فاتن الحاج
حمل لقاء المقاومين بطلاب الجامعة الأميركية في بيروت، بدعوة من نادي الرسالة، نكهةً خاصة، بعدما أطلّ أبو صالح بنظارته السوداء إلى القاعة. فقد وضع أبو صالح (الاسم الحركي لأحد مجاهدي المقاومة الإسلامية) المشاركين في تفاصيل عسكرية مشوّقة قبل أن يعرض عليهم فيلماً تقريرياً خاصاً يقارن عيّنات من المجتمع الإسرائيلي من جهة ومجتمع المقاومة من جهة ثانية. يصل أبو صالح بعد حوالى الساعة من بدء اللقاء وهو يرتدي قبعة وقميصاً كاكي اللون. يعتلي المنصة بحيوية. لا تحتاج إلى كثير من الوقت لتفطن إلى أنّه متخرّج من الجامعة فقد استهل حديثه بالقول:«أعدتموني 12 سنة إلى الوراء، لقد تغيّرت عليّ أمور كثيرة في جامعتي»، ثم ما لبث أن أعرب، في سياق المداخلة، عن تعلّقه بهذا الصرح حين قال: «سبحان الله، نحب هذه الجامعة رغم كل السياسات، وأنا أدّخر الأموال منذ الآن، لأسجّل ابنتي (11 سنة) في الجامعة الأميركية». وعرض أبو صالح لمراحل النضال منذ بداية الثمانينيات «حيث كنا نضع العبوات بـ«الطنجرة»، وكثيراً ما تخطئ إما لأنّ البطارية «فاضية» أو لأنّ الفأر «أكل» السلك وغيرها»، وصولاً إلى عبوات معقدة وجهوزية جعلت العدو يعترف بخسارة الحرب التكنولوجية مع حزب الله. ورأى أبو صالح أنّ العلم وروحية القتال كانا المفصل في حرب تموز لأنّ معرفة أهداف الصواريخ احتاج إلى متخصصين، مشيراً إلى«أننا استقدمنا طلاب جامعات وكنا نحاسبهم على علاماتهم»، في إشارة إلى اهتمام المقاومة بتحصيل العلم على مقاعد الدراسة. في الفيلم، تلامذة إسرائيليون يتدربون في المؤسسات التربوية على القتال لحماية اسرائيل من الفرات إلى النيل، وأطفال لبنانيون مقاومون يتدربون على استخدام السلاح لاستقبال «الهدايا» الإسرائيلية.
وفي اللقاء، أسف الأسير المحرر والمقاوم في الحزب الشيوعي الزميل أنور ياسين لأن تسرق الظروف الصعبة نشوة العز وفرح الانتصار ذكرى اندحار العدو، معتبراً أنّ إحياء المناسبة جزء من احتضان الذاكرة وبناء ثقافة المقاومة ونقلها إلى الأجيال المقبلة، «لأنّ معركتنا مع الاحتلال لم تنته بعد». وتحدث ياسين عن تجربته في الاعتقال، لافتاً إلى أنّ أهم إنجاز حققناه هو إدخال الكتاب إلى المعتقلات والذي أصبح مفتاح عقولنا إلى الخارج».
من جهته، أشار الأسير المحرر سمير خفاجة (الحزب السوري القومي الاجتماعي) إلى أنّ التحدي الأول كان اسقاط مقولة سلامة أمن الجليل، متوقفاً عند تجربة حفر أنفاق الحرية وإخراج المعتقلين. ووجّه خفاجة رسالة إلى من يدعي السيادة والحرية والاستقلال أنّ نهج المقاومة معمّد بالدم والطلاب هم نقطة الارتكاز في العمل المقاوم.
أما القيادي في حركة أمل عباس عيسى فرأى أنّ زمن المقاومة أرسى ثباتاً في المعادلة السياسية، متحدثاً عن مقاومة استباقية قامت بها الحركة مع مصطفى شمران الذي رابط على تخوم فلسطين قبل عام 1975. ودعا عيسى إلى توظيف الانتصار في المعادلة السياسية الوطنية.