طارق ترشيشي
ليس في الافق ما يشير الى معالجة قريبة للأزمة بين فريقي السلطة والمعارضة، وكل الدلائل تشير إلى أن الأزمة تتجه نحو مزيد من التعقيد مع اقتراب استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، خصوصاً اذا ما استمر التوتر بين واشنطن وكل من دمشق وطهران.
حتى الآن لم تتزحزح الاكثرية عن رفضها اعطاء المعارضة ما تسميه «الثلث القاتل»، وبلغت قمة هذا الرفض بقول النائب سعد الحريري ان القبول بحكومة 19 + 11 «انتحار سياسي». وفي المقابل، فإن المعارضة المستمرة في اعتصامها المفتوح، تؤكد أنها لن تقبل بحل لا يعطيها اقل من الثلث الضامن في حكومة تتشارك القرار فيها مع الاكثرية.
في ظل هذا التباعد بين المواقف ترتفع وتيرة المخاوف من احتمال دخول لبنان جولة جديدة من العنف السياسي تنعكس سلباً على الاوضاع الامنية التي تتهددها العبوات غير المعدة للتفجير التي يُعثر عليها بين حين وآخر، وما يُحكى عن «تسلح» في بعض المناطق استعداداً لمواجهةٍ ما نتيجة انسداد الآفاق أمام معالجة الأزمة.
في ضوء هذه التطورات ترى اوساط سياسية متابعة أن لبنان في نيسان 2007 يقف امام ثلاثة خيارات: تكرار نيسان 1975 المشؤوم، الدخول تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة عبر بوابة المحكمة الدولية، الدخول السياسي السوري في اطار تسوية للأزمة.
والتساؤل المطروح هو: هل تجعل نتائج قمة الرياض التي استبعدت تعديل المبادرة العربية للسلام، الى جانب الأزمة الايرانية ـــ البريطانية، مضافاً إليها ما يبدو أنه تباين سياسي اميركي في الموقف من سوريا وبقاء الجيش الاميركي في العراق، من لبنان متنفساً لتبادل الاوراق السياسية، او ساحة لتسجيل النقاط في «الكباش» الدائر بين المشروع الاميركي والقوى المعارضة له؟
ثمة من يرى أن هذه التطورات تجعل لبنان على عتبة خيارين نتيجة ما ستؤول اليه المحادثات الاميركية ـــ السورية عبر رئيسة مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي من جهة، وما ستؤول اليه المفاوضات البريطانية ـــ الايرانية من جهة أُخرى. والخياران هما:
ـــ نجاح الحوارات المزدوجة، وهو ما سيجعل لبنان على عتبة «دخول سوري» على خط الحل السياسي شبيه بالتدخل العسكري خلال «حرب السنتين» بموافقة عربية وأميركية. أما اذا فشلت، فإن لبنان قد يكون على عتبة اتون نزاع أمني جديد لا تزال واشنطن، حتى اللحظة، تتجنبه لأنها وحلفاءها في لبنان والمنطقة لن يكونوا في منأى عن ناره.
ـــ لجوء واشنطن الى الضغط على دمشق عبر التحرك السياسي لقوى 14 آذار على طريقة التحرك النيابي، اضافة الى التهويل بإقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع، في وجه الممانعة السورية لتلبية المطالب الاميركية على جبهات لبنان وفلسطين والعراق، وهو ما قد يقود الى تفجيرات امنية يكون لبنان مسرحاً اساسياً لها بين نيسان الجاري وحزيران المقبل، وعلى اساس نتائجها يتبلور شكل الحل اللبناني من انتخابات رئاسة الجمهورية الى قانون الانتخابات.
والنقطة الاساس في هذه المرحلة هي تسليم الجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة، بعدم امكان تغييب الدور السوري في الحل اللبناني، وهو ما تعمدت واشنطن وحلفاؤها تجاوزه خلال العامين الماضيين. لكن السؤال يبقى: هل ينجو لبنان من الصدمات الامنية، أم أنه سيدفع ثمن المماطلة الاميركية والغربية في الاعتراف بالواقع الجيو سياسي للمنطقة؟