strong> البطريــرك يتشــاور هاتفيــاً مع بــري والاقتــراح ينتظــر جــواب الأكثريــة
أطلع رئيس الجمهورية إميل لحود البطريرك الماروني نصر الله صفير على مبادرته لحل الأزمة السياسية وهي تشمل تأليف حكومة وحدة وطنية او حكومة إنقاذ من ستة وزراء يمثلون الطوائف الرئيسية الست، وإيقاف الاعتصامات وحل الأمور الشائكة بدءاً بموضوع مخيم نهر البارد وإجراء انتخابات رئاسية في موعدها.
وكان لحود قد لبّى امس دعوة غير معلنة وجهها اليه البطريرك صفير، لتناول الغداء الى مائدته في بكركي، ورافق لحود المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا. وأثناء التقاط الصور التذكارية في صالون الصرح، دار حديث عن التطورات الأمنية في الشمال، حيث أبدى صفير «ألمه للاعتداءات التي تعرض لها الجيش»، فأكد لحود أن «الجيش يقوم بدوره في حفظ الأمن والاستقرار وأن الاعتداءات التي تعرّض لها لا يمكن التساهل في شأنها ولا بد من اتخاذ كل الاجراءات لحفظ هيبة الجيش وسلامة عناصره وتسليم المعتدين الى القضاء وعدم تكرار مثل هذه الجرائم التي لقيت ادانة لبنانية وعربية ودولية واسعة».
ثم عقد الجانبان خلوة استمرت نصف ساعة تناولت التطورات المطروحة على الساحة في ضوء التطوّرات الأمنية والسياسية. وطرح لحود تأليف حكومة إنقاذ من ستة وزراء يمثلون الطوائف الرئيسية الست في البلاد. وتم خلال الخلوة اتصال هاتفي برئيس مجلس النواب نبيه بري، وتداول مع صفير في الأوضاع واقتراح لحود، واتُّفق على متابعة الموضوع.
وبعد الخلوة وصف لحود أجواء اللقاء بأنها «ممتازة»، وقال: «عندما نجتمع مع غبطته نرى ما هي مصلحة لبنان بأسره، والحقيقة أن الوقت ملحّ جداً لإيجاد حلّ. الحل هو أنه يجب على اللبنانيين وفي أسرع وقت أن يجلسوا بعضهم مع بعض وأن تُشكّل حكومة وحدة وطنية وأن تتوقف الاعتصامات وتحلّ كل الأمور الشائكة بدءاً بموضوع المخيم. وعلى هذا الأساس، يتأمن موسم الصيف لتجرى بعده الانتخابات الرئاسية، وهذه الأمور كلها يجب أن تحصل اليوم قبل الغد، ولا سيما أننا نعرف ما يحاك خارج لبنان من توطين وغيره من الأمور؟»، مكرراً «ضرورة الإسراع في هذا الحل».
بعدئذ، توجه صفير ولحود الى مائدة الغداء التي شارك فيها المطرانان رولان ابو جوده وشكر الله حرب والآباء: ميشال عويط وجوزف البواري ويوسف طوق، وشلالا والعميد المتقاعد أدونيس نعمة. ثم توجّه صفير ولحود الى كنيسة الصرح، حيث أدّيا صلاة الشكر. وإثر مغادرة لحود أعرب صفير في دردشة مع الإعلاميين عن تفاؤله، واصفاً اللقاء بـ«الجيد»، مبدياً أمله بالمستقبل. وعمّا قيل عن مبادرة لتأليف حكومة وحدة وطنية، رد البطريرك: «صلّوا على هذه النية».
ونقلت وكالة «يونايتد برس انترناشونال» عن مصدر قريب من لحود قوله إنهم ينتظرون جواب الأكثرية على الاقتراح متمنّياً أن يقبلوا به».
وقالت مصادر اطّلعت على محادثات لحود وصفير لـ«الأخبار» إن «اللقاء هو استكمال لاجتماعهما في قصر بعبدا في 11 الشهر الجاري، إذ تلقّى لحود منذ أسبوع دعوة من صفير للغداء وقام بتلبيتها أمس من دون إعلان مسبّق لدواع معروفة». وأضافت إنه تم عرض للأوضاع الأمنية في ضوء التطورات الأخيرة في الشمال والاعتداءات على الجيش، وكان تأكيد من الجانبين على أن المساس بالجيش مرفوض وكل من اعتدوا عليه يجب تسليمهم وتقديمهم الى القضاء لينالوا محاكمة عادلة.
وأوضحت المصادر أن لحود ركز على أبعاد ما يجري وربطه بالتوطين كاشفاً عن اجتماعات تحصل في الخارج لأجل ذلك كما تحدث عن دور الأصوليين في جر البلد الى المواجهات والفوضى. وأشارت المصادر الى أن اللقاء تطرق الى الأوضاع الإقليمية وتحديداً في العراق والمتغيّرات التي تحصل هناك، وقال لحود: «إن أميركا تحاول سحب قواتها تدريجياً لتحل محلها قوات دولية على غرار القوات الدولية في الجنوب أسوة بتجربة اليونيفيل في ضبط الوضع جنوب الليطاني وتحاول أميركا أيضاً تعميم هذه التجربة»، وأضاف: «اذا كان هناك من كلام على حلول للعراق فلمَ يجب أن يبقى الوضع في لبنان على ما هو عليه وإحراقه وذلك خدمة لمخططات في الخارج بهدف توطين الفلسطينيين؟»، مركّزاً على أهمية «التلاقي والتوافق بين اللبنانيين لإيجاد المخارج».
ولفتت المصادر الى أن لحود استعاد ما كان قد تداول به مع صفير خلال لقائهما الأخير في بعبدا وقال: «أنا سأترك الرئاسة خلال أشهر لكن ليس بمقدوري إلا أن أُفكر في مستقبل بلدي وأبناء وطني، ويجب نزع الاعتبارات الشخصية والذاتية والتفكير كوطن وليس كطوائف ومجموعات». وأثار موضوع حكومة الوحدة الوطنية، فلفته صفير الى أن هذا الموضوع قد يفتح الشهية أمام الحصص والاستيزار، ويأخذ وقتاً، عندئذ طرح رئيس الجمهورية فكرة حكومة إنقاذ من ستة أشخاص يمثّلون الطوائف الست الرئيسية أي الموارنة، الشيعة، السنة، الدروز، الأرثوذكس، والكاثوليك، معتبراً أن «لا مجال للحصص في حكومة كهذه إذ إن كل طائفة ستكون ممثلة بوزير، ومهمتها إنقاذية وتتعاطى في الملفات العالقة، وتهيئة الأجواء لاستحقاق رئاسي هادئ وتعالج الملفات الحساسة، كما أن عمرها لن يطول لأنها تسقط حكماً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية». وأكدت المصادر أن البطريرك صفير أبدى ارتياحه لهذا الطرح وقال للحود: «يجب أن تجري اتصالات مع بقية الأطراف، واتفقوا على متابعة الأمر».
وأوضحت المصادر أن البطريرك تداول مع بري خلال الاتصال الهاتفي في الأوضاع، وقال صفير لبري: «يجب أن نتساعد للخروج من الورطة التي يمر بها لبنان ويجب تأليف حكومة تمثل الكل»، من دون أن يتحدث في الأسماء، وأبدى رئيس المجلس على الفور الاستعداد للتعاون لما يخدم المصلحة الوطنية العليا وتم الاتفاق على استمرار الاتصالات وإبقائها مفتوحة لمتابعة هذا الأمر.
وأشارت المصادر الى أن المحادثات خلال مائدة الغداء تركزت على الوضع الأمني «والتجاوزات والضغوط التي مورست على القضاء بشأن موقوفي أحداث الضنية، لأن عدداً من هؤلاء متورط بأحداث الشمال، وكان كلام عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وهجرة الشباب والقوانين الاجتماعية والإصلاحية التي أُنجزت في عهد الرئيس لحود والتي جمدت ومنها ضمان الشيخوخة ووسيط الجمهورية والبطاقة الصحية».
ولفتت المصادر الى «أن الأبرز كان طرح موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية، وكان تأكيد أنها تحتاج الى إعادة تقويم وخصوصاً المهل المفروضة على الرئيس، إضافةً الى الموضوع الفلسطيني والعلاقات العربية».
وكان لحود قد استقبل في قصر بعبدا الممثل الشخصي للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، عضو مجلس الشورى اليمني محمد عبد السلام المخلافي، الذي نقل الى رئيس الجمهورية رسالة شفهية من الرئيس علي عبد الله صالح عبّر فيها عن قلقه مما يجري من تطورات في لبنان، واضعاً إمكانات اليمن في تصرفه للمساهمة في معالجة الأوضاع وفق الرؤية التي تؤدي الى ترسيخ الأمن والاستقرار وتعزيز الوحدة اللبنانية وسلامة الفلسطينيين. كما التقى لحود النائب السابق ناصر قنديل.
(الأخبار، وطنية)