نيويورك - نزار عبود
أظهرت التعديلات الطفيفة التي أُدخلت على مشروع قرار المحكمة الدولية أن واشنطن وباريس ولندن انتقلت إلى مرحلة من تجاهل مواقف الدول الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن، بحيث لم تعد حريصة على اكتساب الوزن المعنوي للحصول على أكبر قدر من الأصوات، وأنها مصممة على إقرار المحكمة بموجب الفصل السابع.
فالتعديلات التي أدخلت مساء الجمعة في النسخة المنقّحة الأولى من مشروع القرار لم تأخذ في الاعتبار التحفظات القانونية التي تطرّق إليها المندوب الروسي فيتالي تشوركين، ولا ضرورة الحصول على تأييد المؤسسات الدستورية اللبنانية في هذا الخصوص.
وتشير إحدى الفقرات المعدلة إلى منح فرصة زمنية لوضع قانون المحكمة موضع التنفيذ في العاشر من حزيران يونيو المقبل «ما لم تبلغ الحكومة اللبنانية تحت المادة 19 (1) من الوثيقة المرفقة عن موعد أقرب».
دبلوماسي عربي في الأمم المتحدة وصف هذه المهلة (أي حتى العاشر من حزيران) بأنها تأتي «من باب التعمية نظراً لأنها تريد تحميل رئيس المجلس النيابي نبيه بري والسيد حسن نصر الله مسؤولية عدم إقرارها في المجلس حتى ذلك الموعد». وتوقع أن تدخل تعديلات أخرى على القرار قبل التصويت عليه في أواسط هذا الأسبوع من نوع الإشارة إلى رسالة الرئيس أميل لحود، فقط في إطار دعم القرار، وليس مراعاة ما جاء في الرسالة من تحذيرات من خطورة الخطوة على لبنان. ويبقى أن المؤسسات الدستورية اللبنانية ظلت مغيّبة من المضمون الفعلي له. وقال الدبلوماسي الذي فضّل عدم الإفصاح عن اسمه،
«الإشارة إلى رسالة لحود في التعديلات المتوقعة ليست بغرض احترام الأصول الدستورية اللبنانية، بقدر ما هي لتوظيف رسالة الرئيس لحود خدمة لتمرير مشروع القرار. لكن التحفظات الروسية كانت لها أهمية بشكل خاص وقد تأخذ حيزاً أكبر من الجدل في الجلسات المتوقعة هذا الأسبوع. فهي ركّزت على النواحي القانونية التي قد تُستغل كسابقة في العلاقات الدولية المتوترة أصلاً لجهة فرض محكمة على دولة ذات سيادة دون مسوّغات أمنية حقيقية بموجب الفصل السابع. وقال السفير الروسي، «ما معنى الفصل السابع هنا؟ إذا كانت الغاية هي الإلزام، فجميع القرارات الدولية ملزمة حتى لو كانت بموجب الفصل الخامس».
روسيا في وضع حرج حالياً نظراً لتعرّضها لهجمة غربية مركزة بعد سعي بريطانيا لتسليم أندريه لوغوفي من موسكو بعد اتهامه باغتيال الجاسوس الكسندر ليتفيننكو بالمواد المشعّة. كما أنها تشعر بالحصار من جانب بولندا بنشر الدرع الصاروخية المثيرة للريبة.
كما أن الروس لُدغوا من محاكم سابقة استغلتها دول الناتو لتحقيق مكاسب استراتيجية على حسابهم في البلقان، ولا سيما محكمة يوغوسلافيا.
وتوقّف الدبلوماسي العربي عند إرجاء التصويت حتى غد الثلاثاء أو بعده من جانب الدول الغربية الراعية، التي انضمت إليها بلجيكا وسلوفاكيا لتصبح خمساً، وربط بينه وبين اجتماع بغداد بين إيران والولايات المتحدة اليوم، وبالاستفتاء الدستوري السوري على التمديد فترة الرئاسة سبع سنوات الذي جرى أمس. وقال إن «التعديلات المحتملة في خلال المشاورات ستكون شكلية، وإن القرار سيُتخذ بأغلبية عشرة».
الجدير ذكره أن روسيا والصين وقطر وجنوب أفريقيا واندونيسيا تتحفّظ على مشروع القرار الغربي وأن الجهود الغربية واللبنانية تتضاعف لكسب ما أمكن منها. لكن القرار ماض حتى بدون كسب أي دولة إضافية ما لم تأت تعليمات من موسكو باستخدام الفيتو. وهذا أمر مستبعد حتى الآن، لكن ليس كلياً.