لم تكن الرسالة الخطية التي سلمها وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير الى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الوحيدة في جعبته، اذ اطلق عبر تصريحاته في بيروت جملة رسائل حول المحكمة الدولية والازمة اللبنانية وحزب الله وسوريا مؤكدا أن الأسرة الدولية عازمة على إنشاء المحكمة وتنفيذ القرار 1701 كاملاً وأوضح أن لا اختلاف بين سياسة الرئيسين ساركوزي و جاك شيراك «ولكن ظروف الأزمة تغيرت» معلناً أن فرنسا ستتحاور مع كل مكوّنات الحياة اللبنانية. مواقف الوزير الفرنسي جاءت بعد لقاءاته أمس مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والرئيس السنيورة ورئيس كتلة «المستقبل» سعد الحريري ومفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني.

وقال كوشنير بعد لقائه بري: «أجريت محادثات أخوية وصريحة مع الرئيس بري الذي أعرفه منذ 35 سنة، مثلما أعرف الجنوب والشيعة، وجئت لأحيي باسم فرنسا أصدقاءنا اللبنانيين في هذه الظروف الصعبة لجميع الطوائف وخصوصاً الشيعة، وعرض لنا الرئيس بري رؤيته للأوضاع الراهنة وللمدى البعيد وليس في خصوص الأزمة التي يمر بها لبنان وهي رؤية واسعة وشاملة للبنان ولجميع طوائفه، وسنأخذ في الاعتبار هذه الرؤية».
أضاف: «إن المحكمة الدولية يمكن أن يقرها مجلس الأمن خلال أيام، وهي مسألة إيجابية للبنان من أجل العدالة، وكان الرئيس بري قد طرح موضوع المحكمة وهو محام ورجل قانون وهو كان دائماً مع إنشائها، لكن هناك بعض المسائل يجب أخذها في الاعتبار لنكون عادلين ومتوازنين اكثر مما كنا عليه في السابق».
وفي مؤتمر صحافي عقده في السرايا الحكومية إثر محادثاته مع السنيورة بحضور وزير الاتصالات مروان حمادة وسفير فرنسا برنار إيمييه أوضح كوشنير أن زيارته لبنان «تمثّل رسالة دعم وتلاحم مع الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية التي تواجه الآن وضعاً صعباً وهي واجهت دائماً وضعاًَ صعباً ولكن الآن بات هذا الوضع أكثر تأزّماً"، مؤكداً أن فرنسا الى جانب اللبنانيين «للدفاع عن سيادة لبنان ووحدته وبالتأكيد السلام فيه».
ودان «الاعتداءات التي تحصل كل يوم وتضرب كل الشعب اللبناني بكل أطيافه». ورأى أن الديموقراطية ما زالت حية وهي ممثلة بأفضل وجه من خلال الرئيس السنيورة وحكومته «التي تعرضت للكثير من الاغتيالات». موضحاً «أن السياسة ليست فقط اغتيالاً وليست أبداً اغتيالاً، والذين سوف يفهمون هذا يوماً ما سيكونون قد خطوا خطوة كبيرة لاطمئنانهم هم أيضاً».
وندّد بما حصل في شمال لبنان الذي «أصاب بقسوة الجيش اللبناني» موشدّد على «ضرورة أن تعيد الحكومة النظام على الأراضي اللبنانية وأن تتنبّه إلى أوضاع السكان المدنيين».
وأكد أن الأسرة الدولية «عازمة على إنشاء المحكمة الدولية وتنفيذ القرار 1701 تنفيذاً كاملاً(...) وأن الدول الأفريقية والآسيوية والأميركية ستصوت جميعها على قرار إنشاء المحكمة، موضحاً أن "هناك بعض التفاصيل التي تناقش مع دولتين في أميركا اللاتينية ولكن سوف تحل هذه المسألة».
ورداً على سؤال أكد أن «سياستنا لن تتغير لكن ظروف الأزمة تغيرت عن الظروف السابقة، والمكوّنات تختلف بين أزمة وأخرى رغم أن المحتوى يبقى ذاته». ورأى أن حل الأزمة الحالية يعود الى اللبنانيين «أما نحن فعازمون على الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، تقوم في لبنان حكومة ممثلة جيداً للشعب اللبناني». واكد أن فرنسا ستتحاور مع كل مكونات الحياة اللبنانية موضحا «أن «حزب الله» ليس على لائحة المنظمات الإرهابية».
وعن اتهام سوريا بدعم حركة «فتح الإسلام» قال كوشنير: «السؤال هو من يستفيد من هذه الجرائم. ثمة عناصر في المنطقة وفي دول أخرى ومحددة وهي عدوة للسلام وتستفيد من اللااستقرار ولكن أيضاً على السكان أن يظهروا دعمهم لعملية السلام الذي ما من حل آخر سواه». معرباً عن اعتقاده بأن «سوريا تهتم بما يحصل في لبنان وهي لم تكن يوماً غير مبالية بما يحصل فيه» ولفت الى ان «هناك عناصر أخرى على الساحة اللبنانية تغذيها أطراف عدة، وأعتقد أننا لن نحقق السيادة في لبنان إلا بالسعي وراء سلام شامل يتضمن السعي مع كل دول المنطقة، أي سوريا وإسرائيل، إلى هذا السلام».
وراى انه يمكن المعارضة أن تعترض ولكن عليها أن تقدم حلولا بديلة أيضاً».
وبعد لقائه الحريري قال كوشنير: «تداولنا في الاوضاع بشكل ايجابي جداً وذلك بفضل النائب الحريري الذي اشكره على اتخاذه هذا الموقف، الذي يساعد كثيراً اصدقاء لبنان المهتمين جداً برؤية العزم لدى مسؤول سياسي يرأس اكثرية نيابية».
ثم دون الوزير الفرنسي كلمة في سجل الشرف جاء فيها: «أنا وكل الفرنسيين الى جانبكم في اوقاتكم الأصعب، وغداً في وحدة لبنان وسيادته الكاملة.
شكرا لكم جميعاً، انتم المثال،اصمدوا». وزار، ضريح الرئيس رفيق الحريري ووضع عليه إكليلاً من الزهر..
(وطنية)