strong> راجانا حميّة
ضاقت المباني الأربعة في مجمّع بئر حسن المهني بشباب جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية «جمّول»، فخرجت بهم حيرتهم إلى الرصيف، المكان الوحيد «الذي ما عاد مسيّساً»، يعبرون من خلاله حواجز «طارئة» تزنّرهم وتحاصر «حقوقاً» يحاولون استرجاعها من خلف «الحصار». حاول طلّاب «الحزب الشيوعي اللبناني» كثيراً من أجل أن يحظى شهداؤهم بزاوية في مجمّعهم في الذكرى السابعة لعيد التحرير والمقاومة، زاوية تُذكّر الطلّاب «بمن سقط دفاعاً عن الوطن وتحتضن نعشاً رمزيّاً لمن بقي في الأسر»، غير أنّ المحاولة باءت بالفشل، تحت ذريعة منع النشاط السياسي داخل الحرم التربوي، فلم يبقَ أمام المنظمين سوى الرصيف، ملاذاً للبقاء، وتوجيه التحيّة لـ«اللي راحوا خلال 82 عاماً... ليس آخرها حرب تمّوز». زحمة تواريخٍ ناضل خلالها شباب «شيوعيّون» في الدفاع عن لبنان، وجدت نفسها خارجاً، يحملها الرصيف «لدواعٍ أمنيّة».
هكذا، خرج معرض «شهداء جبهة المقاومة اللبنانيّة ــ جمّول» من حرم كلّية العلوم ــ الفرع الأوّل في الجامعة اللبنانيّة إلى رصيف مجمّع بئر حسن التربوي، مسيرة صاخبة انتهت إلى الرصيف، والسبب، كما يشير الطالب علي دغمان (قطاع الشباب والطلّاب في الحزب الشيوعي اللبناني)، «الدواعي الأمنيّة التي تحكم البلد»، وهو الذي تتبنّاه إدارة المجمّع في مواجهة أيّ نشاط سياسي قد يبادر الطلّاب إلى القيام به.
ولكن ما يفوت الإدارة هو أنّ طلّاب الشيوعي «شهدوا، خلال فترة المنع، الكثير من النشاطات السياسيّة التي أقامتها أطراف موجودة في المجمّع». وقد وصل الأمر بالإدارة، «في ظلّ السماح لأطراف معيّنة بخرق المذكّرة»، إلى حدّ الطلب «من الطلّاب الشيوعيين جلب مذكّرة من وزير التربية والتعليم العالي خالد قبّاني، يسمح لهم بموجبها إقامة المعرض داخل الحرم، علماً بأنّ معرضاً مشابهاً عن المقاومة أيضاً أقيم في الحرم منذ فترة قصيرة».
ويلفت إلى «أنّ سبب المنع غير مبرّر، وخصوصاً أنّ النشاط يهدف إلى كسر الحواجز وتعزيز التواصل بين الطلّاب والإفساح في المجال أمامهم للتعبير بدلاً من تعيين متحدثين باسمهم، وتفعيل الحياة الاجتماعيّة داخل المعهد، إضافة إلى تعزيز مفهوم العمل الطالبي وثقافة المقاومة لدى الشباب».
وإذ يرى دغمان «في كسر الحواجز بين الطلّاب» هدفاً أساسيّاً للمعرض، يضع الطلّاب الشيوعيون هدفاً آخر نصب أعينهم في مواجهة «القوى» التي تسيطر على المعهد، فيجدون في المعرض ردّاً على «الضربات» التذكاريّة التي تتّبعها هذه القوى في مواجهة بعض الطلّاب.
ولا يخفي هؤلاء الشيوعيون طموحهم «إلى بناء دولة مبنية على خطابٍ واعٍ علماني يصوّب اتّجاهات الشباب السياسيّة»، ويرون في إبراز دور المقاومة «دافعاً لتأكيد موقف جمّول والحزب الشيوعي بأنّ المقاومة وجدت لتنتصر ولتستبدل النظام الطائفي بآخر علماني ديموقراطي».