رأى نائب رئيس مجلس الدوما الروسي ألكسندر تورشين، في حديث لإذاعة صوت الغد، أن «طريق المحكمة يجب أن تكون قانونية ودستورية وعادلة جداً، وإلا فلن يكون هناك قرار» في مجلس الأمن، وقال: «لندع المجلس وأعضاءه يقومون بدراسة ما يجب دراسته، ثم نتصرف». وأشار إلى «أن الموضوع كبير جدّاً ويخص عملية إرهابية واحدة، فقط علينا ألا نعجل، ويجب أن تكون لدينا دلائل كثيرة، فهناك أمور معقدة وشائكة». واعتبر أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والسياسيين في الأكثرية «ليسوا على حق» في الاعتقاد أن المحكمة ستوقف العمليات الإرهابية، مضيفاً «لو كانت المحكمة الدولية حلّت قضايا كهذه، لكان هناك في العالم أكثر من 50 محكمة»، مشيراً الى أن مثل هذه المحاكم «لم تتمكن من الكشف عن أي عملية ارهابية».وكان تورشين قد التقى أمس الرئيس سليم الحص، يرافقه سفير روسيا سيرغي بوكين، وغادر بدون الإدلاء بأي تصريح، متوجهاً الى الضاحية الجنوبية، حيث اطلع على حجم الأضرار التي خلفها عدوان تموز. وكان في استقباله النائب علي عمار وعدد من مسؤولي حزب الله، في خيمة التطوع في بئر العبد.
وأبدى تأثره بحجم الدمار الذي رآه، وقال: «يجب أن يعاقب من فعل هذه العمليات التدميرية، لأنها استهدفت المدنيين والاطفال والشباب. ويجب الا يسمح بتكرارها في المستقبل، فمدينة بيروت ولبنان لا يستحقان مثل هذا المصير. وانا أغادر بقلب حزين جداً لما شاهدته». ورأى أن «مسؤولية المجتمع الدولي هي المساعدة في اعادة ترميم وبناء لبنان»، معلناً تأييد بلاده «لانتشار سيادة الدولة اللبنانية على كل أراضيها».
ورداً على سؤال عن موقف روسيا من إقرار المحكمة تحت الفصل السابع، قال: «من المبكر أن نقول شيئاً في هذا الصدد، لأنه حتى الآن لم نرَ نصّ المشروع، لكن روسيا سوف تستمر في المشاركة في مناقشته. وتحدثت اليوم مع الرئيس سليم الحص، وهو القوة المحايدة، وما قاله لي شيء جيد، وكلنا ثقة في أن نعمل على مقترحاته. وعند لقائي جميع القوى في لبنان من اكثرية ومعارضة شعرت بأن الجميع مخلص للبنان ولكن هناك تدخلات خارجية في الشؤون اللبنانية، لكن إذا وجدت القوى داخل لبنان توافقاً في ما بينها فسوف يكون لهم مستقبل جيد، ونحن مع توحيد اللبنانيين وتركهم يحلون مشاكلهم وحدهم».
وأعلن عمار عن تعليق «آمال كبيرة على دور لروسيا في تحرير القرار والمؤسسات الدولية من الهيمنة الآحادية الهادفة الى مصادرة سيادة الشعوب والأوطان»، متمنياً عليها «القيام بدور في رفع ايادي التدخل المباشر، خصوصاً الوصاية الاميركية الجديدة، في الشأن اللبناني». واتهم «فريق 14 شباط» بأنه «اصبح أداة رخيصة جداً بيد الاميركي الذي يحاول مصادرة لبنان وجعله ورقة ابتزاز ومناورة على طاولة البازار الدولي والاقليمي».
وزار تورشين النائب سعد الحريري، في حضور عدد من النواب. وتخلل اللقاء غداء عمل، قال بعده المسؤول الروسي إن الحريري أبلغه أن القوى التي تؤيد المحكمة وتدعمها «لا تريد تسييسها ولا تريد من خلالها تصفية حسابات داخل لبنان»، وأنه يبذل جهوداً «لتحقيق مبدأ الشفافية وعدم التسييس»، و«يرفض تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية اللبنانية مهما كان الأمر».
وأضاف: «التقينا الكثير من كبار السياسيين في لبنان، من قوى الاكثرية والمعارضة، ولم أسمع من أي منهم رفضاً لفكرة تأسيس المحكمة الدولية. وستبذل روسيا الاتحادية كل الجهود الممكنة لتكون المحكمة عادلة وتحل المشاكل بشفافية. أنا أشارك النائب الحريري القول إن مثل هذه المحكمة يجب أن تعمل لحل المشاكل في لبنان وإرساء الاستقرار داخله وتحقيق التوافق في هذا البلد».
وإذ كرر أنه لم يطلع على نص المشروع المتعلق بالمحكمة، أشار الى انه عمل سابقاً على وثائق مرتبطة بإنشاء محكمة دولية «وكان فيها أمور غير واضحة، فعمل خبراؤنا ودبلوماسيونا من أجل أن يكون هناك وضوح تام، وألا تكون هناك أية شكوك في ما يتعلق بنص هذه الوثائق، وسنتعامل مع هذا الموضوع الآن، ونأمل أن تكون هناك اوراق جيدة». وقال: «البعض يعتقد أن لبنان بلد صغير جداً، لكني لا أشاركهم هذا الرأي، لأن لبنان واللبنانيين المنتشرين بكثرة في العالم لديهم تأثير كبير. وفي المرة السابقة لم يكن هناك إشكال حين تم اقرار قانون المحكمة، ونتمنى أن يتم الأمر بالطريقة نفسها هذه المرة».
وهنا تدخل بوكين، قائلاً: «فور اطلاعنا على الاوراق الخاصة بلمحكمة، سندرسها اولاً على اساس أن المشروع مبنيّ على رسالة رسمية وجهها رئيس الحكومة اللبنانية، وكما هي الحال مع كل المبادرات الرسمية اللبنانية، نحن في روسيا، الدولة الصديقة للبنان، سنتعامل مع هذه الرسالة بكل احترام».
وكرر الحريري القول: «يهمنا ألا تكون المحكمة مسيسة، لأن رفيق الحريري وسائر الذين استشهدوا قضوا مظلومين، ونحن لا نرضى بأن نظلم أحداً. إننا نأمل ونعرف أن روسيا ستقف دائماً الى جانب لبنان، والتاريخ امامنا».
(وطنية)