أ المصنع ـ أسامة القادري
يكاد أن يصبح متعذراً على العاملين في منطقة المصنع الحدودية إحصاء عدد الشاحنات التي تُنْزِل الكوارث بمنطقة عملهم. فالمعبر الرئيسي على الحدود اللبنانية ــــــ السورية، الذي يعبره سنوياً نحو 5.5 ملايين مسافر من لبنانيين وسوريين وعرب، يعاني مشكلة مزمنة مع حوادث السير التي تسببها شاحنات تخرج عن خط سيرها لتصطدم بالسيارات العابرة أو بالحواجز الإسمنتية، أو بالباصات التي يزيد عددها على 120 يومياً، أو لتنقلب مسببة أضراراً مادية وإصابات بأرواح السائقين.
وحتى اليوم، لم تلقَ نداءات أبناء بلدة مجدل عنجر، بوصفهم أكثر العاملين في منطقة المصنع، أي اهتمام من الحكومات المتعاقبة على مدى الأعوام الخمسة عشر الماضية.
المشكلة كما يصفها أحد العاملين في المنطقة تكمن في أن الحرم الجمركي اللبناني ومكاتب الأمن العام ومفرزة الشرطة العسكرية، التي تشهد زحمة عابرين من لبنان وإليه، تقع في أسفل المنحدر الممتد من الأمن العام السوري وصولاً إلى اللبناني، الذي يزيد طوله على 11 كيلومتراً. ونزول الشاحنات على هذه الطريق يؤدي إلى ارتفاع حرارة مكابحها، ما يؤدي إلى فقدان السيطرة على بعض الشاحنات، فتصطدم بالحواجز الإسمنتية، أو تجنح إلى «المهارب» الرملية الموزعة على جانبي الطريق، من جديدة يابوس حتى المصنع. وفي ظل غياب حكومي عن المعالجة، وبعد قطع الأمل من التدخل المركزي، وبعدما تبخرت الوعود بإقامة استراحة في منتصف المسافة بين النقاط الحدودية الرسمية اللبنانية والسورية، لإلزام السائقين صيانة سياراتهم قبل الانطلاق نحو الأراضي اللبنانية، أنشأت بلدية مجدل عنجر منذ أعوام هذه «المهارب الرملية» محاولة التخفيف من الحوادث، إلا أن ذلك لم ينجح في حماية حياة العابرين والموظفين.
مشكلة أخرى، يتحدث عنها بعض العاملين، هي غياب الرقابة والتشدّد لقمع مخالفات بعض السائقين. فلا دوريات سيّارة تضبط «المتسابقين» على طريق شديدة الخطر.
رئيس بلدية مجدل عنجر حسين ياسين يقول: «منذ زمن، أبناؤنا يعانون هذه الكوارث التي تسببها الشاحنات وطبيعة الطريق المنحدرة. نطالب الدولة عبر «الأخبار» بالعمل لحل هذه المأساة التي تلاحق أبناءنا».
عبده بيضون، الذي يعمل في مكتب تخليص جمركي، يقول إنه مع انطلاق فصل الصيف والموسم السياحي، يبدأ «موسم الحوادث، فنعمل ويدنا على قلبنا من أي شاحنة «مهودرة»، لأننا شهدنا مجازر أحدثتها هذه الشاحنات».
أما مصطفى أبو هيكل، وهو معقب معاملات جمركية، فقد رأى أن هذه المشكلة مزمنة و«حلّن يخلصونا منها: إما ان يستحدثوا موقعاً غير هذا الموقع، وإما أن ينشئوا استراحة للشاحنات بين الحدودين».