البدّاوي ـ عبد الكافي الصمد
لم يتوانَ المنسّق العام لـ«هيئة الجمعيات الأهلية العاملة في المخيمات الفلسطينية» حسن شعبان عن إبداء استغرابه من إقدام وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على «الاتصال بالجمعيات الأهلية الفلسطينية، بهدف معرفة الإمكانات المتوافرة لديها لمساعدة النازحين من مخيم نهر البارد إلى مخيم البدّاوي، مع أنّ الوكالة هي المسؤولة الأولى عن تقديم المساعدات، وليس تركها الأمر على عاتق الجمعيات والمنظمات الأخرى».
هذا الاستياء من تقاعس الأونروا عن أداء الدور الرئيسي المنوط بها، أكّدته مصادر مطلعة في لجنة الطوارئ والإغاثة في مخيم البدّاوي، عندما أشارت إلى أنّ «الأونروا لم توزّع شيئاً على النازحين حتى الآن منذ مساء يوم الثلاثاء الماضي، ولا حتى فرشة واحدة، مع أنّ مستودعاتها تحتوي على كمّيات كبيرة من المساعدات، التي كان آخرها المساعدات المقدمة من دولة الإمارات».
وفي موازاة رفض مسؤولي مكتب الوكالة الدولية في مخيم البدّاوي التحدث في الموضوع، لأنّه «لا صلاحية لنا بذلك، وهناك تعليمات مشدّدة بهذا الخصوص»، حسب ما قال أحدهم لـ«الأخبار»، فإنّ «المساعدات الغذائية والصحّية لا تزال تتوالى على المخيم، من جانب هيئات وجمعيات إنسانية وخيرية لبنانية وعربية ودولية، وباتت تفوق الحدّ الأدنى المطلوب»، حسب مصادر لجنة الإغاثة والطوارئ.
فالجمعية الطبّية الإسلامية (الجماعة الإسلامية) أرسلت إلى المخيم مستوصفاً جوّالاً، عدا عن التقديمات الأخرى، وكذلك توافدت مساعدات مقدّمة من حركة السلم والديموقراطية ونزع السلاح الإسبانية، والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون التي أرسلت مساعدات طبية إلى مستشفى صفد، ولجنة الصداقة اللبنانية ــــــ المجرية التي تزمع إرسال مستوصف جوّال، ووفد أطباء الحزب الشيوعي اللبناني الذي جلب معه كميات من الأدوية، وهيئة الإسعاف الشعبي وبيت الزكاة في طرابلس.
غير أنّ المشكلة الكبرى حالياً في مخيم البدّاوي، تبقى في الاكتظاظ السكّاني الذي بات يعانيه، وبعدما أصبح عدد النازحين إليه من مخيم نهر البارد يفوق عدد المقيمين فيه، ما دفع عدداً كبيراً من النازحين، بسبب الضغط، إلى التوجه نحو مخيمات بيروت والبقاع والجنوب.
في مقابل ذلك، يشير عضو «هيئة الجمعيات الأهلية العاملة في المخيمات الفلسطينية» عبد الله بركة إلى أنّه «تُقدّم إلى النازحين مساعدات غير تقليدية، من ضمن الإمكانات المتوافرة، مثل العلاج النفسي لبعضهم، واحتياجات المعوقين من النازحين، التي نعاني نقصاً كبيراً فيها، إضافة إلى الملابس الداخلية التي نقدمها إلى الأطفال والنساء على وجه الخصوص، نظراً لاضطرارهم عند الخروج من منازلهم إلى عدم جلبهم معهم أيّ شيء سوى ثيابهم التي كانوا يلبسونها».
على صعيد آخر أشار أبو نزيه، الناشط في لجنة الإغاثة والطوارئ في المخيم إلى مشكلة أخرى باتت تظهر في مخيم البدّاوي، وهي أنّ «النازحين من مخيم نهر البارد تحوّلوا إلى عبء حقيقي على أهالي مخيم البداوي، أقله مادياً، وذلك بعدما فضّل عدد كبير من أبناء مخيم البدّاوي عدم الذهاب إلى أعماله خارجه، بسبب الجو الأمني والسّياسي الضاغط، الذي يجعل من المتعذّر تنقّل الفلسطينيين خارج مخيماتهم، ويحوّله إلى أمر محفوف بالمخاطر، ما يعني أنّ أهالي مخيم البدّاوي، الذين أصبحوا بلا عمل أو أي مورد، باتت واجبة إغاثتهم وتقديم المساعدات إليهم».
من جهتها، رأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّه «لا تزال محنة المدنيين داخل مخيم نهر البارد في شمال لبنان موضع قلق بالغ»، مشيرةً في تقرير لها أمس إلى أن «دفعات منتظمة من اللاجئين لا تزال تغادر المخيم سيراً على الأقدام»، ورجّح التقرير في ظلّ «صعوبة التأكّد من الأرقام، أنّ يكون نحو نصف سكان مخيم نهر البارد لا يزالون داخله». ولفت التقرير إلى «تعرّض مساكن المخيم وبناه التحتية خصوصاً، إلى أضرار جسيمة خلال الأيام الأولى للقتال، كما أفيد عن إصابة جميع مرافق الكهرباء داخل المخيم وأربعة خزانات مياه مطاطية، ونتج من ذلك ظلام دامس لفّ المخيم، وشحّ خطير في المياه، وأنّه لا يزال يساور اللجنة الدولية قلق عميق بشأن أمن المدنيين داخل المخيم المحاصر؛ ولذلك تجدّد المنظمة نداءها من أجل كفالة الوصول الآمن للسكان لإمدادهم بالمساعدات الطبية والإنسانية العاجلة».