طرابلس ـــ عبد الكافي الصمد
اتّخذت انتخابات نقابة الأطباء في الشمال طابعاً سياسياً واضحاً، بحيث بات من الصعب الاختباء وراء تغليف الانتخابات بالطابع النقابي وحده، بعدما أعلنت أغلبية الأطراف اسم المرشح الذي تدعمه لمنصب النقيب، خلفاً للدكتور غسان رعد، في المعركة التي ستشهدها أروقة النقابة يوم غد الأحد، والتي أعدّ كل فريق العدّة اللازمة لها.
وإذا كان المرشحون لمنصب النقيب أو العضوية على السواء، قد أعلنوا في بيانات ترشحهم أنّهم مستقلون عن أي جهة سياسية، فإنّ ذلك لم يمنع تبني جهات سياسية معينة لمرشح دون آخر، ما جعل الاصطفاف السياسي خلف المرشحين يعطي الانتخابات طابعاً يتجاوز الإطار النقابي.
وكانت الأيّام القليلة الماضية قد شهدت تحركات ومواقف نقابية وسياسية بارزة، متعلقة بالاستحقاق الانتخابي لنقابة الأطباء في الشمال؛ فتجمّع الأطباء المستقلين، الذي يعدّ أكبر كتلة ناخبة في النقابة، ما برح يشدّد على «ضرورة تحييد النقابة عن الصراع السياسي»، وهو ما يجعل دعمه وقوى سياسية أخرى للمرشح الدكتور إيلي حبيب أمراً مرجحاًً، وخصوصاً بعدما أعلن كل من «تيّار المستقبل» و«القوّات اللبنانية» علناً دعمهما للدكتور نسيم خرياطيوقد دفع احتدام الصراع على مركز النقيب إلى إعلان الدكتور غسان فاضل (الحزب الشيوعي) انسحابه من المعركة، موضحاً لـ«الأخبار» أنّ «طبيعة الاصطفافات السياسية لم تكن مغرية لي لأتابع ترشحي، برغم أنّني الأكثر حظاً وأملاً بالفوز بين المرشحين؛ لكن بعد أن أعلن معظم المرشحين أنّهم مستقلون، قلت فلتكن المعركة إذاً بين المستقلين، مع أنّه يجب أن يكون للنقيب موقف سياسي، وأن لا يتستر عليه».
وإذ أشار فاضل إلى «أنّنا ناخبون أساسيون في النقابة، وننسق مع باقي قوى المعارضة في الانتخابات»، فإنّه علّق على دعم «القوّات اللبنانية» خرياطي لمركز النقيب بالقول: «إنّ عدد كلمات بيان دعمهم له أكبر من عدد الأطباء المحسوبين عليهم في الشمال».
في موازاة ذلك، وإضافة إلى موقف فاضل من إعلان القوّات دعمها خرياطي، أعلن مصدر مسؤول في حزب «التحرر العربي» (عمر كرامي) لـ«الأخبار» أنّ الحزب «يؤيّد مواقف أطباء طرابلس والأطباء المستقلين وتكتل أطباء المعارضة، في ضرورة عدم تسييس المعركة، وذلك لما فيه مصلحة المهنة»، مؤكداً أنّه «يرفض أيّ مرشح مدعوم من قوى سياسية، لأن عليه في حال فوزه أن يُقدّم أوراق اعتماده إلى سمير جعجع
وسواه».
أمّا على صعيد المرشحين، فقد أشار حبيب لـ«الأخبار» إلى أنّ «المعركة هي تنافس بين صديقين، وأنّ نتيجتها لن تحسم إلا في صناديق الاقتراع»، مؤكداً انتماءه إلى «مجموعة الأطباء المستقلين المدعومة من عدّة تيّارات نقابية وسياسية»، ومشدّداً على «ضرورة أن يكون العمل النقابي مقدّماً على أيّ اعتبار آخر، والحرص على تحييد النقابة عن جميع التجاذبات السياسية».
بدوره، لفت خرياطي إلى «أنّنا مستعدون للانتخابات، واتصالاتنا وتحضيراتنا قائمة»، معلناً أهمية «استقلالية العمل النقابي وعدم تسييسه»، لافتاً إلى أنّه «على مسافة واحدة من كل الفئات السياسية، وأنّه ضد الاصطفافات القائمة، لأنّ همّنا هو العمل النقابي»، مشيراً إلى أنّ «تيّار المستقبل» لا شك أنّه يدعمني، إضافة إلى أنّني أعتمد على فئة الأطباء المستقلين الذين أعتقد أنني سأحصل على نسبة مهمة من أصواتهم».
تجدر الإشارة إلى أنّه إلى جانب انتخاب النقيب (الذي سيكون مسيحياً هذه المرة، استناداً إلى العرف الذي يقضي بتبادل المنصب مداورة بين المسلمين والمسيحيين)، فإنّه سيتمّ انتخاب ثلاثة أعضاء في مجلس النقابة، بدلاً من الأعضاء الذين انتهت مدة ولايتهم، وهم: فواز البابا، إيلي حبيب وعمر صبلوح؛ وقد ترشح للعضوية عشرة أطباء هم: إيلي حبيب، فواز الناغي، أحمد خليل، طارق قصاب، إلياس فريد محفوض، محمود خضر، هيثم مبيض، رولون طنوس، نهاد المراد وحسن هرموش.
وحسب القانون الداخلي للنقابة، من المفترض أن يجتاز حبيب انتخابات العضوية بنجاح أولاً، كي يتمكن من خوض معركة النقيب، وإلا فإنّ خرياطي سيصبح حكماً نقيباً للأطباء بالتزكية، لكونه عضواً في مجلس النقابة.
إضافة إلى ذلك، يرجح أن يشارك في الانتخابات 879 طبيباً سدّدوا اشتراكاتهم ويحق لهم الاقتراع، من أصل 1265 يشكلون العدد الإجمالي لأعضاء للنقابة. كما إنّ الانتخابات سيتخللها انتخاب مجلس النقابة التقاعدي المؤلف من ثلاثة مقاعد، وسيتنافس عليها أربعة مرشحين هم: رياض مينا، وليد غمراوي، سعد الله صابونة وعمر صبلوح.