نهر الباردــ نزيه الصديق
هل تحوّل مخيّم نهر البارد إلى منطقة تشبه ما عاشته مناطق خطوط التماس الشهيرة أثناء الحرب الأهلية؟
هذا السؤال طُرح في أوساط المراقبين في مخيم نهر البارد، في ظل التوقعات باستمرار الأزمة أمداً طويلاً في عملية استنزاف لا أحد يعرف إلى أين ستصل، إضافةً إلى انعكاسها السلبي الكبير على المدنيين، وخصوصاً الذين ما زالوا داخل المخيم ولم يغادروه بعد.
ويلاحظ أنّ الهدنة غير المعلنة للاشتباكات بين الجيش اللبناني ومسلحي حركة «فتح الإسلام»، المستمرة منذ ستة ايام، تخترق بشكل شبه يومي، حيث ترتفع وتيرته وتنخفض حسب الظروف والتطورات والمتغيرات على الأرض. وهو مشهد جعل الكثيرين يستعيدون معه مشهد الحالة التي كانت تعيشها مناطق خطوط التماس، في العاصمة خصوصاً، والتي لم يتم التوصل إلى إيجاد حلّ جذري لها إلا بعد إنجاز اتفاق الطائف.
وكان يوم أمس قد شهد ظهراً توتراً واشتباكات، حيث دارت معارك استُعملت فيها كل أنواع الأسلحة، وخصوصاً عند المدخل الشمالي للمخيم، وعند تلال المحمّرة وبحنين وحكمون، وقد ردّ الجيش بعنف على مصادر النيران، مستخدماً الرشاشات الثقيلة ومدافع الدبابات، حيث قصف الجيش اللبناني بشدّة مواقع وتحصينات حركة «فتح الإسلام»، التي كانت قد بادرت قرابة الساعة الواحدة إلى إطلاق القذائف الصاروخية ورصاص القناصة باتجاه مواقع الجيش في تلة المحمرة، مما اضطر الجيش إلى الردّ على مصادر النيران وإسكاتها.
وأدّت الاشتباكات إلى استشهاد المعاون الأول في الجيش اللبناني عبد الله جرمش من بلدة القنطرة في عكار، نتيجة القصف الصاروخي الذي طال مواقع الجيش في تلة المحمرة، وقد نقلت جثته إلى مستشفى الخير في المنية.
كما أفيد أنّ مجنداً في الجيش اللبناني أصيب إصابة طفيفة بشظية في كتفه عند موقع تلة المحمرة، وتم نقله الى أحد المستوصفات القريبة حيث تمت معالجته.
وبعد عصر أمس هدأت نسبياً حدّة الاشتباكات، وسمح الهدوء الحذر لسائقي السيارات بالعبور على أوتوستراد العبدة ـــــ المنية الذي كانت الحركة قد توقفت عليه لبعض الوقت ظهراً في ذروة الاشتباكات، كما سمح الهدوء للصليب الأحمر اللبناني بإدخال كميات من المؤن الى مخيم نهر البارد عبر الهلال الأحمر الفلسطيني.
وتجددت الاشتباكات قرابة الساعة السابعة، ليل أمس، بين الجيش اللبناني ومسلحي حركة «فتح الإسلام»، إثر سقوط 3 قذائف هاون أطلقت من داخل المخيم على موقع الجيش في بلدة المحمرة، وقذيفة رابعة على موقع الجيش في العبدة، ما أدى إلى إصابة المواطن عبد الرحمن مصطفى بجروح، نقل على اثرها إلى مركز اليوسف الطبي في حلبا ـــ عكار، كما أصيب جندي لبناني في موقع العبدة بجروح طفيفة.
وكانت الاشتباكات، التي بدأت بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، قد عنفت بعد قصف مركّز قامت به مرابض مدفعية الجيش في موقعي المحمرة والمنية، عند المدخل الجنوبي للمخيم، لمراكز المسلحين داخل المخيم، في الوقت الذي خفّت فيه بشكل كبير حركة العبور على الطريق الدولي الذي يربط عكار بباقي المناطق اللبنانية، بسبب استهداف السيارات العابرة عليه برصاص القنّاصة.
وقرابة الساعة الثامنة والنصف هدأت حدّة الاشتباكات بشكل ملحوظ، من غير أن تتوقف المناوشات بالأسلحة الخفيفة على محاور المخيم.
في موازاة ذلك، عملت جرافات الجيش بعد ظهر أمس على تعزيز الدشم في المواقع العسكرية المحيطة بالمخيم، في حين أشعل مواطنون في بلدة المحمرة المحاذية للمخيم النار في حقول القصب المحيطة بمنازلهم، من غير أن يتضح ما إذا كان ذلك عملاً روتينياً يقوم به المزارعون في البلدة في مثل هذه الأيام من كل سنة، أم أنّه عمل احترازي قاموا به خشية تسلل المسلحين عبرها إلى بلدتهم.