صيدا ــ خالد الغربي
شهدت المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان اعتصامات ومسيرات احتجاجاً على القصف الذي يتعرّض له مخيّم نهر البارد. وفي عين الحلوة، نُظّمت مسيرة حاشدة أطلق خلالها سكّان المخيّم هتافات طالت أركان السلطة

تبدّلت أمس الصورة «النات» المؤيدة التي سادت مخيم عين الحلوة، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، منذ نشوب المعارك في نهر البارد إلى صورة «فلو» منددة. فبتنا أمام مشهد مغاير مع بداية تبدل المزاج الشعبي من مثمّن للجيش ومدافع عمّا يقوم به إلى اتهامه بارتكاب مجازر بحق المدنيين داخل نهر البارد. وشهد المخيّم أمس «حالة غضب» عبّر عنها بقطع طرق بالإطارات المطاطية، وإضراب عام، واعتصام ومسيرة احتجاج حاشدة، تصدّرها مسلّحون بعضهم مقنّع.
ويسجَّل لـ«عصبة الأنصار الإسلامية» وبعض المشايخ والقوى الإسلامية النجاح في «إدارة» التحرك سلمياً. كما نجح أيضاً التنسيق مع حركة «فتح» التي انتشر مقاتلوها في مساحة واسعة لمئات الأمتار مشكّلين «جدران فصل» واسعة بين المحتجين في حي الصفصاف وحواجز الجيش اللبناني التي وصل انتشار «فتح» إلى حدّ الالتصاق بحاجزه عند المدخل الفوقاني، لدرجة لم يعد بالإمكان تمييز البزات المموهة. وقد فُسّرت الإدارة السلمية للتحرك والانتشار الميداني الفتحاوي المانع للاحتكاك، على أن تحرك الأمس قد يكون مجرد «تنفيس احتقان» وامتصاص للغضب، رغم أنّ مسؤولاً في عصبة الأنصار الإسلامية أكد أن الجهود التي بذلتها منظمته خلال الأيام الماضية قد تنفذ، لأنّ أمام ما يشاهده الناس من مجازر، هناك صعوبة في كبح المشاعر المتعاطفة وقد تفلت الأمور.
ومن مضامين تحرك الأمس «رسالة» باتجاه «المرجعية السنية الروحية في لبنان» و«السنية السياسية اللبنانية» واستياء من دورها. فقد كال المحتجّون الغاضبون جام غضبهم، فوصفوا النائب سعد الحريري «بالعميل الأميركي» ورددوا شعار «يا حريري يا لئيم... نهر البارد مش يتيم» و«يا حريري ويا سنيورة... نهر البارد مش سعورة (الغنمة الصغيرة)»، و«لا إله الا الله... حريري والسنيورة أعداء الله»، و«يا مفتي طل وشوف ذبحتوا الإسلام على المكشوف»، إضافة إلى شعارات طالت رئيس الجمهورية وقائد الجيش «يا سليمان ويا لحّود... نهر البارد مش يهود»، وكذلك النائب وليد جنبلاط الذي ذكّروه بدور الفلسطينيين في مساعدته بحرب الجبل.
واللافت أن الدعوة إلى الإضراب والاعتصام الذي أقيم أمام مسجد النور في المخيم قد جاءا بدعوة من لجنة المتابعة الفلسطينية التي تضم كل الطيف الفلسطيني وتلويناته. وقد شارك في الاعتصام، إضافة إلى عصبة الأنصار والمنظمات الإسلامية والشيخين جمال الخطاب ويوسف طحيبش، ممثلون عن حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وأنصار الله والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديموقراطية وتحالف القوى الفلسطينية واللجان الشعبية، فيما لم يحضر أي مسؤول فتحاوي.
وعلى وقع صرخات «بدنا الثأر» و«الجيش اللبناني الجبان عم يقصف الأطفال والنسوان»، ألقيت كلمات عدة أبرزها لمسؤول حماس أبو أحمد فضل وسط تلويح عشرات الملتحين بأسلحتهم الأوتوماتيكية ورفع المصاحف والرايات الخضراء. ورأى فضل أنّ المعالجة لا تتمّ إلّا بالحوار السياسي وأنّه لا أحد يمكنه أن يعطي غطاء لقصف المدنيين الآمنين، وأن قصف مخيم نهر البارد لن يحل المشكلة، ويعرّض أهل المخيم لكارثة إنسانية، محذراً من انجرار الجيش إلى مخطط يستهدف تفجير حالة الاحتقان السياسي في لبنان. وحذر المسؤول في أنصار الله أبو أيوب أي فصيل فلسطيني من الدخول في الفتنة الفلسطينية ــــــ الفلسطينية التي يسعى البعض إليها، متسائلاً: ماذا يريدون من المخيمات الفلسطينية؟
أما أبو شريف، القيادي البارز في عصبة الأنصار الإسلامية، فطرح مجموعة أسئلة منها: «أين كانت كرامة الجيش عندما أمر وزير الداخلية بتقديم الشاي إلى اليهود في ثكنة مرجعيون؟»، إضافة إلى سؤال آخر للمفتي محمد رشيد قباني: «بالله عليك يا مفتي، لو كان اللاجئون من غير السنة فهل كانوا يقتلون بهذه الطريقة؟».
انفضّ الاعتصام وسار المشاركون في مسيرة حاشدة، مردّدين: «أعلنها حرباً قدسية ضد الهجمة الصليبية»، «ذبحوا البارد يا إسلام بحجّة فتح الإسلام».