أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن ألمانيا تشجع أن يكون لبنان دولة مستقلة تقرر مصيرها وشددت على ضرورة قيام المحكمة ذات الطابع الدولي قريباً من دون أعذار مشيرة الى أن المحكمة ليست مسألة الحكومة بل تحتاج إلى وفاق شامل في البلاد.وكانت ميركل قد وصلت الى بيروت قبل ظهر امس على متن طائرة خاصة آتية من الأراضي المحتلة، واستقبلها في مطار رفيق الحريري الدولي ــــ بيروت رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والسفير الألماني في لبنان ماريوس هاس ومعاونة مدير المراسم في وزارة الخارجية ميرا ضاهر، وسط تدابير أمنية مشددة.
والتقت ميركل رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، في حضور النائب علي بزي ومسؤول العلاقات الخارجية في حركة «أمل» علي حمدان.
وقالت ميركل بعد اللقاء: «من الطبيعي خلال زيارتنا للبنان أن نلتقي المعارضة، كما الحكومة». وأوضحت أنها تبادلت الرأي مع بري حول الوضع في لبنان «وكان الحديث شيقاً»، مؤكدة أن ألمانيا «تشجع أن يكون لبنان دولة مستقلة تقرر مصيرها».
سئل الرئيس بري: هل زارتكم السيدة ميركل كممثل للمعارضة؟ أجاب: «قالت السيدة ميركل لقد التقيت رئيس مجلس النواب، ومن عادتنا ان نلتقي المعارضة وأي صفة تريدون أن تعطوني إياها فأنا حاضر». ووصف أجواء اللقاء بأنها «جيدة وقد شكرنا لألمانيا مشاركتها في قوات «اليونيفيل» في الجنوب وحرصها بالنسبة الى هذا الموضوع كحرص باقي الدول. لكن المهم أن يكون حرص اللبنانيين بعضهم على بعض كحرص الآخرين علينا».
و في السرايا الحكومية أجرت ميركل محادثات مع الرئيس السنيورة تركزت على تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة، والعلاقات الثنائية بين لبنان وألمانيا.
وقد حضر المحادثات عن الجانب اللبناني نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر الأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير هشام دمشقية، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن سعيد عيد. وعن الجانب الألماني سكرتير الدولة في وزارة الخارجية رينهارد سيلبيرغ، السفير هاس، نائب الناطق باسم الحكومة الفيديرالية توماس ستيغ، مستشار الأمن والسياسة الخارجية لميركل الدكتور كريتوف هوزغن وعدد من المستشارين.
وعقدت جولة ثانية من المحادثات بعد الظهر خلال مأدبة غداء أقامها السنيورة تكريماً لميركل، وعقدا بعد ذلك مؤتمراً صحافياً مشتركاً استهله الرئيس السنيورة بشكر ميركل «لدعمها الكبير كسمتشارة ألمانية وكرئيسة حالياً للاتحاد الأوروبي، وأيضاً رئيسة مجموعة الثماني».
وشدد على دور أوروبا الأساسي في تأمين الحلول السلمية الدائمة للأزمات أكان في لبنان أو في المنطقة ككل. مشيراً الى أن «البحث تناول «القرار 1701»، وشددنا على مطالبنا في الوصول إلى وقف كامل لإطلاق النار وأكدنا التزامنا الكامل والحاجة إلى التطبيق الكامل للقرار 1701 المبني على النقاط السبع التي تبنتها الحكومة اللبنانية بالإجماع».
وبالنسبة إلى مراقبة الحدود أشار السنيورة الى «أننا قوّمنا تقدم المشروع الألماني والحاجة إلى مزيد من الدعم التقني والتدريب للقوات المسلحة وتزويدنا بمزيد من المعدات حتى تستطيع هذه القوات أن تكون مجهزة بطريقة أفضل، وأن يصار إلى مراقبة أفضل للجمارك ونقاط العبور إلى لبنان»، لافتاً الى أنه شدد أمام المستشارة الألمانية على الحاجة إلى الضغط على إسرائيل لوقف خروقها الجوية والانسحاب من الغجر وإعادة المعتقلين اللبنانيين إلى ديارهم وتقديم كل الخرائط المتعلقة بالقنابل العنقودية، كما شددت على أهمية تحرير مزارع شبعا وفقاً لبرنامج النقاط السبع ووضعها تحت وصاية الأمم المتحدة .
وقال: «تحدثنا أيضاً عن إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والحاجة إلى وضعها على مسار التنفيذ بأسرع وقت ممكن، كما بحثنا في الأزمة السياسية الراهنة وإعادة إحياء مبادرة السلام العربية والحاجة إلى دعمها».
ورداً على سؤال عن مشروع المحكمة لفت السنيورة الى أن هذا المشروع أقره مجلس الوزراء موضحاً أن «جميع مشاريع القوانين تحال إلى مجلس النواب عبر مرسوم والقانون نص على كيفية إصدار المراسيم وإذا ارتأى رئيس الجمهورية عدم توقيعها وأصر عليها مجلس الوزراء يصار إلى إصدارها ونشرها في الجريدة الرسمية».
وقال: «نحن نستند في شرعية حكومتنا إلى الأكثرية التي تتمتع بها في مجلس النواب ولدى اللبنانيين وإلى الدعم العربي الكاسح وكذلك الدعم الدولي».
أما ميركل فقد أكدت «رغبة حكومة ألمانيا أن يبقى لبنان مستقلاً ديموقراطياً، ودولة مقبولة باستقلالها في كل المنطقة». وقالت: «خلال محادثاتنا، أكدنا أننا سنساهم في بعثة اليونيفيل وسأزور جنودنا لكي نمكنهم من المساعدة على تحقيق القرار 1701 ونعمل على الحيلولة من تهريب الأسلحة وحماية الحدود. كما سنساعد على بناء ما دمر في لبنان، وبالتالي هناك تعاون واسع النطاق لإعادة بناء القدرات على صعيد أجهزة الشرطة والأمن والبحرية اللبنانية لتحقيق مهمة اليونيفيل».
وأضافت: «تحدثنا كذلك عن مسألة المحكمة الدولية والعرقلة التي تواجهها ونحن نريد أن تكون في لبنان دولة وحكومة تتمتع بالاستقرار ونريد أن نكتشف حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري». مؤكدة «أننا سنبذل كل ما في وسعنا لإقامة هذه المحكمة ولا تكون هناك أعذار تحول دون ذلك».
ورأت ميركل «أن على سوريا ان تقوم بدورها لكي يتطور لبنان كدولة مستقلة وأن تعترف بلبنان ديبلوماسياً وأن يصار إلى ترسيم الحدود بوضوح ويتوقف التهريب وأن تقوم سوريا بكل ما يمكنها لتلبية كل ما طلبته لجنة التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري».
ورداً على سؤال شددت على اقامة المحكمة معتبرة أن «السؤال هو حول صدقية هيئات ومجالس الأمم المتحدة»، مؤكدة أن المحكمة مهمة لاستقرار لبنان ويجب أن تبدأ أعمالها قريباً وعلينا أن نساهم نحن بدورنا في تنفيذ القرار 1701 وأظن أننا على وفاق مع الحكومة اللبنانية». مشيرة الى أن مسألة المحكمة «ليست مسألة الحكومة وحدها إنما تحتاج إلى وفاق شامل في البلاد، ولذلك أهميته الأساسية لتحقيق الأهداف السياسية».
وبعد المؤتمر الصحفي انتقل السنيورة وميركل إلى مرفأ بيروت حيث ترسو البارجة الألمانية على رصيف المرفأ. واستمع السنيورة وميركل إلى شرح من اختصاصيين على آلة «سكانر» للكشف على الحاويات قدمتها ألمانيا.
وزارت ميركل ضريح الرئيس رفيق الحريري في وسط بيروت يرافقها السفير هاس والوفد المرافق حيث التقت نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري والنائب السابق غطاس خوري، ووضعت اكليلاً من الزهر على الضريح وضرائح رفاقه الذين قضوا معه ، ودونت كلمة في سجل الشرف.
والتقت ميركل رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط وعرضت معه الأوضاع في لبنان والمنطقة ، كما التقت في السرايا الرئيس أمين الجميل الذي اعلن انه طلب من ميركل «أن تكثف برلين الاتصالات مع اعضاء مجلس الأمن الدولي من أجل دعم مطالبة لبنان بالمحكمة ذات الطابع الدولي، في ظل وجود عراقيل تضعها بعض الجهات المحلية والاقليمية من اجل عرقلة تدابير الإقرار الرسمي اللبناني للمحكمة بحسب الأصول الدستورية وفقاً لما أقره مؤتمر الحوار الوطني والحكومة اللبنانية».
وأضاف: «لا يعقل أن يُعطى من توجه اليه أصابع الاتهام أكان جهات محلية او اقليمية الحق في عرقلة قيام هذه المحكمة».
وغادرت ميركل مساءً بيروت عائدة الى المانيا، على متن طائرة خاصة.
( الأخبار، وطنية )