strong>انتخابات رئاسية في موعدها وفق «المعيار الاستقلالي» تليها حكومة وحدة
وفت «قوى 14 آذار» بوعدها بإطلاق مبادرة لحل الأزمة السياسية بعد إقرار المحكمة الدولية، داعية إلى «إحياء التسوية التاريخية في ما بيننا» والحوار والتلاقي حول ما اعتبرته ثوابت وطنية تكفل إخراج لبنان من محنته وتوفير المناخات الملائمة لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، تليها حكومة وحدة وطنية.
فقد عقدت «قوى 14 آذار» اجتماعاً موسعاً، مساء أمس، في قريطم في حضور جميع قادتها، تداولت خلاله بالأوضاع المستجدّة في ضوء إقرار مجلس الأمن الدولي إنشاء المحكمة الدولية، وصدر عن المجتمعين بيان أشار إلى أنه «بعد 836 يوماً على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما، وبعد شلّال من التضحيات والشهداء والجرحى، سياسيين وقادة رأي، إعلاميين ونواباً ووزراء، مواطنين مدنيين وعسكريين (...) وبعد صمود حكومة لبنان الشرعية ورئيسها فؤاد السنيورة بوجه كل محاولات التهويل والانقلاب على الشرعية الدستورية والشعبية، أبصرت المحكمة الدولية النور إحقاقاً للحق، وليس انتقاماً من أحد»، معتبراً أن المحكمة هي «الحجر الأساس في حماية لبنان وردع المجرمين عن التمادي في «تكسير» لبنان واغتيال قادته».
ودعا البيان إلى «العمل معاً لتجديد التسوية التاريخية التي هي الأساس الذي يبنى عليه» مستذكراً تسوية عام 1943 التي جدّد مضمونها اتفاق الطائف في عام 1989». وأشار إلى الانقسام الذي «برز في لحظة الاستقلال الثاني عام 2005»، لافتاً إلى أن «خطورة هذا الانقسام تكمن في أنه تخطّى إطار الخلاف بين القوى السياسية ليتحول إلى أزمة بين المكوّنات الأساسية للمجتمع، بحيث يبدو بطريقة مجافية للحقيقة وكأن هناك في لبنان طوائف «تحريرية» وأخرى غير «تحريرية» وطوائف «سيادية» وأخرى غير «سيادية».
وبعدما رأى «أن هذا التقابل يحمل في طياته إنكاراً لحقيقة ما أنجز من تحرير واستقلال»، أكد البيان أن الأوطان «لا تبنى على أنصاف الحقائق. كذلك لا تبنى على تعظيم الذات وتخوين الآخر»، لافتاً إلى «أن هذا الانقسام يشكل خطراً على لبنان وتجاوزه يتطلب الإقرار بثلاث ضرورات:
 إقرار بضرورة توحيد إنجازين أساسيين في تاريخ لبنان الحديث، إنجاز التحرير وإنجاز الاستقلال، بدلاً من وضعهما، كما هي الحال اليوم، في مواجهة بعضهما البعض (...).
 وإقرار باستحالة بناء الدولة على منطق الثنائيات أو الثلاثيات الطائفية التي دفع لبنان ثمنها في مراحل سابقة.
 وإقرار باستحالة بناء الدولة على قاعدة تغليب الروابط والمصالح الإقليمية والخارجية على الشراكة الداخلية والعقد الوطني اللذين يجسدهما الدستور.
ورأى أن توحيد هاتين المحطتين يشكل «مدخلاً لإنهاء التصادم القائم وتوحيد رؤية الجماعات لبعضها البعض وللبنان، فتتحول إنجازات كل منها إلى مساهمة إيجابية في المشروع العام، ألا وهو مشروع الخلاص الوطني».
وإذ اعتبر «أن مثل هذه «المصالحة» مع التاريخ تفتح الطريق أمام مصالحة اللبنانيين مع حاضرهم ومستقبلهم» رأى أن هذا الأمر يحتاج إلى خطوات جذرية لتغيير «الزمن» اللبناني:
أولاً- تغيير الزمن الذي بدأ في أواخر الستينيات عندما تحّول لبنان ساحة قتال لحساب الآخرين. ويتطلب التغيير في هذا المجال:
 إخراج لبنان من دائرة التجاذب الإقليمي والدولي. ويقتضي الأمر قراراً واضحاً برفض كل أشكال الوصاية والهيمنة على لبنان .
 استكمال بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية وفقاً لاتفاق الطائف والقرار 1701 وسائر القرارات الدولية وتنفيذ ما أجمع عليه اللبنانيون في ورقة البنود السبعة.
 تأمين مساهمة فاعلة للبنان في «نظام المصلحة العربية» الذي رسم معالمه «إعلان الرياض» الصادر عن القمة العربية الأخيرة.
ثانياً- تغيير الزمن الذي بدأ مع الحرب اللبنانية عندما تحوّلت الطوائف إلى مؤسسات مسلحة بذريعة الدفاع عن الوجود والحقوق. ويتطلب التغيير في هذا المجال الإقرار بأن حماية الجماعات اللبنانية وضمان حضورها الحر لا يتأتيان من امتلاك طائفة للسلاح، بل من دولة لها وحدها الحق الحصري في امتلاك القوة المسلحة.
ثالثاً- تغيير الزمن الذي أسست له الحرب اللبنانية والذي شهد إحلال منطق القوة مكان منطق الحق. ويتطلب التغيير في هذا المجال: إعادة الاعتبار لمنطق الحق والإقرار بأن الدستور اللبناني إنما وضع لكي يتم التّقيد بنصه وروحه.
رابعاً- تغيير الزمن في العلاقة بين لبنان وسوريا التي شهدت ما شهدته من توترات دائمة ومحاولات مستمرة لإلغاء الشخصية اللبنانية. ويتطلب التغيير في هذا المجال: إقراراً سورياً بنهائية الكيان اللبناني واستقلاله.
 وتطبيق ما أجمع عليه اللبنانيون على طاولة الحوار لجهة تنفيذ ما نصّ عليه اتفاق الطائف وإقامة علاقات ديبلوماسية وترسيم الحدود بين البلدين، وإطلاق المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية.
خامساً- تغيير الزمن الذي أسست له المواجهة بين محطتي التحرير والاستقلال والتي أدت الى افتعال الفتنة بين المذاهب الإسلامية. ويتطلب التغيير في هذا المجال الالتزام بلبنان كنموذج لنبذ الفتن الطائفية والمذهبية ليكون ملهماً لمشاريع الوفاق والتسويات في العالم العربي والإسلامي بدلاً من دفعه الى أن يكون مصدّراً للفتن على أنواعها.
وتطرق البيان الى المواجهات في محيط مخيم نهر البارد بين الجيش بمساندة القوى الأمنية و«فتح الاسلام» «التي تتحرك من ضمن مخططات النظام السوري»، مؤكداً «دعم قوى 14 آذار الكامل للجيش في دوره الرائد دفاعاً عن سيادة لبنان ومؤسساته الشرعية».
وختم البيان بالدعوة إلى «الحوار والتوافق حول هذه الثوابت الوطنية الكفيلة بإخراج لبنان من محنته، وتوفير المناخات الملائمة لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري والتي يجب أن يكون المعيار الاستقلالي أساسياً فيها، تليها حكومة وحدة وطنية تنهض بكل مستلزمات الشراكة الوطنية من خلال المجلس النيابي وما يمثله من شرعية دستورية وشعبية ووطنية».