إبراهيم عوض
لم تنفع مسارعة مسؤولين سوريين إلى نفيهم أي علاقة لحركة «فتح الإسلام» بأجهزة سورية في تعديل الخطاب السياسي لقيادات في 14 آذار واصلت هجومها على دمشق، متهمة إياها بتصدير الحركة إلى لبنان.
ولاحظ المراقبون أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم عمد في أقل من 48 ساعة إلى الإعلان مرتين عن موقف بلاده الرافض لـ«فتح الإسلام» والشاجب لما تقوم به على الساحة اللبنانية، موضحاً«أن الداخلية السورية أصدرت منذ بضعة أسابيع، وعندما حدث تفجير في لبنان (عين علق)، بياناً ووثائق عن قادة «فتح الإسلام» كانت قواتنا حتى من خلال الإنتربول تلاحقهم».
في المقابل أظهر المؤتمران الصحافيان للنائب وليد جنبلاط وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن الغاية منهما التصويب على دمشق واتهامها بالوقوف وراء أحداث الشمال. وفيما شن الأول هجوماً عنيفاً على الرئيس بشار الأسد، مشيراً في الوقت نفسه وللمرة الأولى إلى أن الاتهامات التي يسوقها ضده سياسية، قال الثاني إن اتهامه لسوريا ينطلق من أمور ملموسة تبين علاقتها بحركة «فتح الإسلام» وما يجري على الساحة اللبنانية.
بدورها رفضت مصادر فلسطينية إقحام سوريا في الأحداث، ومحاولات فريق الأكثرية إظهارها على أنها المحرك الرئيسي لـ «فتح الإسلام»، فيما الوقائع تدحض ذلك. وتذكّر هذه المصادر بأن قائد الحركة شاكر العبسي أُدخل السجن في سوريا لثلاث سنوات وتبين أن له علاقة بتنظيم «القاعدة» وباغتيال دبلوماسي أميركي في الأردن. كما أن سلطات الأمن السورية استدعته في أيلول وتشرين الأول الماضيين للمثول أمامها. واتهمت أبو خالد العملة نائب أمين سر حركة «فتح الانتفاضة» بإدخال العبسي إلى لبنان وإعطائه مكتباً في مخيم شاتيلا وتسهيل حركته في المخيمات، متوقفة عند إقدامه في إحدى المحطات على قتل عنصر من «فتح الانتفاضة» خلال اشتباكات بين مجموعته وعناصر من الحركة، مشيرة إلى أن العملة فصل من الحركة وأوقف وهو يخضع حالياً للإقامة الجبرية.
وتساءلت المصادر: كيف للسلطات السورية أن تتعامل مع «فتح الإسلام» وهي تطاردها في الوقت عينه وتردي زوج ابنة شاكر العبسي محمد طيورة الملقب بـ«أبو عبد الرحمن الشامي» بعد مواجهات بين أفراد من قواتها ومجموعة من هذه الحركة كانت تحاول عبور الحدود إلى العراق؟
وكانت «فتح الإسلام» قد أوردت تفاصيل هذا الاشتباك في بيان نقلته «رويترز» قبل أيام عن موقع إلكتروني تستخدمه «القاعدة» وجماعات مسلحة في العراق وجاء في البيان «أن قوات الأمن السورية قتلت أربعة من أعضائها بينما كانوا يحاولون عبور الحدود لنصرة إخوانهم في العراق وأن اثنين منهم قياديان في الحركة يلقبان بـ«ابو الليث الشامي» (اسمه الحقيقي زهير حداد) و«أبو عبد الرحمن الشامي» قتلا خلال مواجهة بطولية شرسة مع مجموعات من أذناب الطواغيت وحراس الطواغيت في سوريا».
كذلك كشفت المصادر أن المواطن السوري الذي فجر نفسه الشهر الماضي عند نقطة المصنع الحدودية بعدما اشتبه رجال الامن السوريون به وحاولوا توقيفه كان يعتزم الالتحاق بمجموعة العبسي في مخيم نهر البارد.
وفيما شددت المصادر على ان «فتح الاسلام» منبوذة من كل الفصائل الفلسطينية، أفادت ان العمل جارٍ على تشكيل لجنة تضم ممثلين عن هذه الفصائل تتولى التفاوض مع الحركة لتسليم سلاحها والبحث في طريقة لاخراج مقاتليها من لبنان. واشارت الى ان هناك حرصاً من قبل القيادات الفلسطينية كافة على عدم اقحام الجيش اللبناني في قتال داخل المخيم، كما رفض اقتراح تقدم به الرئيس فؤاد السنيورة يقضي بتولي المجموعات الفلسطينية داخل المخيم بنفسها التعامل مع الحركة، فيما ابدت اطراف فلسطينية عدم ثقتها بالسلطة اللبنانية واشترطت قبل الانخراط في عملية البحث عن حل الحصول على ضمانات لتنفيذه مقترحة اشراك «حزب الله» في الأمر.
ولم تفت المصادر الفلسطينية الاشارة الى ان دخان المعارك المنبعث من نهر البارد لا ينبغي له ان يحجب الوضع المأساوي الذي يعيشه سكان المخيمات في لبنان، مذكرة بالوعد الذي قطعه النائب سعد الحريري على نفسه خلال زيارة الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة أحمد جبريل له العام الماضي بحضور الاالمعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» الحاج حسين خليل ورئيس شعبة المعلومات المقدم وسام الحسن، بأن يولي قضية المخيمات الاهتمام اللازم وبان يجعلها من أولويات العمل الحكومي. وتمنت الا تكون هذه الوعود على غرار ما سمعه جبريل من السنيورة حين سئل عن كيفية حل مشكلة منع الفلسطينيين من التملك فأجاب بأن «عشرة الاف رئيس وزراء لا يمكن لهم ان يحلوا هذه المشكلة»!