إلى فتح باب الحوار وإشراكنا في الانتخابات مع الأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على الحرّيات والأجواء الديموقراطيّة.
أما مجلس طلاب كلية العلوم فيسعى إلى إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الدراسي، لكنّ لا شيء مؤكّداً حتى الآن، بحسب رئيس المجلس فضل الموسوي. ويوضح الموسوي أنّ الإدارة طلبت منهم التوافق لتجنيب الجامعة معركة سياسية. ويرى أنّ مقاطعة 14 آذار هي أحد أسباب عدم إجراء الانتخابات.
وفي الفروع الثانية، تولي القوى السياسية المسيحية انتخابات الهيئات الطلابية اهتماماً خاصّاً، وكأنّ هذه الاستحقاقات تساهم في تحديد «خيارات الشارع المسيحي»، فتغيب البرامج الطلابية «الجديّة» على حساب المواقف السياسية، وتضيع حقوق الطلاب بين خلافات القوى المتصارعة.
ووسط الكرنفال السياسي ــــ الطلابي، تختلف القوى في ما بينها على إجراء الانتخابات في عدد من الكليات، منها معهد الفنون الجميلة (فرن الشباك) وكلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال (الأشرفية)، حيث لم يحدد الموعد بعد رغم أنّ العام الدراسي شارف على نهايته.
ففي معهد الفنون الجميلة لم تفلح جهود التيار الوطني الحرّ في الضغط باتجاه إجراء الاستحقاق الانتخابي، ويرى أحد مسؤوليه في الكلية ريان خوري، أنّ قوى 14 آذار ترفض إجراء الانتخابات بحجة «أنّ العام الدراسي شارف على النهاية»، لافتاً إلى تماهي موقف الإدارة مع الحجة القواتية.
من جهته، يرى مسؤول خليّة القوات اللبنانية في المعهد سامر واكيم أنه يجب احترام الموعد الطبيعي لإجراء الانتخابات، وهو في بداية العام الدراسي، مؤكداً «أنّ القوات لا تجد مشكلة في إجراء الاستحقاق، وأنّ أنصار التيار حلّوا الهيئة الطلابية التي يسيطرون عليها».
ويتكرر المشهد نفسه في إدارة الأعمال حيث لم يحدد الموعد ولا النظام الانتخابي بعد، بينما تصرّ كل القوى في الكليّة على ضرورة إجراء الانتخابات لما لها من بعد سياسي. وفي هذا الإطار، يرى مسؤول خليّة القوات اللبنانية إيلي بويز أنّ عدم تأليف هيئة طلابية سيسبّب الإشكالات. أما مندوب التيار رائد الحاج فيلفت إلى أنّ مدير الكليّة لم يدعُ الأطراف بعد إلى اجتماع للبحث في الشأن الانتخابي، مشيراً إلى أنّ تغيير القانون هو محاولة لإلغاء الانتخابات.
في المقابل، يفضّل مسؤولو المنظمات الطلابية والشبابية ترك القرار للطلّاب، وإن كان مسؤول التعبئة التربويّة في حزب الله يوسف مرعي يرى «أنّ التأجيل هذه السنة هو الحلّ الأمثل في ظلّ مقاطعة طلّاب 14 آذار والأجواء المتشنّجة في البلد». وإذ يؤكّد مرعي أنّ نتائج انتخابات مجمّع الحدث محسومة للقطبين المعارضين «الحزب والحركة» استناداً إلى انتماءات الطلّاب المسجّلين في كلّياته، يرى في التأجيل صيغة ملائمة في مواجهة «اللغة الخشبيّة التي يتبنّاها طلّاب 14 آذار حول قمع الحرّيات الذي يمارسه حزب الله في المجمّع...». وفيما يشدّد مرعي على أنّ «التحالف مع قوى السلطة غير وارد في روزنامة الحزب»، يوضح «أنّ مشاركتهم في الانتخابات ضروريّة لضمان الحرّيات والتوازن، كما أنّها تساهم في تغيير «البروباغندا» التي تسري عن أنّ حزب الله يصادر المجمّع، إضافة إلى أنّه يلائمنا كحزب أن نأخذ الصراع باتّجاه سياسيّ بحت، لنخرج من الفتنة التي يمكن أن تجرّها مقاطعة بعض الأطراف». من جهته، يرى مسؤول مكتب الشباب والرياضة المركزي في حركة أمل الدكتور حسن اللقيس «أنّ إجراء الانتخابات مع نهاية العام الدراسي سوف يؤثّر على امتحانات الطلّاب، ولا سيّما أنّ عدداً من الكلّيات واجه خلال هذا العام اعتصاماتٍ ساهمت في تأخير البرامج».
أمّا الأمين العام لمنظّمة الشباب التقدّمي ريان الأشقر فأكّد «أنّ مقاطعة انتخابات الحدث أمر مفروغ منه»، مشيراً إلى «أنّنا فقدنا الثقة بنيات بعض الأطراف ولا سيّما حزب الله في ما يخصّ الموضوع الأمني والتعرّض لطلّابنا، كما أنّ الوضع لم يتغيّر في المجمّع كما في الخارج». ولم ينفِ الأشقر إمكان إعادة النظر في القرار إذا «بادرت قوى 8 آذار في المجمّع إلى توقيع ميثاق شرف تضمن من خلاله المحافظة على الحياة الديموقراطيّة وحرّية الطلّاب»، لافتاً إلى «أنّ استخدام القوّة والبلطجة لن يحلّ المشكلة».
ويرى رئيس دائرة الجامعة اللبنانيّة في مصلحة طلّاب الكتائب ماريو أبي نخّول «أنّ سبب تأجيل الانتخابات في بعض الكلّيات لا يتعدّى الشق الأكاديمي، إذ إنّ الطلّاب منهمكون في هذه الفترة بالتحضير لامتحاناتهم». وفيما يؤيد مسؤول لجنة الشباب والطلّاب في التيار فادي حنا السبب الأكاديمي لتأجيل الانتخابات في كلّيتي إدارة الأعمال والفنون، يلفت إلى أنّ انتخابات العلوم تبرهن من هم الأكثريّة في الفروع الثانية، لكون الكليّة تضمّ حوالى نصف طلّاب هذه الفروع. (الأخبار)








توافق... تجديد وتمديد

أصدر رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر في 12 كانون الثاني مذكرة قضت بتعليق الانتخابات الطلابية. بعد أيام علت صرخة رؤساء مجالس فروع الطلاب مستنكرة المذكرة. وفيما رأت قوى المعارضة آنذاك القرار تعدياً على صلاحيات الطلاب وحقوقهم في التمثيل الصحيح، وخصوصاً أنّه اتخذ بشكل إفرادي ولم تجر مناقشته مع المجالس، طالبت قوى 14 آذار بتقديم البديل من الانتخابات وألا يكون التأجيل بمثابة الإلغاء، و«إن كان سبب القرار، الظروف الدقيقة في البلد، مبرراً».
بعد أكثر من شهرين، أصدر رئيس الجامعة مذكرة أخرى أعلن فيها عودة الانتخابات إلى الجامعة في 19 آذار. بين هذين التاريخين لم يجرؤ أي من مجالس الفروع على تحدي قرار «الرئيس» وإجراء انتخابات في كليته.
واليوم، على مشارف نهاية العام الدراسي، جرت الانتخابات في كلية الهندسة ــــــ الفرع الثالث ومعهد الفنون الجميلة ــــــ الفرع الأول وكليتي الهندسة والإعلام ومعهد العلوم الاجتماعية ــــــ الفرع الثاني. من جهة ثانية، مُدّد عمل مجلسي طلاب الفرع في كلية الآداب ومعهد العلوم الاجتماعية ــــــ الفرع الأول بسبب عدم التوافق بين حركة أمل وحزب الله. وشكّل التمديد سابقة في تاريخ العمل الطلابي في الجامعة اللبنانية.
وقد تكررت السابقة في الفروع الثانية بعدما توصلت القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ إلى اتفاق يقضي بالتمديد للهيئة الطلابية في كليتي الآداب والعلوم الإنسانية والحقوق والعلوم السياسية والإدارية، إذ إن كل طرف يُسلّم بقدرة الآخر على الفوز «بكليته»: القوات في «الحقوق» والتيار في «الآداب». وكأن الانتخابات الطلابية حكر على هذين الحزبين، وليست عملية سياسية ــــــ ديموقراطية يتنافس فيها الطلاب في سبيل تطوير كلياتهم. واللافت أنّ مصلحة الطلاب في الكتائب اللبنانية أصدرت بياناً أعلنت فيه فوزها في كلية الحقوق، فأتى الردّ «العوني» سريعاً: «نهنئ حزب الكتائب على الفوز الوهمي الذي أعلنوه في كلية الحقوق، وليس لدينا مشكلة في المواجهة في كلية العلوم في 23 الجاري لنحدّد خيارات الشارع المسيحي».