strong>ثائر غندور
ساعات قليلة فصلت بين إقرار المحكمة الدولية وإعادة فتح طريق السان جورج؛ مكان اغتيال الرئيس رفيق الحريري. بدأ عشرات العمّال السوريين واللبنانيين منذ السادسة من صباح أمس بتنظيف الطريق وتزفيت مكان الانفجار. آليات الدفاع المدني حضرت مع قادتها، لمباركة هذه الطريق، «فالنصر حصل ليل أول من أمس» على حدّ قول أحد ضباط قوى الأمن الداخلي؛ وبالتالي أصبح من الجائز فتح الطريق فور انتهاء عملية التزفيت دون انتظار. لكن الشاحنات ممنوعة من المرور على الزفت الجديد حتى لا تفسده.
أحد الزملاء المصورين في جريدة «المستقبل»، جثا على ركبتيه ليقبل الطريق. يسأل «هل صورني أحد؟» يجيبه مصوّر التلفزيون المصري إيجاباً فيبتسم. شابان آخران قبّلا الأرض. محافظ بيروت ورئيس بلديتها بدوا كأنهما في عرس حقيقي. الفرح يملأ الطريق، تماماً مثلما سيطر الحزن على الموقف في الرابع عشر من شباط. عشرات المصورين والصحافيين حضروا ليشهدوا هذه اللحظة. أحاديثهم تنمّ عن «قرف» من كل ما يجري حولهم؛ هل يحق لهم أن يشمئزّوا؟
وزّع مناصرو تيار المستقبل الحلويات على السيارات المارّة؛ هل لاحظ هؤلاء أن العمّال السوريين هم الذين فتحوا الطريق؟ أم أن أحد هؤلاء سيكون ضحية جديدة لعنصرية بعض مناصري «الأكثرية» وهو ساهم في تحقيق هذا الإنجاز؟ الجواب غير مطلوب من أحد، بل الفعل حسب ما يقول احد العمال السوريين الذي يفضل عدم ذكر اسمه. يتحدث عن الخوف اليومي وهو خائف من أن يلاحظ مسؤوله أنه يتكلم للصحافة. يبتسم رغم كل شيء ويقول: «أنا بحب لبنان، بس ليه بيعاملونا هيك ما بعرف».
ابتسم أحد المارة عند سماعه رئيس بلدية بيروت يقول: «فتح الطريق بات ضرورياً لإعادة التواصل الطبيعي بين أرجاء العاصمة وسائر المناطق مثلما أراده الرئيس الشهيد في حياته، وسيبقى هذا المكان رمزاً تاريخياً في قلب بيروت التي أرادها درّة الشرق الأوسط وبذل كل ما في وسعه لإعادة بعث الحياة فيها رغم كل محاولات الخنق والاغتصاب التي مورست في حقها». تساءل هذا المواطن: «لماذا لم تُفتح الطريق من قبل؟ وهل كنا مجبرين على انتظار المحكمة الدولية حتى ننعم بطرقاتنا؟».