عاليه - عامر ملاعب
لم تغفُ مدينة عاليه والقرى في جوارها ليل أول من أمس بعد الانفجار الذي استهدف المدينة، والساهرون كانوا كثراً، منهم من سارع الى التطوع والعمل في رفع الأنقاض، ومنهم من اقتحم بيوت العمال السوريين وتعدّى عليهم بالضرب والتكسير


بعد الانفجار، سادت حالة غوغائية عمّت القرى في جوار مدينة عاليه، وتعبّأ الجمهور المحتشد والتقطت كاميرات التلفزة تلك المشاهد من الصراخ والشتائم والضرب لبعض مندوبي وسائل الإعلام، وأيضاً الاعتداء على عناصر القوى الأمنية، وبعد ذلك انتشرت تلك المجموعات نحو منازل العمال السوريين لتصب جام غضبها عليهم وتنهال على كل من يصادفها منهم بالضرب والأذى والتعدي، حتى تحوّل العديد من القرى الى ما يشبه ساحات معارك متنقلة وموزعة على عدة أماكن بعدما اندفع كثر من الأهالي إلى حماية العمال والدفاع عنهم، وسارعت قوى وشخصيات عديدة الى احتواء الموقف، وقامت أحزاب المعارضة بتأمين مراكز جمعت فيها هؤلاء وأمّنت لهم الحماية حتى طلوع الفجر، حيث شوهدت أعداد كبيرة تغادر المنطقة إما الى سوريا أو إلى مناطق لا تسودها أجواء توتر. وهذا ما أدى بالطبع الى توتر الأجواء ومسارعة الفاعليات والمشايخ الى التهدئة، التي تبقى هشة إن لم تجد حلاً جذرياً وتنذر بما هو أخطر.
تنظيف وتصليح في عاليه
أما في مدينة عاليه، فقد سارعت البلدية ومتطوعون الى العمل على التنظيف والتصليح ولم ينبلج فجر يوم الخميس حتى اكتمل المشهد المماثل لما كانت عليه هذه الساحة من قبل. ومنذ الصباح توالت الوفود المستنكرة وخاصةً جمعيات التجار في الأسواق التي تعرضت سابقاً للتفجيرات مثل الزلقا وغيرها، والكل يجمع على اتهام تنظيم «فتح الإسلام» بافتعال التفجير.
أما بلدية عاليه، فقد قامت بتقديم مساعدات عينية الى المحال المتضررة مثل واجهات الحديد والألمنيوم. وأكد رئيس بلدية عاليه وجدي مراد «ان ردنا سيكون بالاستمرار بالعمل على مستوى المجلس البلدي والتجار والمواطنين»، لافتاً الى أنه «لو لم يكن أبناء المدينة متنبّهين إلى أمن مدينتهم لما اختار المجرمون هذا الزقاق لرمي المتفجرة، لأن المشروع كان يقضي برمي العبوة في وسط السوق وسط التجمعات البشرية». وأكد أن «عاليه ستعود كما كانت من قبل عروس المصايف اللبنانية وستبقى، والأهم هو تنمية الاقتصاد لكي نمنع شبابنا من الهجرة من لبنان». ورفض مراد الإدلاء بأي معلومات حول مستجدات التحقيق، ولفت إلى أنه تلقّى اليوم عدة اتصالات من أصدقاء من دول خليجية وخصوصاً من الكويت والسعودية «أكدوا لي أنهم سيأتون إلى عاليه بعد أيام لمؤازرة أبنائها ودعم إصرارهم على الحياة».
من جهتها، عقدت جمعية تجار عاليه مؤتمراً صحافياً أكدت فيه أنه «برغم الخسائر المادية في القطاعين التجاري والسياحي، إلا أننا نؤكد أنه بإصرارنا وتماسكنا سنتخطى كل الأعمال التخريبية. ونحن بانتظار الهيئة العليا للإغاثة لتقدير الخسائر ومباشرة التعويض على المواطنين المتضررين من هذا الانفجار». كما ان الجمعية ستقدم بعض المساعدات لترميم واجهات المحال التجارية، من خلال المساعدات التي سيتم تقديمها من قبل شركات خاصة وأفراد». أما المتضررون، فقد سارع العديد منهم الى التصليح على نفقته الخاصة ولن ينتظر الهيئات الرسمية مثل ماهر عبد الخالق الذي يمتلك مطعماً مواجهاً لمكان الانفجار، وبجواره أنيس العريضي صاحب محل حلويات. وقد قدّرا الخسائر بحدود عشرة آلاف دولار لكل منهما، بعكس ما كانت عليه الحال مع صاحب المحل المستهدف مباشرةً وهو بحاجة إلى إعادة بناء من جديد. وقد عبر صاحبه زاهر خداج لـ«الأخبار» عن تخوفه من «أن تطول مسألة التعويضات لأننا، في تقديرات أولية، خسرنا أكثر من 120 ألف دولار أميركي، من بناء وديكور وتجهيزات وبضاعة وغيرها» وكذلك كانت الحال مع صاحب المحل الملاصق حمزة المشطوب الذي «شكر الله على عدم وقوع ضحايا، ولكن الرزق يعادل الروح وخسارتنا حوالى 100 ألف دولار أميركي». أما في قطاع الفنادق فإن الخوف من إلغاء الحجوزات قائم إذا ما استمر وضع البلد بشكل عام كما هو بانتظار حلحلة في السياسة.