strong>إبراهيم عوض
مصدر عسكري: شهداؤنا لم يسقطوا في المواجهات بل بفعل المباغتة والغدر

يقول مواطنون من طرابلس يقطنون في محيط منطقتي الزاهرية والمائتين المتقاربتين واللتين تحولتا الى ساحة حرب، إن ساعات الرعب التي عاشوها على وقع مطاردة الجيش والقوى الأمنية لعناصر من «فتح الإسلام» لا تماثل ما خبروه طوال فترة الاحداث الماضية التي استمرت اعواماً. كما أن آذانهم لم تسمع من قبل اصوات مدفعية وقنابل ورصاص شبيهة بتلك التي لعلعت في اجواء المدينة يوم الاحد الدامي، وثمة من تساءل ما اذا كانت عملية محاصرة شقة سكنية لاعتقال افراد عصابة متهمين بسرقة مصرف تستدعي فتح «نار جهنم» وزرع الرعب في نفوس ابناء المدينة الذين وجدوا انفسهم في غمضة عين محاصرين من كل حدب وصوب لا يستحيل عليهم الخروج من منازلهم فحسب بل حتى إلقاء نظرة خاطفة من شرفات منازلهم ونوافذها لمعرفة ما يجري من حولهم.
ولم يكن السؤال ليتوقف عند عملية المطاردة وملحقاتها إذ سرعان ما برزت عناصر أخرى اظهرت أن هناك من يحاول اقتناص الفرصة وتوسيع «رقعة الاشتباك» لتطال قياديين في المعارضة وما هو أبعد منها. إذ كيف يفسر تبني مجموعة من الاكثرية لخبرين كاذبين يدعي الأول قيام مناصرين للرئيس عمر كرامي بالانتشار في احياء طرابلس، ويزعم الثاني وجود تعاون بين «تيار المردة» الذي يتزعمه الوزير السابق سليمان فرنجية وحركة «فتح الإسلام». وما هي صحة المعلومات التي راجت في المدينة منذ عصر أول من أمس وتحدثت عن اعتقال المئات في طرابلس بحجة أنهم مناصرون للحركة المذكورة أو عاملون مع المخابرات السورية، مما أدى في اليوم التالي إلى «اختفاء» العمال السوريين من الورش التي يعملون فيها.
إلا أن السؤال الأبرز الذي انطلق من طرابلس وشغل لبنان كله تركز حول الأسباب التي أدت الى خسارة الجيش سبعة وعشرين شهيداً من ابنائه، فيما عدد القتلى من «فتح الإسلام» بلغ سبعة عشر قتيلاً، الأمر الذي عزاه بعض الأوساط السياسية المتابعة الى خطأ في التقدير ونقص في المعلومات وانعدام في التنسيق بين القوى الأمنية عامة، وبين الجيش وقوى الأمن الداخلي ومعه فرع المعلومات خاصة. وتبدي هذه الأوساط دهشتها لنجاح
عناصر من هذه الحركة في التغلغل داخل عدد من شوارع طرابلس الراقية والإقامة في المنازل وتخزين السلاح فيها من دون حسيب أو رقيب في وقت لم تنفك فيه السلطة والأكثرية عن اتهام هذه المجموعة بالعمالة لسوريا ودخول الأراضي اللبنانية بتسهيل منها. كما تلفت الى انه وقبل أيام قليلة على اندلاع الاشتباكات في طرابلس ومخيم نهر البارد، كانت قوى شمالية من فريق 14 آذار تتحرك استنكاراً لتوقيف عدد من الاصوليين، وقد شارك المفتي الشيخ محمد رشيد قباني في هذا التحرك.
مصدر عسكري مسؤول حرص على إظهار القوى الأمنية في صورة الفريق المتجانس الذي يعمل للحفاظ على مسيرة الاستقرار في لبنان، وقال لـ«الأخبار»: «ان المصلحة الوطنية العليا تتطلب منا العمل على ما يجمع بيننا ولا يفرق»، لافتاً الى أن «التعاون بين الجيش والقوى الأمنية مستمر وفي مختلف المجالات». وأوضح أن «ما قامت به قوى الأمن الداخلي عند محاصرتها مبنى عبدو في طرابلس كان الهدف منه القبض على متهمين اثنين أو ثلاثة بسرقة مصرف في الكورة، لكن سرعان ما تبين انهم ينتمون الى «فتح الإسلام» وعددهم اكبر مما قدر بداية». وأكد «ان الجيش مكلف بمؤازرة القوى الأمنية وهو على استعداد لتلبية كل طلب يرده بهذا الخصوص، وهذا ما حصل في طرابلس».
وعزا المصدر العسكري المسؤول حجم الخسارة البشرية التي مني بها الجيش الى «وجود اهداف مبيتة لدى حركة «فتح الإسلام» وإلى لجوء افرادها الى استهداف العسكريين وهم على الطرقات في طريقهم الى الالتحاق بمراكزهم بعد انتهاء مأذونياتهم، مثلما حصل في القلمون والبلمند والميناء». وذكر «ان المباغتة والغدر اللذين لجأت إليهما عناصر من هذه الحركة في منطقة مخيم نهر البارد تحديداً، أوديا بحياة عشرة عسكريين». وأشار الى «ان المواجهات التي خاضها الجيش في طرابلس انتهت بالقضاء على المسلحين فيما فقد الجيش عسكرياً واحداً. أما في مخيم نهر البارد فقد احكم الجيش سيطرته على مداخله».
من جهته، رفض مصدر مسؤول في فرع المعلومات التعليق على ما أثير حول انعدام التنسيق بين القوى الأمنية وقال لـ«الأخبار» إن «الأمور ستتضح تباعاً.. ولن ننجرّ الى لعبتهم».