البدّاوي ـ عبد الكافي الصمد
أوحت التحرّكات السياسية الظاهرة لممثلي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف الفلسطيني في مخيمي نهر البارد والبدّاوي، فضلاً عن النقاش الواسع الدائر على الساحة السياسية اللبنانية، أنّ أزمة مخيم نهر البارد، لم ينضج حلّها بعد.
وسمحت الهدنة غير المعلنة القائمة منذ مساء يوم الثلاثاء الماضي، بتقدم لغة الحلّ السياسي على لغة الحسم العسكري، وإن بصورة نسبية وبطيئة. فقد تقدّم أكثر من طرف معني بمشاريع حلول ومقترحات للخروج من المأزق المتشعّب.
وفي هذا السياق، طرحت قوى التحالف الفلسطيني، حسب ما أوضحت مصادر مقربة منها لـ«الأخبار»، مشروع مبادرة مكوّنة من أربع نقاط، هي: وقف كامل لإطلاق النار، وعودة النازحين إلى منازلهم في مخيم نهر البارد، وتشكيل قوة أمنية فلسطينية لضبط الأمن في المخيم وعلى أطرافه، والتوصّل إلى صيغة حلّ طويلة الأمد لمشكلة حركة «فتح الإسلام».
غير أنّ هذه المصادر أشارت إلى أنّ هذه المبادرة تعترضها عقبات عدّة. ولفتت المصادر إلى أنّ «النقطة الأولى من المبادرة تحتاج إلى بلورة أكثر، لأنّه من غير المنطقي أو المقبول أن يتمّ الإعلان عن وقف لإطلاق النار بين جيش نظامي وتنظيم مسلح، إذ يُمثّل ذلك إحراجاً معنوياً للجيش اللبناني، ومسّاً بكبريائه، لن يقبله الجيش ولا أيّ طرف لبناني، ولن يقبله أيضاً أيّ فصيل فلسطيني».
أما النقطة المتعلقة بتشكيل القوة الأمنية، والتي قبل بها رئيس حركة «فتح الإسلام» شاكر العبسي مبدئياً، فتقوم على «إنشاء قوة أمنية تتكوّن من عناصر تابعة لكل من حركة «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ــــــ القيادة العامة»، تكون مهمتها حفظ الأمن عند مداخل المخيم وفي داخله. لكنّ هذه النقطة قوبلت برفض الحكومة والجيش اللبناني، وعدم قبول من حركة «فتح»، التي وجدت نفسها مستبعدة عن المشاركة في الحلّ». أمّا النقطة الرابعة من المبادرة التي لا تزال تراوح مكانها، فهي المتعلقة بـ«إيجاد تصور صيغة حلّ لمشكلة حركة «فتح الإسلام»، وهي ارتبطت بنقطة خامسة من المبادرة بقيت بعيدة عن الأضواء، متعلقة بمصير المقاتلين العرب (يقدر عددهم بـ35 عضواً) واللبنانيين المنضوين تحت لواء الحركة (وهم الغالبية فيها حسب ما تقدّر معلومات)، خصوصاً أنّ أغلبهم مطلوب بتهم متنوعة، إمّا من السلطات القضائية والأمنية اللبنانية، أو من سلطات بلادهم الأصلية».
وقد أكدّت هذه المصادر أنّ ثمّة «اتفاقاً فلسطينياً داخلياً شاملاً، يشدّد على أنّ الصراع الفلسطيني الداخلي خط أحمر»، في إشارة إلى رفضها فكرة اقتحام المنظمات الفلسطينية للمخيم. وأوضحت أنّ «أيّ خطوة لحلّ مشكلة حركة «فتح الإسلام» تتطلب توافقاً فلسطينياً داخلياً أولاً، وهو غير موجود حالياً، الأمر الذي يجعل التوصّل إلى حلّ قريب أمراً معقداً جدّاً».
وحذّرت هذه المصادر من «مغبّة استسهال البعض فكرة اقتحام مخيم نهر البارد»، وخصوصاً بعد ورود معلومات عن أنّه «جرى تلغيم جميع مداخل المخيم ومحيطه بعبوات ناسفة، فضلاً عن التوتّر الشديد الذي بدأ يشوب باقي المخيمات الفلسطينية، منذراً بتطور أكبر».