أجمعت القوى والفصائل الفلسطينية في مخيمات لبنان على إدانة «العمل المشبوه» لحركة «فتح الإسلام» ونبذها من الحالة الفلسطينية التي لا تمت إليها بأي شكل من الأشكال.وفي وقت عاشت فيه هذه المخيمات، وخصوصاً مخيم عين الحلوة، حالة ترقب وحذر شديد خوفاً من انتقال شرارة المعارك الى داخلها، في ظل وجود منظمات أصولية أخرى كمنظمة «جند الشام» التي تتخذ من منطقة الفراغ الأمني في محلة التعمير ومن أحياء مخيم الطوارئ الملاصق لعين الحلوة معقلاً لوجودها.
مسؤول حركة «فتح الانتفاضة» (التنظيم الذي انشقت عنه حركة «فتح الإسلام») في مخيم برج البراجنة، أبو محمد ناصر، وضع أحداث مخيم نهر البارد في إطار التخريب وزعزعة الاستقرار في لبنان. وأكد ناصر أن ما يقوم به الجيش اللبناني أمر طبيعي لحرصه على أمن البلاد. وأضاف: «إن فتح الانتفاضة تنظر إلى لبنان المتماسك والقوي، وهي على استعداد كما الفصائل الأخرى للتعاون التام مع الأجهزة اللبنانية».
وفي ظل غياب أي تعزيزات للقوى الأمنية اللبنانية على مداخل مخيمات بيروت، أكدت الفصائل وجود تنسيق دائم معها لمواجهة أي تداعيات قد تحصل جراء أحداث الشمال. وقد لوحظ وجود إجراءات احترازية من خلال انتشار عناصر على مداخل المخيمات «للرصد».
سكان المخيم بدورهم رأوا أن الأحداث الأمنية في الشمال تأتي في سياق الأعمال المشبوهة. أحد سكان مخيم برج البراجنة قال إن الأحداث «لعبة أميركية ـــــ إسرائيلية هدفها زعزعة الاستقرار في لبنان ومحاولة للإيقاع بين اللبنانيين والفلسطينيين». أما محمود الذي يملك مطعماًَ في المخيم نفسه، فيؤكد أن لا علاقة لـ«فتح الإسلام» بالفلسطينيين بل هدفهم إقحامهم بأمور لا شأن لهم فيها. وقال: «لقد تم إخراج عناصر فتح الإسلام من مخيمنا ولا وجود لهم منذ مدة».
ويعتقد فادي بأن الأمور لا يمكن أن تنتهي هنا «لأن لا أحد سيجعلها واطية بحقه، فهي معركة جيش دولة وفئة ضالة تأتمر من الخارج». جهاد البني بدوره تمنّى ألّا تمتد الاشتباكات والأحداث الى أماكن أخرى للحفاظ على أمن لبنان وكي لا يقع المزيد من الأبرياء.
وفي صيدا (خالد الغربي) وتحديداً في مخيم الطوارئ استنفرت عناصر «جند الشام». وذكرت مصادر فلسطينية أن الاستنفار جاء على خلفية كلام أطلقته حركة «فتح» عن خطة لتطويق مراكز المنظمة، وهو ما استدعى ظهوراً مسلحاً من جانب عناصر «جند الشام» الذين كانوا يتلقّون أنباء الوضع في الشمال بصرخات «الله أكبر» بحسب سكان في المنطقة. ولفت أن البعض ممن يصنفون في مدينة صيدا في خانة المؤيدين للسلطة أطلقوا كلاماً متناقضاً في معرض «حديث الساعة» عن تطورات الأوضاع ورأيهم لخلفية الأحداث التي اشتعل بها نهر البارد ومنطقة طرابلس، اذ جزم هؤلاء في نقاشهم أن ما يحصل هو من تدبير سوري لنسف المحكمة الدولية بالنظر إلى ارتباط منظمة «فتح – الإسلام» بالمخابرات السورية على حد قولهم. وهم من جهة ثانية رأوا أن ما يجري يستهدف المسلمين السنة على أيدي الجيش! وبين هذه وتلك يقع أصحاب هذا الرأي في إشكالية مفادها كيف يمكن أن تصبح «فتح – الإسلام» «لعبة» في يد المخابرات السورية، ومدافعة عن السنة في الوقت نفسه.
وفي مخيم الجليل في بعلبك (علي يزبك) أمضى اللاجئون الفلسطينيون يومهم وهم يتابعون بقلق ما يجري في الشمال خشية انعكاس ذلك على أوضاعهم الداخلية الهشة أصلاً. إلا أن اللافت كان التنديد الواسع بـ«فتح الإسلام» ورفضهم لأسلوبها الذي أضرّ بالقضية الفلسطينية ومطالبتهم بإخراج مسلحيها من لبنان، وسط تأكيد على نفي أي وجود لهذا التنظيم في المخيم. ويقول حسين الذي ولد في المخيم «إننا نريد الأمن والاستقرار، ونحن ندين الأعمال التي تعرّض أمن لبنان للخطر، ليس بطريقة القتل والسرقة والاعتداء تخدم القضية الفلسطينية».
وفي مجدل عنجر (أسامة القادري) انطلقت مسيرة سيّارة جابت شوارع البلدة تتقدمها مكبرات الصوت التي تصدح بالأغاني الوطنية، وتوقفت المسيرة عند الطريق الدولية لتوزع الأعلام اللبنانية وأعلام الجيش تأييداً له واستنكاراً للجريمة التي ارتكبت بحقه.
وفي صور (بهية العينين) ساد جو من التوتر والاستنكار جميع المخيمات إضافة إلى استنفار للجيش على مداخل المخيمات. وأصدرت اللجان الشعبية في مخيمات صور بياناً استنكرت فيه الاعتداء على الجيش اللبناني ورأت أنه اعتداء على أمن اللبنانيين والفلسطينيين، وأشارت إلى أن «فتح الإسلام» «خارج عن الإسلام وعن الوطنية ويعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي».
(الأخبار)