بيروت، برلين - الأخبار
كما في بيروت، كذلك في برلين، لا تزال قضية جريمة «الحقائب المفخّخة» التي زرعت في محطتين لقطارات السفر ولم تنفجر، تستعيد زخمها وتلتف حلقاتها بالمزيد من الغموض والشكوك. ومن المنتظر أن تعقد محكمة الجنايات في بيروت اليوم، برئاسة القاضي ميشال أبو عراج، جلسة لمحاكمة المتهمين بالجريمة، ومن ضمنهم صدام الحاج ديب، الذي كان متوارياً عن الأنظار حتى مقتله، أول من أمس، في طرابلس، خلال الاشتباكات التي وقعت بين الجيش و«فتح الإسلام».
وأعلن مصدر أمني لبناني أن صدام الحاج ديب قتل في الاشتباكات التي دارت في منطقة الزاهرية وشارع المئتين في طرابلس. يذكر أن القضاء اللبناني كان قد أصدر يوم 4/9/2006 مذكرة توقيف غيابية بحق صدام الحاج ديب، شقيق يوسف الحاج ديب الموقوف في ألمانيا بالتهمة نفسها. وقد جرت بعد صلاة ظهر أمس مراسم دفن صدام في مدافن منطقة المنكوبين.
وإذا كان يصعب على غير اللبناني فهم «القطب المخفية» في خلافات اللبنانيين، فإن في ألمانيا إجماعاً تاماً على أن هذه القضية بدأت تدخل مساراً سياسياً واضحاً، يتجلى في تبرير الإجراءات الأمنية المشددة لمنع التظاهر والتجمّع، وأيضاً حملة الاعتقالات لرموز المناهضين للعولمة عشية انعقاد قمة «الثمانية الكبار» المقررة في السادس من الشهر المقبل في مدينة «هايليغندام» في شمال ألمانيا.
ويبرّر وزير الداخلية الألماني ولفغانغ شويبله الإجراءات الأمنية المشددة والاعتقالات المبكرة لبعض الرموز اليسارية المناهضة للعولمة، عبر تذكير المواطنين بجريمة حقائب السفر المفخخة التي لم تنفجر، ورموز الإرهاب المستتر والمتخفي في حرم الجامعات ومراكز الصلاة والعبادة.
وبرغم وصول عدد المتهمين في جريمة «حقائب السفر المفخخة» إلى 5 متهمين، معظمهم من الطلبة، فإن طريقة التفخيخ البدائية (الوصفة من الإنترنت)، بالإضافة إلى التسهيلات التي منحها القضاء الألماني لأحد الطلاب اللبنانيين المتهمين داخل سجنه في برلين، دفعت ببعض وسائل الإعلام الألماني إلى اعتبار الجريمة بكاملها «رواية مفخخة» تستهدف غاية سياسية أكثر مما تستهدف غاية «الانتقام» من رسوم كاريكاتورية مسيئة للديانة الإسلامية.
يذكر في هذا المجال أن المحكمة الاتحادية العليا أصدرت قراراً في 17/4/2007 قضى بتخفيف الإجراءات المشددة المفروضة على المتهم الطالب في جامعة «كيال»، يوسف محمد الحاج ديب (22 عاماً) الموقوف في سجن «موابيت» في برلين، وذلك لانتفاء تهمة «تشكيل عصابة إرهابية» بحقه. (وكالة «شتيرن أونلاين» ـــ تاريخ 17/4/2007 ـــ الساعة 15,37).
وعليه، فقد أمرت المحكمة الاتحادية إدارة السجن المركزي في برلين بتسهيل طوق الاعتقال المفروض حول يوسف الحاج ديب وبوقف مراقبة بريده الشخصي والسماح لمحامي الدفاع عنه بمقابلته من دون مراقبة والتحدث إليه من دون فاصل الحاجز الزجاجي. واستندت المحكمة الاتحادية في قرارها القاضي بإسقاط تهمة «المشاركة في عصابة إرهابية» عن الطالب يوسف محمد الحاج ديب إلى نصّ الفقرة (129 a) من قانون العقوبات الألماني الذي يشترط مشاركة «ثلاثة أشخاص لفترة زمنية معينة مرتبطة بالجرم»، لإثبات طابع «العصابة الإجرامية».
تجدر الإشارة إلى أن عدد المتهمين المشاركين في جريمة «تفخيخ حقائب السفر» داخل القطارت في مدينتي «دورتموند» و«كوبلنز» في شمال ألمانيا، التي وقعت في نهاية شهر تموز/ يوليو من العام الماضي، انحصر بداية بالمتهمين يوسف الحاج ديب وجهاد حمد (موقوف في لبنان)، ثم ارتفع عدد المتهمين إلى أربعة، بينهم خالد الحاج ديب الموقوف في لبنان والسوري فادي. أ. س (موقوف في كوبلنز بألمانيا).
إلى هؤلاء المتهمين، اعتقلت السلطات السويدية متهماً جديداً سلّمته يوم الجمعة 18/5/2007 إلى السلطات الألمانية، وهو المواطن المغربي عبد العال. م. (24 عاماً) المتهم بتشجيع الطلاب المسلمين على أعمال العنف والتصدي للإساءة إلى الدين. تجدر الإشارة إلى أن بعض التهم الموجهة إلى المغربي عبدالعال .م. تطال في بعض فصولها تهمة دعم وتشجيع إرهابيين انطلقوا من ألمانيا، أبرزهم عناصر «خلية هامبورغ» الطلابية (محمد عطا ورفاقه) الذين تدربوا على قيادة الطائرات وتولوا قيادتها باتجاه ناطحات السحاب الأميركية بتاريخ 11 أيلول/ سبتمبر 2001، تلبية لأوامر تنظيم «القاعدة».