إبراهيم عوض
استوقفت أوساط سياسية تصريحات وتحليلات صدرت عن قوى في 14 آذار ووسائل إعلامية تابعة لها تحاول الإيحاء بخلاف بين قيادتي الجيش و«حزب الله» على خلفية الخطاب الأخير الذي ألقاه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، وأعلن فيه وجود خطين أحمرين: واحد يتعلق بالجيش، وآخر بدخول مخيم «نهر البارد».
وانطلقت هذه الموجة من خبر منسوب إلى مصادر مطلعة تحدثت عن استياء أبداه قائد الجيش العماد ميشال سليمان لوفد «حزب الله» الذي زاره السبت الماضي مما ورد في الخطاب وقوله لأعضائه بأنه كان ينتظر موقفاً من الحزب غير هذا الموقف، وبلغت أوجها في المؤتمر الصحافي الذي عقده النائب وليد جنبلاط أول من أمس وحمل فيه على مقولة «الخط الأحمر» ورآها «مساواة بين القتلة والمؤسسة الأم التي حمت الجيش والمقاومة والدولة».
وفيما استغربت هذه الأوساط «غيرة جنبلاط المفاجئة على الجيش، وهو الذي انتقد قبل أشهر قليلة الطريقة التي تعاطى بها مع المتظاهرين في 23 كانون الاول الماضي، وغمز بعد ذلك من قناة دعوته وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية إلى جولة ميدانية على مواقع انتشاره على طول الحدود اللبنانية ـــ السورية، واصفاً إياها بالمناورة الإعلامية»، رأت أن أهداف الحملة لم تكن خافية على القيادات المعنية التي وضعت في حسبانها أن من يريد زج الجيش في حرب مخيمات وإضعافه والنيل من صورته مؤسسةً متماسكة وجامعة وحامية لكل اللبنانيين لن يتورع عن توسيع رقعة هذا الاهتزاز ليشمل العلاقة بينه وبين «حزب الله».
وتذكر الأوساط السياسية المتابعة أن أبلغ تعبير عن متانة العلاقة بين الطرفين ربما تمثل في موقف العماد سليمان في اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز الماضي حين منح شرعية للمقاومة في أسر الجنديين الإسرائيليين بهدف الإفراج عن أسرى لبنانيين في السجون الإسرائيلية، في وقت كان فيه الرئيس فؤاد السنيورة وفريقه في الحكومة يثوران غضباً من «المغامرين الذين أخذوا لبنان إلى الدمار».
ولم تستبعد المصادر نفسها أن يكون الساعون إلى وضع الجيش أمام المأزق على مشارف مخيم «نهر البارد» قد ساءهم ما صدر وما يصدر عن قائد الجيش بشأن المقاومة، فتحينوا الفرصة لـ«رد التحية» له وكذلك تعطيل ما يتردد عن احتمال تكليفه مهة إنقاذية مع نهاية الولاية الممددة للرئيس العماد إميل لحود.
وقد تبين للأوساط السياسية من خلال متابعتها لمجريات الأحداث التي شهدها لبنان منذ فجر الأحد قبل الماضي مع اندلاع الاشتباكات في طرابلس ومخيم «نهر البارد» أن قيادة الجيش تؤثر عدم الانخراط في السجال الدائر على الساحة اللبنانية، متمسكة بنهجها الحيادي واضعة نصب عينيها الحفاظ على السلم الأهلي وحماية المؤسسة العسكرية وعدم التهاون مع كل من يتعرض لها. ومن هنا يأتي تعاطيها الهادئ والعاقل مع ما أثير عن عدم علمها المسبق بما كانت قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات تعتزمان القيام به في طرابلس بعد حادث السطو على بنك البحر المتوسط في أميون. وقد ردت على كل من سألها عن رأيها في هذا الموضوع بالقول: «إن الأهم هو رص الصفوف والقيام بما يجمع اللبنانيين لا التفرقة في ما بينهم».
وفي هذا السياق اكتفى مصدر عسكري مسؤول بالرد على سؤال «الأخبار» عن صحة ما ذكر عن «عتاب» قائد الجيش على «حزب الله» نافياً صحة هذا الخبر ومدرجاً إياه «في سياق حملة التشويش»، مؤكداً «أن قيادة الجيش ليست في هذه الأجواء البتة، كما أن الموضوع غير قابل للالتباس، وخصوصاً بعد الزيارة التي قام بها وفد الحزب إلى العماد سليمان».
بدوره يحرص «حزب الله» على عدم التوقف عند ما يشاع عن بوادر خلاف بين قيادة الجيش والحزب. كما يمتنع عن الخوض في هذا الموضوع لكونه «غير معني به» على حد قوله. إلا أن مصادر مطلعة على أجواء اللقاء الذي عقد في اليرزة بين قائد الجيش ووفد الحزب قالت لـ«الأخبار» إن «تقويم الطرفين لما حصل كان واحداً، وكذلك التصور لمعالجة تداعياته». وأكدت «أن الجيش والحزب على تطابق تام في قراءة أحداث الشمال وأبعادها وخلفياتها، ولا يوجد هناك أي خلاف بينهما في هذا الشأن، بل ارتياح كامل»، لافتة إلى أن «وضع الحزب السياسي يتيح له الإدلاء ببعض المواقف والوقائع التي لا يمكن قائد الجيش البوح بها بحكم موقعه العسكري والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه».