نادر فوز
يجذب النشاط السياسي اهتمام القوى الطلابية، فيغيب الدور الأكاديمي عن مهمات الهيئات أو المجالس الطلابية. بعدما سلطت الأخبار الأسبوع الماضي الضوء على عمل الهيئة الطلابية في فرعي كليّة العلوم، تستكمل جولاتهاللاطلاع على واقع الهيئات في الكليات الكبرى، ومنها كليّة الحقوق والعلوم السياسية والإدارية بفرعيها الحدث وجلّ الديب

يقلّك «السرفيس» إلى ساحة جلّ الديب ويطلب منك «بالمونة» إكمال الطريق إلى كلية الحقوق والعلوم السياسية سيراً على الأقدام. تجتاز إحدى الطرقات صعوداً آملاً تنفسّ الصعداء والوصول إلى «الحقوق». بالقرب من مدخل الكليّة، تتمركز بعض المقاهي حيث طاولات الـ«Baby foot» و«الليخة» والشطرنج وغيرها. تدخل الكليّة، تتخطى الملعب الأمامي إلى الكافيتريا التي تفصل بينها وبين غرفة الهيئة الطلابية طاولتا كرة طاولة يزدحم حولهما عدد من الطلاب. أمام مدخل الهيئة علّق صليب؛ «ليس تعصباً أو تشدداً، لكن لم ننزعه منذ عيد الميلاد وقد حان آوانه مع حلول هيدا الفصح»، يقول رئيس الهيئة جوزيف كرم.
يضم مكتب «الهيئة» بضع طاولات متوسطة الحجم، وخمسة خزانات خشبية، تهاوى باب أحدها أمس. تغيب التجهيزات «الضرورية»، فلا كومبيوتر ولا آلة تصوير. ثم إنّك لا تتبين هوية الهيئة من الملصقات أو الصور على الجدران. وحدها الموسوعة الخاصة بـ«الحكيم» على أحد الرفوف تعطي صبغةً غير مباشرة عن الهيئة الطلابية. وعندما تسأل عن رزمة الأعلام القواتية التي «تحتجز» رقعةً صغيرة في إحدى زوايا المكتب، يسارع كرم إلى التأكيد أنّ الأعلام لن ترفع في الهيئة بل سيستعان بها في نشاط غد (اليوم)، رفضاً لقرار منع العمل السياسي.
تتألف الهيئة التي ينتخبها نحو 1800 طالب، من ثلاثين مندوباً ينتمون إلى «القوات اللبنانية» و«الكتائب» و«التجمّع الطلابي المستقل». وتحظى «القوات» بستة مقاعد من أصل 12 مقعداً في اللجنة الإدارية، فيما تتوزع باقي المقاعد على الكتائب (أربعة مقاعد) والمستقلين (مقعدان).
يرى كرم أنّ الهيئة الطلابية مؤسسة قائمة بحد ذاتها تمتلك شخصيةً معنويةً، «ولا يقتصر عملها على توفير المطبوعات للطلاب» بل تمتد مسؤولياتها من «تقديم الاستشارات للطلاب إلى تنظيم النشاطات الثقافية والأكاديمية والترفيهية والرياضية». وتتنوع مصادر تمويل الهيئة بين المساهمات التي يدفعها الطلاب للهيئة عند التسجيل في الكلية، وعائدات النشاطات التي تنظمها الهيئة ومنها السهرات والمسابقات الثقافية والرياضية.
من جهة ثانية، يشير كرم إلى أنّ طباعة المقررات لم تعد من مسؤولية الهيئة، بعدما تسلّم قسم المطبوعات في إدارة الكلية هذه المهمة، لافتاً إلى أنّ أفراد الهيئة يؤدون دور الوسيط بين قسم المطبوعات والطلاب. ويتحدث كرم عن وضع التجهيزات في الهيئة الذي يشبه وضع الجامعة عموماً، متمنياً أن تتحسّن الأوضاع في المستقبل.
وبالنسبة إلى منع النشاطات السياسية في كل فروع الجامعة اللبنانية، يؤكد كرم أنّ الهيئة تعنى بتنظيم النشاطات السياسية من ندوات ومحاضرات «ليس بهدف توجيه الطلاب بل لتقديم ثقافة عامة لطلاب الكلية». وطالب كرم رئاسة الجامعة بإلغاء القرار المتعلّق بـ«العمل السياسي» خلال فترة الانتخابات الطلابية أو حتى التراجع عنه نهائياً، باعتبار أنّ «الطلاب شريحة مثقفة وواعية تستطيع تحويل الاستحقاق الانتخابي إلى معركة ديموقراطية».
ومن أهم الإنجازات التي تحدث عنها كرم منع الملصقات والشعارات الحزبية داخل الكليّة، حتى داخل مكتب الهيئة، إذ إنّ «الجامعة للجميع وعدد المناصرين لا يتعلق بعدد الصور الملصقة» التي وصفها كرم بـ«الرجعية». وفي هذا الإطار، قال كرم إنّ الهيئة تكفّلت أيضاً بإزالة بعض الشعارات الخاصة بالتيار الوطني الحر وبعض الأطراف الأخرى، من على الحائط الخارجي للكليّة «الذي طرشناه».




هيئة شرعيَّة وهيئة ظلّ

يشعل تحديد إدارة الفرع الثاني للحقوق الموعد الانتخابي في 27 نيسان الجاري التنافس السياسي مجدداً رغم القرارات السابقة الصادرة عن رئاسة الجامعة التي تمنع النشاطات السياسية وتسمح بإجراء الانتخابات الطلابية.
وكان عميد الكليّة جورج شرف قد عمد في العام الماضي إلى فصل انتخابات الدراسات العليا عن باقي السنوات الدراسية في الكليّة. وقد قاطع كل من «التيار الوطني الحر» و«الحزب الشيوعي» الانتخابات لسببين رئيسيين: توقيت إجراء العملية الانتخابية والاعتراض على النظام الانتخابي.
وبعد انسحاب الطرفين المعارضين من الانتخابات، احتلت القوات اللبنانية وحلفاؤها مقاعد الهيئة الطالبية بشكل كامل. في المقابل، شكّل «الشيوعي» و «التيار» هيئة ظل بهدف مراقبة عمل الهيئة، وهي الأولى من نوعها في كليات الجامعة اللبنانية. وتألّفت هيئة الظلّ من خمسة عشر طالباً، 3 للشيوعي و12 للوطني الحر. وقد قدّم «الشيوعي» والتيار» طعناً إلى هيئة القضايا العليا في الجامعة اللبنانية نظراً لما حدث من خرق قانوني في الانتخابات، لم تعرف نتيجته بعد.
يرى رئيس الهيئة الطلابية في الفرع الثاني جوزيف كرم أنّ الحجج التي قاطع «التيار» والأطراف الأخرى على أساسها الانتخابات، «واهية ولا أساس لها من الصحة»، فهم تلطَّوا خلف الأسباب لإخفاء أمور أخرى «كخلافات أو ضعف تمثيلي في سنوات معيّنة أو حسم النتيجة مسبقاً لصالحنا». ويعتمد كرم في تحليله على أنّ «التيار» وحلفاءه لم يبدوا إلى الآن أي معارضة لإجراء الانتخابات علماً بأنّ «النظام لم يتغيّر والتوقيت هو نفسه في 27 نيسان كما في العام الماضي». ينطلق نائب رئيس خليّة «القوات» جان بدوغليان من التحليل ذاته، إلا أنه يرحّب بمشاركة «التيار» التي من شأنها إكمال الصورة الديموقراطية، مشيراً إلى أنّ التحضيرات قائمة، إلا أنّ القرار «الرئاسي» يمنع الاستعدادات البديهية للانتخابات.
من جهة ثانية، يرى مندوب «التيار» جاد غصن «أنّنا وجدنا والأطراف المعارضة أنفسنا تحت الأمر الواقع ومجبرين على المشاركة في الانتخابات». ويلفت غضن إلى أنّ «التيار» بانتظار البيان المالي للهيئة «حيث يحكى أنه يوجد سرقات». ويصف الهيئة الحالية بـ«الخمولة»، «حتى أنها لم تتحرك بعد ضد قرار منع النشاطات السياسية».