strong>طرابلس - رولا حميد
تحدّث تقرير خبير تخمين محلّف أن ما يشبه الـ«تسونامي» قد اقتحم طوابق قصر عدل طرابلس، الذي بات يمثّل خطراً على الموجودين فيه، ويتطلب إعادة تأهيل كاملة. هذا في وقت تستمر فيه المطالبة بتأهيله والإسراع في بناء قصر عدل جديد من دون استجابة من السلطات المعنية

«قصر العدل في طرابلس قصر منكوب» وتتساقط المياه على «رئيس محكمة الجزاء ومساعديه عند انعقاد الجلسات». هذا بعض ما ورد في تقرير أعده خبير التخمين المحلّف عبد الرحمن الأفيوني، الذي كلفته نقابة محامي طرابلس، في العاشر من شهر شباط الماضي، الكشف على مبنى قصر عدل طرابلس ووصف وتحديد الأضرار الناتجة من تسرب مياه الأمطار الى داخله.
فقد أجرى الأفيوني كشفاً بالتاريخ ذاته، حيث «كان المطر في الخارج متوقفاً وكان سقف الطابق الثاني ممطراً في الداخل»، ووضع، بناءً على الكشف، تقريراً وصف فيه حالة طوابق قصر العدل الثلاثة. وكانت النتيجة أن الأضرار اللاحقة بالطابق العلوي الثاني «خطرة وكبيرة ومضرّة ولا تحتمل أو تطاق»، أما أضرار الطابق العلوي الأول فـ«كبيرة ومؤذية وخاصة من الجهة الغربية»، فيما اقتصر نصيب الطابق الأرضي من الأضرار على «المحدود جداً» منهافالطابق الثاني، الذي يضم مكاتب الرئيس الأول ومكاتب جميع القضاة المعتمدين في طرابلس والشمال، «يعاني طوفاناً دائماً ومستمراً خلال فصل الشتاء»، حسب ما ورد في التقرير، الذي يضيف إن «مياه الأمطار تتدفق (لا تتسرب) الى داخله بغزارة من كامل السقف ومن الجدران الخارجية».
ويصف التقرير أروقة الطابق وممراته بـ«بحيرات دائمة تغطي أرضها مياه الأمطار المتساقط من الأسقف والجدران»، وإن من يجول فيه «بحاجة إلى مظلة تحميه من تساقط المياه».
ورأى الخبير في تقريره أن «تجمّع المياه الكبير على السطح يؤثر في سلامة المبنى، والمياه المتراكمة والموزعة على الأروقة والغرف والممرات تؤثر في سلامة وصحة القضاة والموظفين».
أما في الطابق الأول، فيذكر التقرير أن المياه «تتساقط من سقفه على رئيس محكمة الجزاء ومساعديه عند انعقاد الجلسات مما يسبب تعطيلاً لها في بعض الحالات». كما أن تسرب المياه إلى قلم المحكمة المذكورة «أصاب الخزائن والملفات المحفوظة داخلها».
لكنّ الأضرار اللاحقة بالطابق الأرضي محدودة جداً ولم تؤثر سلباً في سير أعمال المحاكم. فهذا الطابق يعاني فقط «بعض البقع المائية الواسعة المساحة أمام قلم دائرة التنفيذ وأمام قلم النيابة العامة».
ويخلص التقرير إلى أن «النش الظاهر والعفونة المتكونة والمياه المتساقطة من سقف الطابق العلوي الثاني وجدرانه هي سبب الواقع الأليم القائم داخل قصر العدل، وهي سبب كل الأضرار الظاهرة. وهو بحاجة، بشكل عاجل، الى عملية إعادة تأهيل كاملة حتى تعود اليه دورة العمل، وخاصة أن هذا العلوي الثاني يضم مكاتب الرئيس الأول وأكثرية قضاة طرابلس والشمال».
نقيب المحامين
وفي تعليق له على وضع قصر العدل، يقول نقيب محامي طرابلس عبد الرزاق دبليز «إن النقابة طالبت وزارة الأشغال وغيرها بتحسينه، وقد تبين وجود عقد نفقة بقيمة 550 مليون ليرة لبنانية لتحسين القصر وتأهيله، لكن النفقة لم تنفذ لغاية اليوم». وأضاف إن النقابة «لا تزال تطالب بالإنجاز السريع لقصر العدل الجديد، لأنه القصر الأساس الذي يحل المشكلة. وهذه المطالبات وُجهت إلى وزير الأشغال العامة والنقل، وستنقل قريبا إلى رئيس الحكومة ووزير المالية». وشدد دبليز «على هذه النقطة الجوهرية التي تؤمن شيئاً من الإنصاف للمتقاضين والقضاة».
ورأى دبليز أن التأخير في إنجاز قصر العدل الجديد «مرتبط بالتمويل. فهناك تأخير بالنسبة إلى المتعهدين بحوالى مليون دولار لم تدفع لغاية تاريخه وتحاول النقابة، قدر المستطاع، معالجة هذا الموضوع عبر المطالبة المتكررة».
وكان النقيب السابق للمحامين فادي غنطوس قد أمل أن لا يستمر بناء قصر العدل الجديد عشر سنوات، بسبب البيروقراطية والتقصير في دفع مستحقات المتعهدين.
ويبدو أن مخاوف النقيب غنطوس قد تحققت، وخاصة أن قطعة الأرض، التي بدأ البناء عليها، اختيرت في مطلع التسعينيّات ثم استُملكت وأطلقت وعود كثيرة بالحرص على البناء بأقصى سرعة، إلى أن اتُّخذ قرار بناء قصر العدل الجديد في عهد وزير العدل الأسبق سمير الجسر ووزير الأشغال الأسبق نجيب ميقاتي، ثم وضع حجر الأساس عام 2003. ومنذ ذلك التاريخ، استمرت أعمال البناء بشكل متقطع، ودخل العامل السياسي لينعكس سلباً على هذا المشروع المتعلق بحاجات المواطنين، علماً أن أغلب السياسيين الشماليين قد وضعوا تنفيذ المشروع في برامجهم السياسية ووعودهم الانتخابية.
وتجدر الإشارة إلى أن أي تقدم في البناء لم يحصل منذ أن نشرت «الأخبار» تحقيقاً مصوراً عن قصر العدل الجديد في 13 أيلول 2006.
ولا يرى المواطنون في الشمال، وخاصة المحامين والقضاة والمتقاضين، إلا حقيقة وحيدة، وهي أن البناء متعثر، ولا أمل لديهم بإمكان تسريع عملية البناء وفق روزنامة زمنية محددة.
وبعد هذا التقرير، لا بد من إخراج الحديث عن ضرورة تسريع بناء قصر العدل الجديد في طرابلس من دائرة الترف الذي يطلق في المناسبات، أو من استغلال بعض المسؤولين حين يضعون برامجهم السياسية والانتخابية، لأن منطقة الشمال بحاجة الى قصر عدل يليق بالسلطة القضائية في البلاد.